فساد وزارات العراق يلتهم المليارات

05 سبتمبر 2015
تظاهرات عراقية ضد الفساد (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


يستمر الفساد الإداري والمالي ينخر المؤسسات الحكومية في العراق منذ 2003 وحتى اليوم دون رادعٍ قانوني.

وكانت كبرى عمليات الفساد في ملفات الأمن، كوزارتي الدفاع والداخلية، فضلاً عن ملفات الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها من الوزارات والمؤسسات، أسفرت عن هدر هائل للأموال، حتى وصلت خزينة الدولة إلى عجزٍ كبير، لتعلن كتل وأحزاب سياسية حاجة العراق إلى الاقتراض من البنك الدولي لسد احتياجات البلاد من السيولة النقدية.

وكان عام 2015 شهد صفقات أسلحة بين العراق وروسيا، أثارت الشبهات لدى المراقبين. وأبرمت وزارة الدفاع العراقية صفقة توريد 130 دبابة روسية مطلع 2015 مخصصة لحرب المدن و50 مدرعة مضادة للصواريخ فضلاً عن صواريخ مضادة للدروع و42 مضاد أرضي بالليزر.

وكانت قيمة هذه الصفقة، التي عقدها رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال زيارته لروسيا في مايو/ أيار من العام الجاري، قد بلغت 3 مليارات دولار، بحسب المصادر.

لكن خبراء عسكريين كشفوا أنَّ هذه الصفقات سبّبت هدراً للأموال العراقية، فكثير من تلك الأسلحة تحوّلت في ساحة المعركة إلى خردة بعد دخولها المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وخاصةً الطائرات المروحية والدبابات والدروع التي قيل عنها بأنها مقاوِمة للعبوات الناسفة وصواريخ الدروع، "لكن الحقيقة أنه لا توجد آلية تقاوم العبوات الناسفة شديدة الانفجار على الإطلاق، وهذه كذبة تسويقية يعرفها العسكريون تماماً".

ولا تشمل ملفات الفساد وزارة الدفاع فحسب، بل عصفت بوزارات الداخلية والزراعة والصناعة والتجارة، في دوامة لا تكاد تخرج منها البلاد حتى تقع في دوامة أخرى من الفساد.

اقرأ أيضاً: العراق يلغي عقود تسليح مشبوهة بقيمة 4 مليارات دولار

وكشفت مصدر رفيع في وزارة الداخلية، رفض الكشف عن اسمه، عن ملفات فساد كبيرة في الوزارة خلال عام 2015 شملت تجهيز الوزارة بأسلحة وأعتدة غير مطابقة للمواصفات المطلوبة وبقيمة مالية أعلى بكثير عن قيمتها الحقيقية، وأنَّ فارق السعر الذي قدمته الشركة المورّدة لوزارة الداخلية بلغ 140 مليون دولار.

كما كشفت اللجنة القانونية في وزارة الداخلية، في بيان سابق، أنَّ "الشركة التي تعاقدت معها الوزارة لتوريد أسلحة وأعتدة تم تسليمها عقد التجهيز دون دعوة شركات أخرى لإجراء تنافس في الأسعار، فيما كان الفارق السعري الذي قدمته الشركة 140 مليون دولار، فضلاً عن 5% لأحد كبار ضباط الوزارة، وتبيّن في ما بعد أنَّ هذه الشركة مختصة بالأعمال المدنية وليس لها صلة بالشؤون العسكرية".

ولا يختلف الحال في وزارتي الزراعة والتجارة عما هو عليه في الدفاع والداخلية، فعقود تجهيز المعدات والمستلزمات الزراعية فاحت رائحتها في أروقة المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.

وكان النائب عن التحالف الوطني أحمد الجلبي كشف في تصريح سابق، عن استيراد وزارة الزراعة لطائرات زراعية فرنسية غير مطابقة للمواصفات وبفارق سعري يختلف عن المدون في عقد التجهز، فيما تم رفع العقد إلى هيئة النزاهة ضد وزير الزراعة ووكيليه الإداري والمالي، بحسبه. فيما أثيرت عشرات ملفات الفساد حول وزارة التجارة منذ 2003 وحتى اليوم وكان من تلك الملفات خلال عام 2015 صفقة الرز الفاسدة.

وقال الباحث في الشؤون التجارية مضر الوائلي، إنَّ "كميات الرز الواجب توفيرها في مفردات البطاقة التموينية للمواطنين تقدّر بـ120 طن سنوياً، وهناك سياسيون يتخفّون خلف وسطاء ومساعدين لتمرير تلك الصفقات الفاسدة ليكونوا بعيدين عن الشبهات".

وأضاف الوائلي "يتلقى هؤلاء السياسيون عمولات خاصة بهم مقابل الصمت عن عدم صلاحية تلك المواد المستوردة، فضلاً عن أنَّ السعر المسجل في عقد الشراء يختلف عن السعر الحقيقي، ما يسبب خسارة البلاد لملايين الدولارات التي تتحوّل إلى فلل وقصور ومنتجعات سياحية لأولئك السياسيين في مختلف دول العالم".


اقرأ أيضاً: فساد العراق: الجيش والشرطة يفرضان إتاوات على الشاحنات

المساهمون