"توك توك" المغرب.. ملاذ الفقراء لمواجهة البطالة

18 مارس 2015
"التوك توك" ملاذ العاطلين بالعديد من الدول العربية (أرشيف/getty)
+ الخط -

يبدي الشاب المغربي، عبدالإله منضور، الكثير من الإعجاب بدراجته ثلاثية العجلات "التوك توك"، يحتد عندما يصفها أحدهم بالدراجة الصينية، ويرفض الإشارة إلى أن عمرها الافتراضي لا يتعدى بضعة أعوام، مثل جميع السلع الآتية من ذلك البلد الآسيوي.

لا يعدم الحجة على قوة دراجته، وينهمك في تلميع زجاجها، في انتظار أن يطلب أحدهم خدماته

في سوق "القريعة" التجاري، الذي يشهد نشاطا كبيرا في الدار البيضاء.

كما الكثير من الشباب الذي ضاق ذرعا بالبطالة والحاجة، وحسب قول منضور لـ"العربي الجديد"، أكد أنه اهتدى قبل أربعة أعوام، إلى شراء دراجة ثلاثية العجلات، ينقل بواسطتها الأفراد الذين لا يجدون وسيلة نقل في الصباح كي يلتحقوا بمقرات عملهم، ثم يأتي إلى السوق، يركن دراجته في انتظار نقل سلع التجار إلى وسط المدينة، حيث يؤتمن عليها كي يسلمها إلى أصحاب شاحنات يتولون نقلها إلى زبائن لهم في مدن أخرى.

وفي الإحصائيات الرسمية، ارتفع معدل البطالة في المغرب عام 2014، إلى 9.9% من إجمالي القوة العاملة، مقارنة مع 9.2% في عام 2013.

وأثارت تلك الدراجات انتباه سكان الدار البيضاء في الخمس سنوات الأخيرة. تنقل الخضر والأسماك والدجاج إلى الباعة في الأسواق المنتشرة في الأحياء الشعبية. بعضهم يضع كراسيا في خلفية الدراجات، من أجل نقل العمال ومشجعي فرق كرة القدم المتوجهين إلى الملعب. في الصيف تراها تجوب الشارع المحاذي للشاطئ كي تحمل العائدين إلى منازلهم. وتجدها حتى في المناطق الصناعية التي تنقل إليها العمال والعاملات.

وهي حالة محمد كوطو، الستيني، الذي اشترى دراجة ثلاثية العجلات، بحثا عن مصدر رزق إضافي يتيح له تلبية حاجيات أسرته، في ظل معاش ضعيف حصل عليه من اشتغاله سائقا في إحدى شركات صناعة الأحذية، وعمل كوطو على "التوك توك" الذي اجتاح شوارع الدار البيضاء، ليساهم في حل مشكلة النقل في تلك المدينة مترامية الأطراف، خاصة في الضواحي.
 
يغضب المارة أحياناً من بعض أصحاب تلك الدراجات، فهم لا يلتزمون بقوانين السير، ولا يراعون الطاقة الاستيعابية لتلك الدراجات، حيث تنوء بمناسبة مباريات كرة القدم مثلا، تحت ثقل الركاب.

لكن عبدالعالي عزيزي، البائع المتجول، يعتبر أن تلك الدراجات، كانت الملاذ الأخير للكثيرين ممن لم يجدوا فرصة عمل أو عانوا ضيق ذات اليد، فقد اجتذبت العاطلين الذين يئسوا من الحصول على عمل والمتقاعدين الباحثين عن مصدر رزق إضافي يعوض ضعف معاشهم، والساعين وراء فرصة أخيرة كي يؤمنوا دخلا يقيهم مذلة السؤال، خاصة أن أغلب من سألتهم "العربي الجديد" يؤكدون أن تلك الدراجات تدر عليهم ما بين 10 و15 دولارا في اليوم.

في غالب الأحيان تقترض الأسر الفقيرة كي تؤمن لأبنائها ثمن تلك الدراجة ثلاثية العجلات. يؤكد حسن الكوشي، لـ"العربي الجديد"، أن والدته اضطرت إلى اقتراض 1600 دولار من مؤسسة للقروض الصغرى، كي تؤمن له سعر الدراجة.

يوضح أنه عندما حلم بشرائها، كان يريد فقط تقليد بعض أبناء حيه، لكن عندما اقترضت والدته، أحس بمسؤولية كبيرة، ويشدد على أن المنافسة كبيرة بين أصحاب تلك الدراجات من أجل الفوز بزبائن، لكنه يعتبر أن هناك متسعا للجميع في السوق.

غير أن بعض أصحاب سيارات "الهوندا"، الذين كانوا يختصون وحدهم بنقل السلع والأفراد، مع سائقي سيارات التاكسي، لا ينظرون بعين الرضا إلى الدراجات ثلاثية العجلات. عزيز الزموري الذي يسوق سيارة "هوندا" منذ عشر سنوات، يعتبر أن أصحاب الدراجات يقبلون أسعارا تقل عن تلك المعمول بها في السوق. لكن الزموري لا يملك سوى التسليم بأن تلك

الدراجات أضحت واقعا في شوارع الدار البيضاء والمدن المغربية الكبيرة.

هذا ما يشاطره الشاب أحمد الكوشي، الذي يؤكد أن تلك الدراجات ساهمت في إنقاذ عدد من الشباب من العطالة. غير أنها لم تعد تستعمل فقط لنقل السلع والأفراد، فهناك من اهتدى إلى تحويل خلفيتها إلى محل لبيع وجبات سريعة أو ملابس.

الكثير من أصحاب الدراجات، يحملونها ما لا تطيق، فتتداعى بسرعة، كي يشرعوا في لوم المنتج الصيني، كما هو حال عزيز عبار، الذي يؤكد أن عيوبها ظهرت بعد سنة من شرائها. لكن ما يخيف المراقبين من ظاهرة هذه الدراجات، كون التأمين الخاص بها لا يشمل سوى شخصين، علماً أن عدد ركابها قد يصل إلى عشرة في بعض الأحيان.


اقرأ أيضاً:
المغرب يترقب 170 ألف فرصة عمل في 2015

المساهمون