ليبيا: عجز حكومي عن صدّ الدولار في السوق السوداء

04 ابريل 2021
ارتفاع أسعار مختلف السلع مع تخفيض سعر الدينار (فرانس برس)
+ الخط -

تبنت الحكومة الليبية السابقة، سيناريو التعويم الجزئي للدينار، بعدما خفّضت سعره بشكل حاد وصلت نسبته إلى 220% أمام الدولار الأميركي مطلع العام الجاري، في خطوة لتوحيد سعر الصرف في الأسواق، ووقف المضاربات المحمومة في العملات الأجنبية، إلا أنّ المضاربات واصلت سطوتها، بينما تستمر الصعوبات المعيشية لكثيرين في ظلّ الغلاء.

وانخفض سعر الدينار في السوق الرسمية إلى 4.48 دنانير للدولار الواحد مقابل 1.4 دينار للدولار سابقاً، بينما يصل في السوق الموازية (السوداء) إلى 35 ديناراً، وفق متعاملين في سوق الصرف.

ويقول أحمد أبولسين، مدير مركز "أويا" للدراسات الاقتصادية، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ الاقتصاد الليبي يسير في طريق نضوب احتياطي النقد الأجنبي، بينما "لن يستطيع المصرف المركزي الدفاع عن العملة المحلية".

يضيف أبولسين: "تخفيض سعر الدينار لم يوقف السوق السوداء، بل يواصل الدولار ارتفاعه، وهو ما يعني ارتفاع معدلات التضخم بشكل أكبر، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل الفقر بين الأسر".

وتراجعت احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي من 134 مليار دولار نهاية عام 2010 إلى 54 مليار دولار في نهاية العام الماضي، وفقاً لمدير مكتب محافظ المصرف المركزي، عبد اللطيف التونسي، في تصريح لـ"العربي الجديد".

ووفق بيانات صادرة عن البنك الدولي، فإنّ 53% من سكان ليبيا يعيشون تحت خط الفقر، كما أنّ ليبيا تعيش أسوأ أزماتها المالية.

ويقول الخبير الاقتصادي عطية الفيتوري لـ"العربي الجديد" إنّ الدول التي خفّضت قيمة عملتها لم تتمكن من رفعها مرة أخرى، مشيراً إلى أنّ هذا الواقع أضحى مرتبطاً بليبيا في ظلّ عدم كفاية السيولة الدولاية لدى المصرف المركزي لمواجهة أيّ طلب على النقد الأجنبي.

وبينما تسبب انخفاض العملة المحلية في ضغوط معيشية، تتجه حكومة الوحدة الوطنية إلى اتخاذ إجراءات إضافية تراها ضرورية للإصلاح الاقتصادي منها إلغاء دعم المحروقات واستبداله بدعم نقدي، الأمر الذي اعتبر خبراء أنه قد يزيد سوء الأوضاع المعيشية في ظلّ الظروف الراهنة.

ووفق بيان صادر عن رئيس مجلس الوزراء، عبد الحميد دبيبة في نهاية مارس/ آذار الماضي، تقرر تشكيل لجنة لتحديد مصير رفع الدعم عن المحروقات، من أجل وقف الهدر المالي في هذا القطاع.

ومع القلق المتزايد من اندفاع الدينار نحو مزيد من التراجع واتباع سياسات للتخلص من الدعم ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات، تواصل شرائح من أصحاب المدخرات ورؤوس الأموال اكتناز الدولار، باعتباره ملاذاً آمناً للحفاظ على قيمة مدخراتهم.

ويقول المواطن عزالدين أبوعجيلة: "الدينار في تراجع مستمر ولا ثقة في عودته للصعود، لذلك أحرص على تحويل مدخراتي إلى الدولار".

ويؤكد خبراء أنّ التوجه نحو دولرة السوق يعدّ أكثر خطورة على الاقتصاد من تأثيرات الصراعات، نظراً لتداعياته على العملة الوطنية وجعلها مرتهنة لأسعار العملات الأجنبية التي تصبح متحكمة في كلّ شيء، لا سيما أسعار السلع والخدمات الضرورية للحياة.

لكنّ تقارير إعلامية ليبية، كشفت مؤخراً عن مشاورات تجري بين مسؤولي البنك المركزي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية بشأن "تخفيض سعر صرف الدولار إلى 3.5 دنانير، بدلاً من السعر الحالي والمحدد بـ 4.48 دنانير للدولار الواحد".

المساهمون