لم تكن بائعة المناديل، سمية محمود، تدرك أنها على موعد مع أرصفة القاهرة، مع وفاة زوجها قبل عقد من الزمن، لتتحمل أعباء أربعة أبناء في دولة يقل التكافل الاجتماعي فيها للأسر المعيلة عن عشرين دولاراً.
ولا تجد السيدة الأربعينية ما تجده مثيلاتها من حرج في اتخاذ الأرصفة مصدراً للرزق، قائلة: بعد وفاة زوجي، العائل الوحيد للأسرة، وانقطاع المدد المالي من الأقارب، لم يكن أمامي سوى الخروج للعمل، من أجل أن يكمل أبنائي تعليمهم".
نظرة تفحص لقيمة المناديل التي تعرضها سمية على بسطة أقل من نصف متر، عند محطة مترو المعادي جنوب القاهرة، كافية للدلالة على براثن الفقر المدقع التي تعيشها البائعة صحبة أبنائها. ومع ذلك تُبدي اعتزازاً بـ "تجارتها" عند تحدثها لـ"العربي الجديد"، قائلة، إن هذه الكميات القليلة من المناديل تكفيها شر مد يدها للغير أو اللجوء للأقارب للإنفاق على أسرتها.
ولدى سمية، مواعيد عمل خاصة، فهي تبدأ دوامها من الساعة السادسة صباح كل يوم، قبل خروج الطلاب إلى جامعاتهم والموظفين إلى أعمالهم، وحتى الخامسة عصراً موعد خروج العمال والطلاب.
وذكرت أن دخلها يبلغ نحو 60 جنيهاً يومياً (8 دولارات)، من بيع المناديل الورقية وبعض الأغراض المتعلقة بأدوات المنزل، كأدوات النظافة والزينة، حيث تفترش الرصيف جوار بائعي الفاكهة قرب محطة مترو الأنفاق.
"مات زوجي قبل 10 سنوات، وكان يعمل موظفاً في البلدية، ومعاشه بالكاد يكفي لسداد الإيجار الشهري للشقة. حصلت على بعض المال من الأقارب والأهل لمساعدتي عقب وفاته مباشرة، لكن هذا الدعم أخذ في الانخفاض بشدة، مما أجبرني على الخروج للعمل، فليس عيباً". هكذا تلخص سمية قصتها التي تشبه إلى حد كبير مأساة 6 ملايين بائع متجول في مصر.
وقالت إنها عملت في أكثر من حرفة خلال السنوات العشر الماضية من وفاة زوجها، حيث عملت حارسة لأحد العقارات بالقرب من سكنها في البداية في منطقة حلوان، ثم عملت بائعة للخبز، إلا أن عملها في بيع المناديل وأدوات النظافة والزينة للمنازل أكثر ربحاً من وجهة نظرها. وأشارت إلى أن عملها يكفيها، فهي تنفق على أسرتها المكونة من ثلاثة أولاد وبنت. يبلغ عمر أكبرهم 17 عاماً الآن، وهو في المرحلة الثانوية.
وتمثل المرأة العاملة أكثر من 24% من إجمالي الأيدي العاملة في مصر، والتي تبلغ 27 مليون فرد قادر على العمل.
وتقول الحكومة إنها تستهدف زيادة عدد المستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي إلى 2.8 مليون شخص مقابل 1.5 مليون في العام المالي الماضي.
اقرأ أيضا: الركين..مهنة الأثرياء الجدد في القاهرة
ورغم أن سمية، في العقد الرابع من عمرها الآن، تقول مبتسمة "لم ينقطع الرجال عن طلب يدي للزواج، إلا أني أحب أولادي، وسأكون لهم حتى نهاية عمري، إلى أن أراهم رجالاً يعتمدون على أنفسهم، وأرى ابنتي في بيت زوجها، عندها سأكون وفيت حقهم، ويبقى لي أن أحج إلى بيت الله".
ولدى سمية ولدان في المرحلة الإعدادية، أما ابنتها التي ولدت قبل عام من وفاة أبيها فهي في المرحلة الابتدائية. وقالت، إن نفقات أولادها في ارتفاع مستمر مع غلاء المعيشة، خصوصاً خلال الفترة الأخيرة، سواء من مواصلات، أو الغذاء أو الدروس الخصوصية.
وتقول، إنها تريد أن يكمل أولادها تعليمهم حتى التخرج من الجامعة، وألا ينشغل أبناؤها بمساعدتها، خصوصاً وأن أكبرهم يعمل في الصيف بائعاً في أحد محلات الملابس.
وتروي سمية، مغامراتها مع البلدية التي تتولى القبض على الباعة الجائلين بتهمة إشغال الطرق، قائلة، إن البائعين في الشارع مع شرطة المرافق يبدون وكأنهم "قط وفأر" من شدة المطاردات، فكلما جاءت الشرطة، فر الباعة، وبمجرد أن تذهب الشرطة، يعود الباعة إلى مواقعهم ويستأنفون عملهم.
وبلهجة المغلوب على أمره، قالت سمية "منين نصرف على أولادنا لو لم نكن نعمل. نسرق؟ ولا نسيب أولادنا في الشوارع؟ ولا نبيع شرفنا؟". وأوضحت أن سكان الحي يتعاطفون معها، ويشترون منها أغراضهم المختلفة، خصوصاً بعد علمهم أنها العائل الوحيد لأربعة أطفال، فضلاً عن المساعدات التي يوفرها ميسورو الحال مثل الأغذية واللحوم والملابس.
ولم تنجح سمية، في تطوير تجارتها، إذ رفضت إدارة الحي طلبها ببناء كشك لبيع السجائر والمناديل، بحجة أن الشارع مزدحم.
أكثر ما يزعج سمية، هو ألا تساعدها صحتها في فترات المرض أو الظروف الطارئة، في النزول إلى الشارع لطلب الرزق، فهي العائل الوحيد لأسرتها ولا أحد يعوضهم عن أي يوم لا تخرج فيه للعمل.
اقرأ أيضا: بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها
ولا تجد السيدة الأربعينية ما تجده مثيلاتها من حرج في اتخاذ الأرصفة مصدراً للرزق، قائلة: بعد وفاة زوجي، العائل الوحيد للأسرة، وانقطاع المدد المالي من الأقارب، لم يكن أمامي سوى الخروج للعمل، من أجل أن يكمل أبنائي تعليمهم".
نظرة تفحص لقيمة المناديل التي تعرضها سمية على بسطة أقل من نصف متر، عند محطة مترو المعادي جنوب القاهرة، كافية للدلالة على براثن الفقر المدقع التي تعيشها البائعة صحبة أبنائها. ومع ذلك تُبدي اعتزازاً بـ "تجارتها" عند تحدثها لـ"العربي الجديد"، قائلة، إن هذه الكميات القليلة من المناديل تكفيها شر مد يدها للغير أو اللجوء للأقارب للإنفاق على أسرتها.
ولدى سمية، مواعيد عمل خاصة، فهي تبدأ دوامها من الساعة السادسة صباح كل يوم، قبل خروج الطلاب إلى جامعاتهم والموظفين إلى أعمالهم، وحتى الخامسة عصراً موعد خروج العمال والطلاب.
وذكرت أن دخلها يبلغ نحو 60 جنيهاً يومياً (8 دولارات)، من بيع المناديل الورقية وبعض الأغراض المتعلقة بأدوات المنزل، كأدوات النظافة والزينة، حيث تفترش الرصيف جوار بائعي الفاكهة قرب محطة مترو الأنفاق.
"مات زوجي قبل 10 سنوات، وكان يعمل موظفاً في البلدية، ومعاشه بالكاد يكفي لسداد الإيجار الشهري للشقة. حصلت على بعض المال من الأقارب والأهل لمساعدتي عقب وفاته مباشرة، لكن هذا الدعم أخذ في الانخفاض بشدة، مما أجبرني على الخروج للعمل، فليس عيباً". هكذا تلخص سمية قصتها التي تشبه إلى حد كبير مأساة 6 ملايين بائع متجول في مصر.
وقالت إنها عملت في أكثر من حرفة خلال السنوات العشر الماضية من وفاة زوجها، حيث عملت حارسة لأحد العقارات بالقرب من سكنها في البداية في منطقة حلوان، ثم عملت بائعة للخبز، إلا أن عملها في بيع المناديل وأدوات النظافة والزينة للمنازل أكثر ربحاً من وجهة نظرها. وأشارت إلى أن عملها يكفيها، فهي تنفق على أسرتها المكونة من ثلاثة أولاد وبنت. يبلغ عمر أكبرهم 17 عاماً الآن، وهو في المرحلة الثانوية.
وتمثل المرأة العاملة أكثر من 24% من إجمالي الأيدي العاملة في مصر، والتي تبلغ 27 مليون فرد قادر على العمل.
وتقول الحكومة إنها تستهدف زيادة عدد المستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي إلى 2.8 مليون شخص مقابل 1.5 مليون في العام المالي الماضي.
اقرأ أيضا: الركين..مهنة الأثرياء الجدد في القاهرة
ورغم أن سمية، في العقد الرابع من عمرها الآن، تقول مبتسمة "لم ينقطع الرجال عن طلب يدي للزواج، إلا أني أحب أولادي، وسأكون لهم حتى نهاية عمري، إلى أن أراهم رجالاً يعتمدون على أنفسهم، وأرى ابنتي في بيت زوجها، عندها سأكون وفيت حقهم، ويبقى لي أن أحج إلى بيت الله".
ولدى سمية ولدان في المرحلة الإعدادية، أما ابنتها التي ولدت قبل عام من وفاة أبيها فهي في المرحلة الابتدائية. وقالت، إن نفقات أولادها في ارتفاع مستمر مع غلاء المعيشة، خصوصاً خلال الفترة الأخيرة، سواء من مواصلات، أو الغذاء أو الدروس الخصوصية.
وتقول، إنها تريد أن يكمل أولادها تعليمهم حتى التخرج من الجامعة، وألا ينشغل أبناؤها بمساعدتها، خصوصاً وأن أكبرهم يعمل في الصيف بائعاً في أحد محلات الملابس.
وتروي سمية، مغامراتها مع البلدية التي تتولى القبض على الباعة الجائلين بتهمة إشغال الطرق، قائلة، إن البائعين في الشارع مع شرطة المرافق يبدون وكأنهم "قط وفأر" من شدة المطاردات، فكلما جاءت الشرطة، فر الباعة، وبمجرد أن تذهب الشرطة، يعود الباعة إلى مواقعهم ويستأنفون عملهم.
وبلهجة المغلوب على أمره، قالت سمية "منين نصرف على أولادنا لو لم نكن نعمل. نسرق؟ ولا نسيب أولادنا في الشوارع؟ ولا نبيع شرفنا؟". وأوضحت أن سكان الحي يتعاطفون معها، ويشترون منها أغراضهم المختلفة، خصوصاً بعد علمهم أنها العائل الوحيد لأربعة أطفال، فضلاً عن المساعدات التي يوفرها ميسورو الحال مثل الأغذية واللحوم والملابس.
ولم تنجح سمية، في تطوير تجارتها، إذ رفضت إدارة الحي طلبها ببناء كشك لبيع السجائر والمناديل، بحجة أن الشارع مزدحم.
أكثر ما يزعج سمية، هو ألا تساعدها صحتها في فترات المرض أو الظروف الطارئة، في النزول إلى الشارع لطلب الرزق، فهي العائل الوحيد لأسرتها ولا أحد يعوضهم عن أي يوم لا تخرج فيه للعمل.
اقرأ أيضا: بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها