عمال تونس يتخوفون من شراكة القطاعين العام والخاص

17 سبتمبر 2015
مظاهرات عمالية سابقة في تونس (أرشيف/Getty)
+ الخط -

لن يتأخر البرلمان في المصادقة على مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص على الرغم من معارضة بعض الأطراف داخل البرلمان وخارجه هذا القانون الذي أوصت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في زياتها الأخيرة تونس بضرورة استعجاله.

وتبرر الحكومة موقفها الداعم لهذا المشروع أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص باتت متأكدة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للاستثمار العام، والتي تفترض توفير تمويل ضخم يفوق قدرات الموارد المالية العادية للدولة، كما لا يمكن للاقتراض تغطيتها نظراً للقيود المتعلقة بحجم الإنفاق في المالية العامة ونسبة العجز والدين العام.

وتقول الحكومة، إن هذا القانون سيمكن الدولة من تفويض القطاع الخاص بتنفيذ مشاريع بنية تحتية ومشاريع كبرى لضمان التمويلات الضرورية لها، فضلاً عما سيوفره القانون من التحكم في كلفة إنجاز المشاريع وتقاسم المخاطر بين القطاعين.

وتمثل نسبة الاستثمارات التي تنفذها الحكومة والقطاع الخاص في تونس نحو 80%، بينما تؤول النسبة المتبقية (20%) لصالح الاستثمارات الأجنبية.

غير أن رغبة الحكومة في الإسراع بتمرير هذا القانون تصطدم بموقف منظمة الشغالين (العمال) التي أعربت عن رفضها الشديد هذا المشروع، معتبرة أن الشراكة بين القطاع العام والخاص ستسهل عملية التفريط في المؤسسات العامة لصالح القطاع الخاص، وهو ما يرفضه الاتحاد العام التونسي للشغل رفضاً قطعياً.

ويصف عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، مولدي الجندوبي، هذا القانون بـ "المستورد"، معتبراً إياه لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي لتونس في المرحلة الحالية، وفق تصريحه لـ"العربي الجديد".

ولم تقتصر معارضة هذا القانون على منظمة الشغالين، حيث أعربت الجبهة الشعبية (اليسار العمالي) الممثلة في البرلمان بـ 14 مقعداً عن توجسها من المشروع على الرغم من إقرارها أهميته في إنجاز المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية والمشاريع الاستثمارية التي تعرف بطأ كبيراً في نسق الإنجاز في السنوات الأربع الأخيرة.

ويرى عضو البرلمان جيلاني الهمامي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن القانون يحتوي على عديد النقاط الغامضة، لا سيما المتعلقة بالمراقبة، معتبراً أن استعجال صندوق النقد الدولي المصادقة على هذا القانون بعلة الإسراع في الإصلاحات الاقتصادية يستدعي، أيضاً، وضع الشروط اللازمة لتأمين عقود الشراكة من الفساد في ظل غياب الرقابة.

وتجد الحكومة صعوبة في إنجاز العديد من المشاريع والاستثمارات المعطلة، ومنها ما رصد له موازنة منذ سنة 2012 بسبب صعوبة مواكبة العقود الحكومية المبرمة مع شركات المقاولات في تلك الفترة وضعف السلطة المحلية على مستوى المحافظات، وهو ما يجعلها تلح على الاستنجاد بالقطاع الخاص لتخفيف الضغط المسلط عليها.
 
وتعاني العديد من المحافظات ولاسيما الغربية منها، التي مهدت لانطلاق الثورة، من ضعف الاستثمارات وعزوف الباعثين الخواص على الإقبال عليها بسبب غياب البنى التحتية على غرار الطرقات السريعة وغيرها.

اقرأ أيضاً: تونس: موظفو الحكومة يتطلعون إلى زيادة جديدة في الرواتب

وتعمل الحكومة، حالياً، على إعداد وثيقة توجيهية للمخطط التنموي المقبل، خلال الفترة من عام 2016 إلى عام 2020 إضافة إلى التسريع في نسق إنجاز تنفيذ المشاريع المعطلة في المحافظات ذات الأولوية.

وبلغ عدد المشاريع المعطلة في المحافظات الداخلية حوالي 382 مشروعاً ما يمثل 87.2% من مجموع المشاريع المعطلة على المستوى الوطني، وتبلغ كلفتها 727 مليون دينار (382 مليون دولار).

ويرى نائب البرلمان عن حركة النهضة، محمد بن سالم، في رفض المشروع دون مناقشته نوعاً من التجني، مشيراً إلى ضرورة طرح المشروع في سياقه الاقتصادي ومناقشة جدواه مع كل الأطراف والابتعاد عن الأحكام المسبقة بأن القانون سيكرس هيمنة القطاع الخاص على العام، موضحاً أن القانون موجه أساساً نحو التنمية وبالأخص في المحافظات الداخلية.

وتحتاج الدولة وفق ما أكده لـ "العربي الجديد"، المختص في الشأن الاقتصادي ووزير الشؤون الاقتصادية السابق، رضا السعيدي، إلى إطار تشريعي ينظم علاقات الشراكة المبرمة مع القطاع الخاص بما يمكن من تبادل المنافع العامة.

ولفت السعيدي، إلى أن قانون الشراكة سيمكن من إنجاز المشاريع المخططة في آجالها المضبوطة مع تحقيق الفائدة للقطاع الخاص، وهو ما سيخفف من الضغط على ميزانية الدولة، ويمكن من التحكم في نسبة العجز العام المسجل ويفضي إلى تقليص الدين العام حسب تقديره.
 
وقدم رئيس الحكومة الحبيب الصيد للبرلمان قائمة تتضمن 5 من مشاريع القوانين تتعلق بإصلاحات اقتصادية تشترطها المؤسسات الدولية المقرضة.

وتطالب الحكومة، البرلمان باستعجال إصدار القوانين للحصول على سيولة مالية، فيما تلح مؤسسات القرض على المصادقة على هذه القوانين لتمكين تونس من الاعتماد المالي.

ويندرج مشروع قانون عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إطار خصخصة مرافق عمومية على مستوى الاستغلال من خلال التمويل المشترك بين القطاع العام والخاص لتلك المرافق مقابل نسب من عائدات الاستغلال.

ويطالب البنك الدولي بإقرار هذا المشروع كشرط لتمكين تونس من أقساط القروض التي أسندت لها.

ومنح صندوق النقد الدولي تونس مهلة لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاجها الاقتصاد قبل الحصول على القسط الأخير من القرض الائتماني المقدر بنحو 600 مليون دينار (315 مليون دولار)، من جملة 1.75 مليار دولار منحها الصندوق لتونس منذ 7 يونيو/حزيران 2013.

ويستعد مجلس إدارة الصندوق، نهاية سبتمبر/أيلول الجاري، لمناقشة المراجعة السادسة التي ستمكن تونس بعد المصادقة عليها من الحصول على قسط بقيمة 303.08 ملايين دولار، في حين يتم صرف القسم الأخير من هذا التمويل (حوالي 200 مليون دولار) عند استكمال الاتفاق في 31 ديسمبر/كانون الأول 2015.



اقرأ أيضاً: الصناديق الاجتماعية التونسية تنزلق نحو الإفلاس

المساهمون