قالت شركة "كنتري غاردن"، أحد أكبر مطوري العقارات في الصين، إنها أنفقت من النقدية المتاحة لديها ما تصل قيمته إلى 7.6 مليارات دولار في النصف الأول من العام، ما يشير إلى تفاقم أوضاع قطاع العقارات المأزوم حالياً.
وأصدرت الشركة تحذيراً للمستثمرين في بورصة هونغ كونغ، أمس الخميس، تقول فيه إنه من المحتمل أن تسجل خسارة تتراوح بين 45 و55 مليار يوان صيني (حوالي 6.2 مليارات دولار إلى 7.6 مليارات دولار) للأشهر الستة حتى يونيو/حزيران 2023.
ويقارن ذلك بأرباح نحو 1.9 مليار يوان (264.3 مليون دولار)، خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ويكشف هذا التحذير التحديات المالية الحالية التي تواجهها "كنتري غاردن"، عملاق العقارات الذي يقوم ببناء آلاف المنازل سنوياً في جميع أنحاء الصين.
وتحمل "كنتري غاردن"، التي توظف حوالي 300 ألف شخص، في جعبتها أعباء ديون هائلة، تقترب من ديون "إيفرغراند"، مجموعة التطوير العقاري صاحبة أعلى مديونية في العالم، والتي تعرضت لأزمة كبيرة، هزت معها القطاعين العقاري والمصرفي الصيني، اعتباراً من عام 2021.
وفي الأسابيع الأخيرة، أصبحت "كنتري غاردن" أحدث علامات الأزمات الاقتصادية في الصين، بعد أن أصبحت على شفا حفرة التخلف عن السداد، باعتراف مسؤوليها، وتعمل الآن على إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وبحسب "سي أن أن" تراجعت أسهم "كنتري غاردن" بنسبة 8.7% في بورصة هونغ كونغ اليوم الجمعة، بعد تحذيرها من الخسارة. ونقلت شبكة الأخبار الصينية Yicai، عن مصادر لم تسمها، أن الشركة تستعد حالياً لإعادة هيكلة الديون.
وأوضحت "كنتري غاردن" أنها تعتزم "تقييم تنفيذ تدابير لإدارة الديون"، وامتنعت عن تقديم أية تفاصيل إضافية، مشيرة إلى اعتمادها على فريق عمل جرى تكوينه مؤخراً لمواجهة الأزمة والتحديات التي تواجهها.
ومع انتصاف تعاملات الجمعة في بورصة هونغ كونغ، تراجع سهم "كنتري غاردن" إلى مستوى قياسي بلغ 95 سنتاً (0.95 دولار هونغ كونغي)، أي أقل من أدنى مستوى سابق له عند 98 سنتاً، والذي جرى تسجيله في أكتوبر/تشرين الأول 2008، في ذروة الأزمة المالية العالمية.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صعدت "كنتري غاردن" المخاوف من عدم سدادها دفعتين من كوبونات السندات، وفقاً للمحللين المتابعين أسهم الشركة. وأثار فشل الشركة في السداد مخاوف بشأن التزاماتها المالية الإجمالية، التي تراكمت لتصل إلى 1.4 تريليون يوان (حوالي 194 مليار دولار) في نهاية العام الماضي.
وتستحق بعض ديون الشركة، حوالي 4.3 مليارات دولار من السندات الداخلية والخارجية، أو تصبح " قابلة للسداد" وفق عقود الخيارات، بحلول نهاية عام 2024، ما يعني أن الشركة سيتعين عليها الوفاء ببعض الالتزامات تجاه حملة السندات، وفقاً لوكالة موديز.
وبالنسبة للفترة المتبقية من العام الحالي، كتب جيف زانغ المحلل في مورنينغ ستار في تقرير له، أمس الخميس، أن "كنتري غاردن" تحتاج إلى الوفاء بما لا يقل عن 137 مليون دولار من مدفوعات فوائد السندات حتى نهاية عام 2023.
وأدت أخبار المدفوعات المتأخرة إلى تخفيض تصنيف الشركة، حيث خفضت وكالة موديز تصنيفها الائتماني من B1 إلى Caa1 يوم الخميس، وهو مستوى يشير إلى "أخطار عالية للغاية" في الاحتفاظ بديونها. وسيؤدي ذلك التصنيف المنخفض إلى زيادة تكاليف التمويل للشركة.
وعلق كافين تشانغ، نائب رئيس موديز، في تقرير له، قائلاً إن تخفيض التصنيف يعكس مشكلات التدفق النقدي في "كنتري غاردن"، في ضوء السيولة المتراجعة، واحتياجات إعادة التمويل الكبيرة، وتعثر الوصول إلى التمويل.
وأضاف أن التوقعات السلبية تعكس حالة عدم اليقين بشأن قدرة "كنتري غاردن" على خدمة التزامات ديونها، بما في ذلك مدفوعات القسائم، في الوقت المناسب خلال 6-12 شهراً القادمة".
وقال تشانغ أيضاً إنه يعتقد أن المدفوعات المتأخرة "قد لا تكون حدثاً منفرداً". ورجح في هذا الصدد أن تتخلف "كنتري غاردن" عن السداد.
وأرجعت الشركة الخسائر المتوقعة في النصف الأول من العام إلى مجموعة من العوامل، من بينها التراجع العام في مبيعات العقارات، وانخفاض هوامش الربحية، وفقاً للبيانات الصادرة الأسبوع الماضي، حيث انخفضت مبيعات المنازل الجديدة لأكبر 100 مطور في الصين بنسبة 33% في يوليو/تموز مقارنة بالعام السابق، نتيجة الأوضاع الصعبة على مستوى سوق العقارات.
وذكرت "كنتري غاردن" أنها تستخدم كل الوسائل المتاحة لاتخاذ تدابير الإنقاذ الذاتي، ومع ذلك، فقد أقرت بأن "السوق لم تنتعش بعد، بل إنها تتراجع، كما أن ثقة سوق رأس المال تتطلب وقتاً لاستعادتها".