الضرائب تغذي الاقتصاد الموازي في الجزائر

21 أكتوبر 2016
الضرائب تُثقل كاهل المواطنين (Getty)
+ الخط -
لجأت الحكومة الجزائرية مؤخرا، إلى توسيع الوعاء الضريبي بصفة تدريجية، لتعويض الخسائر التي خلفها تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، ما أثار مخاوف مراقبين من تفاقم ظاهرة الاقتصاد الموازي التي تجد في الضغوط الجبائية محفزا جيدا، فضلا عن إثقال كاهل المواطنين بأعباء إضافية تتزامن مع انهيار قدراتهم الشرائية بفعل تهاوي قيمة العملة المحلية.
وسيجد المواطن الجزائري، نفسه في مواجهة ضغط ضريبي كبير بعدما اقترح نص قانون المالية للسنة القادمة، رفع ضريبة القيمة المضافة من 17 إلى 20%، وفرض ضريبة على بيع وإيجار العقارات بنحو 5%، يضاف إلى ذلك رفع ضريبة الطاقة المفروضة على الآلات والأدوات الكهربائية المستوردة التي تستهلك كثيرا من الطاقة.
وتزيد هذه الإجراءات، بحسب مراقبين، من الضغط الضريبي في البلاد، والذي بلغ ذروته في السنتين الماضيتين.
وتحتل الجزائر المرتبة 138 عالميا من حيث الضغط الضريبي، حسب آخر تقرير حول التنافسية في العالم، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في سبتمبر/أيلول الماضي.
وحسب المستشار السابق في وزارة المالية الجزائرية، عمر حداد، فإن "النظام الضريبي المُطبق في الجزائر يمتد من الفترة الاستعمارية، حيث نجد الكثير من الرسوم لا توجد اليوم إلا في فرنسا، وهي من طبقتها في الجزائر إبان احتلالها البلاد".
ويعتقد حداد بضرورة خفض معدل الضغط الضريبي، معتبرا أنه أمر لابد منه لامتصاص الآثار التي ترتبت عن انخفاض قيمة العملة الجزائرية، والتي تسببت بشكل آلي في رفع الأسعار داخليا، في دولة تستورد أغلب سلعها من الخارج.
وأدى تراجع قيمة العملة المحلية لزيادة معدلات التضخم، الأمر الذي انعكس على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو مبرر يراه حداد كافيا لتحرك الحكومة نحو خفض الضغط الضريبي.
وحول الضرائب الجديدة التي ستفرضها الحكومة الجزائرية مطلع العام المقبل 2017، قال حداد: "السياسات المالية والنقدية تبقى في الجزائر مجرد حلول ترقيعية ولا يمكن أن تقدم دفعا قويا لإخراج الاقتصاد الوطني من المستنقع الذي يعيش فيه، فهي تشبه المهدئات وأدوية تخفيض الحمى، والأصح أن يلجأ المسؤولون لمعالجة أصل الداء".
ويرى كثير من المراقبين أن الضغط الضريبي والجبائي في الجزائر، وإن كان يساعد الحكومة على زيادة الإيرادات العامة، إلا انه يحمل الكثير من السلبيات، منها إثقال كاهل المستهلكين في البلاد خاصة الطبقة المتوسطة، والأهم من ذلك تشجيع الاقتصاد الموازي.
ويقول الخبير الاقتصادي، جمال نور الدين، إن الضغط الضريبي ارتفع كثيراً في الجزائر بعدما أصبحت الإيرادات الضريبية تمثل حوالى 25% من الناتج الإجمالي المحلي، وهو من بين الأعلى في دول المنطقة خلف المغرب وتونس اللتين تملكان عملة قوية مقارنة مع الجزائر.
وأضاف نور الدين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الجزء الأكبر من الضغط الضريبي والجبائي يقع على كاهل المستهلكين أولا لأنهم يتحملون ثلث الضغط، ثم المؤسسات سواء كانت صناعية أو خدماتية.
ويعتبر الخبراء في مجال الضرائب في الجزائر، أن مشكلة النظام الضريبي تتمثل في عدة نقاط، منها وجود ضرائب "غير معللة" بالإضافة إلى عدم مساهمة جميع من يفترض فيهم دفع الضرائب في عمليات الدفع بسبب تعدد الإعفاءات أو التهرب، مما يرفع الضغط على المستهلكين والعمال وعدد قليل من الشركات.
ويعتبر مالك العوفي، وهو مدير شركة مختصة في صناعة العطور، وعضو في فيدرالية المؤسسات الجزائرية (تكتل يضم أرباب العمل)، أن المؤسسات والشركات في الجزائر تدفع كثيرا من الرسوم غير المعللة، والتي يكون لها أثر على سعر منتجاتها أو خدماتها في الأخير.
وضرب العوفي، لـ "العربي الجديد"، مثالاً على الرسوم على النشاط المهني، وهو رسم مفروض على حجم الأعمال المسجل، دون احتساب الرسوم الضريبية، مقدر بنحو 1% للمنتجين و2% لشركات الخدمات، وهي ضريبة لا تشجع النشاط الإنتاجي، وفق تعبيره. ويقول العوفي: "النظام الضريبي في الجزائر لا يزال حبيس البيروقراطية، التي شجعت على استفحال التهرب الضريبي أو العمل في الاقتصاد الموازي، وفي الأخير المواطن هو من يدفع الفاتورة غاليا لأنه الحلقة الأخيرة والأضعف في السلسلة لأنه المستهلك" .
ويقدر التهرب الضريبي في الجزائر بحوالى 9.2 ترليونات دينار (9 مليارات دولار) كضرائب غير محصلة. وقررت الحكومة استحداث آليات جديدة لتحصيل هذه الديون من خلال وضع جداول دفع وحسم بعض الديون المستحقة.



المساهمون