ارتفاع الدولار يفرض مزيداً من الضغوط على السلع

ارتفاع الدولار يفرض مزيداً من الضغوط على السلع

09 نوفمبر 2014
تسهيلات البنوك العالمية تدعم وتقوي الدولار (أرشيف/getty)
+ الخط -

لا تزال أسعار السلع ترزح تحت الضغوط عبر كافة القطاعات، بسبب استمرار الدولار في الارتفاع، بينما لم تلق التوريدات المرتفعة في العديد من السلع الرئيسية، بدءاً بالطاقة ومروراً بالمعادن وانتهاء بالطعام، ارتفاعاً مماثلاً في الطلب. في حين بقيت النظرة المستقبلية بخصوص النمو العالمي ضعيفة، لا سيما في أوروبا والصين.  

وسجلت عدة سلع، مثل خام الحديد والنفط الخام والذهب، انخفاضات قياسية جديدة، في الوقت الذي يسيطر فيه المضاربون على حركة السعر حتى الآن. في حين اقترب مؤشر سلع بلومبيرج الخاص بعدد 22 من السلع الرئيسية من أدنى مستوى له في خمس سنوات، قبل أن يساعد الارتفاع الدراماتيكي في الغاز الطبيعي على إنعاش المؤشر.

ويشكل قطاع المعادن الثمينة الضربة القاضية للأسبوع الثاني على التوالي، مع استمرار بيع الذهب والفضة، بعد الاختراق التقني تحت 1180 دولارا للأونصة على الذهب. في حين انخفضت كافة السلع الاستهلاكية، يقودها السكر، جراء العرض الوفير. بينما أدى الدولار القوي، بالإضافة إلى زوال تفوق الإيبولا، إلى هبوط الكاكاو إلى أدنى مستوياته في ستة أشهر.

وانخفضت الحبوب كذلك بعد خمسة أسابيع من الأرباح؛ نظراً لبدء التوريدات الأميركية القياسية في ضرب السوق، في الوقت الذي توقعت فيه منظمة الزراعة والغذاء التابعة للأمم المتحدة بأن يصل الاحتياطي العالمي من الحبوب إلى أعلى معدلاته في 15 سنة خلال عامي 2014/2015؛ مما قد يؤدي إلى فرض ثقل على سعر المحاصيل الرئيسية كالذرة والقمح.

وأعطى جدول الأداء الفردي صورة واضحة للزخم السلبي الشامل الذي تشهده السلع في الوقت الراهن، في حين تعرضت معظمها إلى الخسائر خلال الأسبوع الماضي، ما عدا الغاز الطبيعي الذي شكل استثناء؛ إذ انتعشت العقود المستقبلية الحالية الخاصة بالتسليم في شهر ديسمبر منذ 28 أكتوبر/تشرين الأول، في الوقت الذي يعيدنا فيه الوصول المبكر للشتاء إلى ذاكرة ارتفاعات السعر التي شهدناها في شهر يناير/كانون الثاني عندما تسبب الطلب القياسي على الغاز إلى هبوط المخزونات إلى مستويات منخفضة مزعجة.  

من المتوقع أن يضرب تيار هوائي قوي أو دوامة قطبية الولايات المتحدة في الأسبوع القادم؛ مما قد يتسبب في انخفاض درجات الحرارة تحت معدلها الطبيعي بست درجات مئوية على الأقل، وبالتالي زيادة الطلب على الغاز الطبيعي بصورة حادة، بوصفه يستخدم في تدفئة نصف المنازل في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من تعويض معظم الغاز الذي تم استهلاكه خلال برد الشتاء القارس، إلا أن عودة الطقس البارد تحت المعدل الطبيعي تثير المخاوف حول تكرار الشتاء الماضي مرة أخرى.  

هل تعود الدوامة القطبية؟ 

قيّمت شركة بلاناليتيكس، وهي شركة مختصة بالأرصاد الجوية، أن الدوامة القطبية الأخيرة قد كلفت اقتصاد الولايات المتحدة 5 مليارات دولار.

ورزح النفط الخام تحت ضغط بيع متجدد، مع استمرار ارتفاع العرض أسرع من الطلب؛ حيث قلصت منظمة أوبك، في كتابها توقعات النفط العالمية السنوي الذي تصدره، التوقعات بشأن المقدار الذي تحتاج المنظمة إلى توريده إلى عام 2035، منوهةً إلى أن ازدهار النفط الصخري المستمر، خصوصاً في الولايات المتحدة، هو السبب الرئيسي وراء هذه التوقعات.  

وعلى الرغم من ذلك، استطاعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت، إيجاد الدعم بسبب المخاوف حول قدرة ليبيا على الحفاظ على مكاسب إنتاجها الحالي، بعدما توقف الإنتاج من أكبر حقل نفطي لديها بصورة مؤقتة، بسبب هجوم المليشيات عليه. في حين ارتفعت المخزونات الأسبوعية في الولايات المتحدة في هذه الأثناء أقل من المتوقع، بسبب ارتفاع الطلب على المصافي، على عكس التوقعات، لأول مرة منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وربما تكون هذه أول إشارة على بدء الارتفاع الموسمي الأول في الطلب.

سيحظى اجتماع منظمة أوبك المزمع عقده في 27 نوفمبر/تشرين الثاني باهتمام كبير؛ نظراً للتحدي الذي تواجهه المنظمة في الوقت الحالي؛ حيث تنتج منظمة أوبك ما يقارب 30.5 مليون برميل يومياً؛ في الوقت الذي تتوقع فيه وكالة الطاقة الدولية أن تكون الحاجة حوالى 29.3 مليون برميل يومياً فقط طوال عام 2015، وبالتالي يبدو التخفيض بمعدل مليون برميل يومياً ضرورياً من أجل استقرار الأسعار، بما أن غياب التحرك يحمل في طياته خطر هبوط النفط أكثر مما هو عليه في واقع الحال.

يشكل الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق بين القوى الست الكبرى وإيران حول برنامجها النووي الذي يصادف في 24 نوفمبر/تشرين الثاني تاريخاً مهماً آخر لأسواق النفط واتجاه السعر على المدى القصير. ويمتلك الرئيس أوباما، الذي يحتاج إلى قصة نجاح بعد الفشل في الانتخابات النصفية، حافزاً قوياً لدفع المفاوضات باتجاه نتيجة ناجحة. وبالتالي قد يتسبب رفع العقوبات المحتمل في زيادة حادة في الصادرات الإيرانية، بما أنها ستصر على استعادة حصة السوق التي خسرتها بسبب العقوبات المفروضة عليها منذ 2012.

وصل خام غرب تكساس الوسيط منطقة مهمة من الدعم قبل انخفاض 2011 عند 75 دولارا للبرميل. وعلى الرغم من بقائه حبيس الميل السلبي، نعتقد أن مجمل مرحلة البيع قد أصبحت خلفنا الآن. ويمكن حدوث انتعاش جدي فقط عندما يبدأ فائض العرض الحالي في التراجع؛ سواء عبر تقليص العرض و/أو زيادة الطلب. وبالتالي وفي الوقت الذي نتوقع فيه بقاء سعر خام غرب تكساس الوسيط فوق 75 دولارا للبرميل، يحتاج إلى اختراق فوق 80 دولارا قبل أن تعيده التغطية القصيرة إلى المقاومة عند عتبة 83 دولارا للبرميل.

ما يزال الذهب المتداول بالدولار يعاني من التأثير المعاكس لارتفاع الدولار، وهبوط أسعار الطاقة، ومع هبوط أسعار السلعة، تهبط كذلك ضغوط التضخم.

ومن أجل تجنب مصيدة الانكماش، فإن الزيادات في التيسير الكمي من أمثال البنك المركزي الأوربي وبنك اليابان تقدم مزيداً من الدعم للدولار.

أصبح ذلك الآن حلقة مفرغة، يحاول الذهب والفضة الهروب منها، مما أدى نتيجة لذلك إلى هبوط المعدنين إلى أدنى مستوى لهما منذ 2010.

تسبب الشراء الفعلي من الصين في توقف انخفاض الذهب في الربع الثاني من السنة الماضية في نهاية المطاف. ولم نر حتى الآن أية علامة على ارتفاع مماثل في الطلب، مع ثبات أسعار العقود العاجلة في تداول بورصة شنغهاي للذهب بالنسبة إلى بورصة لندن مقارنة بالفرق الذي شهدناه الشهر الماضي. ومن دون حدوث ارتفاع في الطلب الفعلي، يبقى المضاربون هم من يمتلك زمام المبادرة، تاركين احتمال الصعود محدوداً؛ نظراً لأن الانتعاشات ستكون بمثابة فرصة أخرى للبيع.

سيؤدي التراجع فوق 1180 دولارا للأونصة إلى جولة رئيسية من التغطية القصيرة، وتدل بالتالي على تراجع باتجاه موقف محايد، في الوقت الذي تحول فيه الاهتمام من الاستفتاء على الذهب السويسري المقرر بتاريخ 30 نوفمبر بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تلاشي الدعم الذي تلقاه هذه المبادرة والذي كان من المحتمل أن يقدم دفعة قوية إلى سعر الذهب. 


المصدر: ساكسو بنك

المساهمون