مصر: إقبال ضعيف على شراء الشهادات الدولارية يعكس أزمة ثقة بالاقتصاد

27 يوليو 2023
شكوك حول شهادات الإيداع بسبب تدهور الجنيه وقوة الدولار (Getty)
+ الخط -

تواجه شهادات الادخار الجديدة بالدولار، "الأهلي فوراً، والأهلي بلس، والقمة، وإيليت" الصادرة عن بنكي الأهلي ومصر بعائد سنوي 7% إقبالا ضعيفاً من قبل المتعاملين، مع أكبر ذراعين ماليين للحكومة. ووصفت مصادر بنكية الطلب على شراء شهادات الادخار، بأنه "محدود للغاية"، وذلك بعد مرور يومين على إطلاق الشهادات.

وأعربت مصادر عليمة بالبنك الأهلي لـ"العربي الجديد"، عن أملها أن يبدأ الزخم على طلب الشهادات، الأسبوع القادم، مشيرة إلى تلقي استفسارات واسعة حول مميزات الشهادات، بما يبشر برغبة الكثيرين في التعامل عليها.

وأعد البنكان حملة إعلامية مكثفة، تنشر مطلع الأسبوع المقبل، في وسائل الإعلام المحلية، لجذب حائزي الدولار، على التعامل مع الشهادات، التي جاء الإقبال عليها في المرحلة الأولى من الطرح مخالفاً لتوقعات قيادات البنكين الكبيرين.

فسر محللون ضعف الإقبال على شراء شهادات الادخار، لطرحها أثناء إصدار الفيدرالي قرارا برفع سعر الفائدة على الدولار

وفسر محللون ضعف الإقبال على شراء شهادات الادخار، لطرحها أثناء إصدار البنك الفيدرالي الأميركي قرارا برفع سعر الفائدة على الدولار، ليصل إلى 5.5%، ليصبح جذب حائزي الدولار أكثر صعوبة، خاصة من المستثمرين العرب والأجانب، والمصريين المقيمين والعاملين في الخارج.

وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد" وجود مخاوف لدى العملاء من عدم قدرتهم على سحب قيمة الشهادات بالدولار، عند حلول موعدها، في ظل استمرار أزمة شح الدولار لدى الحكومة، وتأثيرها سلباً على أصحاب الودائع الخاصة بالبنوك.

وبينت المصادر أن ضعف الإقبال خلال اليومين الماضيين يعكس حالة الترقب لدى أصحاب المدخرات الذين يحتفظون بالدولار، في منازلهم بعيداً عن القنوات الرسمية.

بالإضافة إلى انخفاض قيمة العائد بالجنيه على الدولار، في حالة النظر إلى قيمته بالسوق الموازية، عند 38 جنيها للدولار بالمتوسط، ووجود توقعات بتصاعد التضخم الأساسي، الذي يفوق حالياً 40%، وفقاً للبنك المركزي، بما يهدر قيمة العائد التراكمي المدفوع مقدماً بالجنيه على الشهادات، والمحدد بنسبة 27% لمدة 3 سنوات.

وتشير المصادر إلى تركيز البنوك على جذب مدخرات وتحويلات المصريين العائدين من الخارج، خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، التي اتجهت 25% منها إلى مسارات غير بنكية، مع تزايد سعر الصرف في السوق الموازية عن البنوك، والذي تراوح بين 12% و20%، منذ فبراير/شباط الماضي، لافتة إلى ابتعاد رجال الأعمال عن المخاطرة بمدخراتهم في شراء الشهادات، في ظل احتياجات واسعة لتمويل مستلزمات الإنتاج والتشغيل ومعاناة أصحاب الشركات والموردين، من ندرة العملة الصعبة، في البنوك وشح العرض في السوق الموازية حالياً.

البنك الأهلي يتوقع أن تجذب الشهادات الجديدة 4 مليارات دولار، من السوق الموازية والمخزنة بالبيوت

وبينت المصادر أن قصر القروض التي سمح البنكان لحائزي الشهادات بالحصول عليها بقيم تصل إلى 3 ملايين جنيه، على تمويل شراء عقارات وسيارات، عن طريق البنوك، تمثل عقبة في زيادة مبيعات الشهادات، خوفاً من القيود البيروقراطية والمغالاة في أسعار المنتجات المعروضة أمام العملاء.

وتوقع محمد بدرة خبير التمويل والاستثمار في تصريحات صحافية أن تتيح الشهادات الجديدة فرصة لجذب عملاء جدد إلى القطاع المصرفي، أملاً في احتفاظهم بحصيلتهم الدولارية، مع توفير سيولة بالجنيه، تمكنهم من تصريف أعمالهم، واحتياجاتهم اليومية.

وعلى النقيض من ذلك يبدي محللون نظرة تشاؤمية حول قدرة البنوك على تحقيق اختراقات واسعة بين حائزي الدولار، في ظل مشهد قاتم للاقتصاد، وتعدد الأزمات المالية والفنية التي يشهدها المجتمع، دون أن تتمكن الحكومة من مواجهتها بسبب نقص العملة الصعبة، وعدم وجود مصادر لتوليد الدولار، بما يثير الخوف لدى المتعاملين مع البنوك، من استخدام الحكومة لهذه الموارد، دون إذن من أصحابها.

ويؤكد محللون ماليون لـ"العربي الجديد" أن ضبابية المشهد أوجدت أزمة ثقة بين الحكومة والمواطنين، أثرت بشدة على سمعة المؤسسات المالية، رغم وجود قوانين تضمن حقوق المودعين بالبنوك، من البنك المركزي، حيث أصبحت مشكلة انهيار المصارف اللبنانية بارزة في عيون حائزي العملة الصعبة، يصعب تغيير مشهدها دون عودة الثقة المفقودة بين المواطنين والحكومة بشان قدرتها على الخروج من الأزمات التي تمر بها الدولة.

وكان البنك الأهلي قد طرح شهادتي ادخار لمدة 3 سنوات، الأولى "الأهلي بلس" لمدة 3 سنوات، بسعر عائد سنوي 7%. يصرف العائد بذات العملة كل 3 أشهر.

وتبلغ مدة الشهادة الثانية "الأهلي فوراً" 3 سنوات، بعائد سنوي 9%، مقدماً بالجنيه المصري عن الفترة كلها، لتصل إلى 27%. وطرح بنك مصر شهادتي ادخار "القمة" بعائد 9% سنويا يصرف بالجنيه، مقدماً بنسبة 27%، و"إيليت" ذات عائد 7%، بعائد ربع سنوي بالدولار. وسمح البنكان ببيع الشهادة للمصريين والأجانب.

وبعد دعوته حملة الدولار، أن يذهبوا بما لديهم من مدخرات إلى البنوك لشراء الشهادات، دون أن يسأل أحد عن مصدر أموالهم يتوقع يحيى أبو الفتح نائب رئيس البنك الأهلي أن تجذب الشهادات الجديدة 4 مليارات دولار، من السوق الموازية والمخزنة بالبيوت، لتصب في البنوك والقنوات الرسمية.

وتدرس بنوك خاصة طرح شهادات مماثلة لإصداري البنكين الأهلي ومصر، يتوقع الإعلان عنها خلال أيام.

المساهمون