أمضى رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي ليلة سعيدة، في أعقاب نجاحه في تمرير تشريع تعليق سقف الدين في مجلس النواب، حيث اعتبرت الموافقة انتصاراً كبيراً للقيادي الجمهوري، في أول اختبار حقيقي له مع البيت الأبيض.
ويوم الأربعاء، نجح مكارثي، الذي احتاج 15 تصويتاً ليتمكن من الوصول إلى زعامة حزبه في مجلس النواب، في قيادة مشروع القانون الذي توصل إليه بالتنسيق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه، للحصول على الموافقة بأغلبية كبيرة.
ووافق مجلس النواب على تعليق سقف الدين البالغ 31.4 تريليون دولار حتى أوائل عام 2025، أي بعد انتهاء انتخابات الرئاسة الأميركية، مقابل كبح جماح الإنفاق الفيدرالي.
ويتجه مشروع القانون، الذي تمت صياغته في محادثات متقطعة مع البيت الأبيض، إلى مجلس الشيوخ، على أمل الحصول على موافقتهم عليه قبل موعد الخامس من يونيو/حزيران، الذي يفترض أن يمثل أول تهديد للولايات المتحدة بالتخلف عن ديونها، وفقاً لوزيرة الخزانة جانيت يلين.
وفي فبراير/ شباط الماضي، قدم زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، توقعًا جريئًا بشأن الحزب الجمهوري وسقف الدين، مؤكدًا أنهم لا يعتقدون أن لدى الحزب الجمهوري خطة يمكن أن تمر في مجلس النواب.
وأصر على أن البيت الأبيض لن يتفاوض مع مكارثي بشأن زيادة سقف الدين، وأن الكونغرس في النهاية سيزيد الحد الأقصى للاقتراض، دون أي شروط على الإطلاق.
وأكد بايدن بعد فترة أن الحزب الجمهوري يأخذ الاقتصاد الأميركي والأميركيين "رهائن"، مشيراً في نفس الوقت إلى أن سياسة أميركا الدائمة هي أنها لا تتفاوض مع محتجزي الرهائن.
ومع ذلك، تمكن مكارثي في النهاية من إقرار مشروع قانون في أبريل/نيسان بأصوات الجمهوريين فقط في مجلس النواب، قبل أن يتعثر في مجلس الشيوخ، ثم أجبر مكارثي الرئيس جو بايدن لاحقًا على التفاوض حول تعليق سقف الدين مع خفض الإنفاق، فيما اعتبر "تنازلاً كبيراً" من بايدن وحزبه.
ومساء الأربعاء، صوت مجلس النواب لصالح اتفاق مكارثي-بايدن بأغلبية 314-177، حيث حظي مكارثي بدعم 149 جمهوريًا في مجلس النواب، أي أكثر من نصف الكتلة الجمهورية، بالإضافة إلى دعم 165 ديمقراطيًا.
وعندما سئل عن منتقدي هذا المشروع، قال مكارثي بحماس "إنهم مخطئون".
وتعد تلك المعركة الديمقراطية إحدى أطول معارك رئيس المجلس في التاريخ، حيث فاجأ مكارثي الجميع بالتعامل الناجح مع كتلته المنقسمة إيديولوجياً، متجاوزاً كل العقبات التي اعترضت طريق الاتفاق، على مدار الأشهر الخمسة الأخيرة.
وقال مكارثي في مؤتمر صحافي بعد التصويت مساء أمس الأربعاء إنه كان يفكر في هذا اليوم لأنه كان يعلم أن أزمة سقف الدين قادمة، وأراد أن يصنع لنفسه تاريخاً، على حد تعبيره.
وبعد تمرير مشروع سقف الدين، قال النائب الجمهوري كين باك من كولورادو لشبكة "سي أن أن" إن الجمهوريين المحافظين في مجلس النواب سيجرون مشاورات تهدف إلى عزل مكارثي خلال الأسبوعين المقبلين.
وقال باك، الذي عارض اتفاق سقف الدين للصحافيين، إنه تلقى مكالمات من ناخبيه الغاضبين يطالبونه بإقالة مكارثي من رئاسة المجلس، بل إنهم على حد تعبير باك طالبوا بـ"طرد مكارثي".
وكان نفس الجمهوريين الذين رفضوا التصويت لصالح مكارثي في محاولته الأولى لتولي رئاسة المجلس في يناير/كانون الثاني يعارضون الاتفاق الذي توصل إليه، معتبرين أنه لم ينجح في الحد من الإنفاق أو توفير انتصارات سياسية رئيسية للجمهوريين. وتحدث العديد منهم علنًا عن انتقالهم للمطالبة بإقالة مكارثي بسبب هذا الاتفاق.
ومع ذلك، لم تظهر بعد أية مؤشرات على أن الجمهوريين المحافظين سيسعون فعليًا لإقالة رئيس المجلس.
وبعد تجاوز المواجهة، أصبح مكارثي جاهزًا للفصل التالي من الصراع، والخاص باسترضاء اليمين المتطرف الغاضب منه بسبب الصفقة.
ولكسب ثقة بعض منتقديه، تعهد مكارثي بتشكيل لجنة من الحزبين للعمل على كبح جماح العجز الهائل في الموازنة، مشيراً إلى استمرار مواجهاته مع الديمقراطيين في معارك التمويل الحكومية القادمة.
ورغم أن الاتفاق الذي مر بمجلس النواب يبدو وكأنه قد زاد من انقسام الجمهوريين، إلا أن مكارثي خرج منه متمتعاً بحرية التحول نحو المزيد من الإجراءات الموحِدة، من خلال مواصلة الهجوم على إدارة بايدن بدلاً من إبرام صفقات معها.
من ناحية أخرى، احتفلت أسواق الأسهم الأميركية بنجاح الاتفاق في مجلس النواب، حيث ارتفعت المؤشرات الرئيسية خلال تعاملات الساعات الأولى، مضيفة أكثر من 1% لقيمتها قبل الإعلان عن الموافقة على الاتفاق.
وأضافت أسهم شركات أبل وأمازون وغوغل أكثر من 1.25% لقيمتها، بينما قفز سهم شركة إنفيديا بأكثر من 5%، قبل انتصاف تعاملات يوم الخميس.