شركات واجهة تتحايل على قواعد الشفافية الجديدة في بريطانيا

15 اغسطس 2016
+ الخط -
يكشف تحليل أجرته وكالة "رويترز" للبيانات التي قدمتها شركات الواجهة أو الشركات الهيكلية عن احتمال قيام بعضها بالالتفاف على قواعد جديدة ترمي إلى الحد من الفساد والتهرب الضريبي من خلال إرغام الشركات على الكشف عن أصحابها الحقيقيين.

وأشاد مسؤولون بالحكومة البريطانية بهذه القواعد، التي بدأ سريانها، الشهر الماضي، باعتبارها خطوة رائدة على مستوى العالم في مجال الشفافية للتصدي للجريمة، وحثوا الدول الأخرى على الاقتداء بها.

ويقضي النظام الجديد أن يتضمن ما تقدمه الشركات البريطانية من بيانات عند تأسيسها، وفي كل عام يمر على تأسيسها بغرض توضيح التغيرات في هيكل ملكيتها ومجالس إدارتها، تفاصيل عن "الأشخاص النافذين".

ووفق موقع تابع للحكومة البريطانية، فإن الشخص النافذ هو من يحوز أكثر من 25% من الأسهم أو حقوق التصويت في الشركة أو يملك الحق في تعيين أو إقالة أغلبية أعضاء مجلس الإدارة.

وهذه عملية سلسة بالنسبة لأغلب الشركات.

غير أن بعض أصحاب الشركات يستخدمون وكلاء أو شركات واجهة لأغراض قد تكون مشروعة، غير أن حكومات ومؤسسات دولية، مثل البنك الدولي، تقول إن هذه الشركات يمكنها أيضاً أن تفرض ستاراً على الجرائم الدولية.

ومن بين 300 شركة واجهة خارجية (واجهة) حددتها "رويترز"، كان من المفترض أن تنشر 22 شركة قبل الآن معلومات عن ملاك الشركات المستفيدين، لأن تواريخ إعلان بياناتها صادف بدء سريان القواعد الجديدة منذ مطلع يوليو/تموز الماضي.

ولم تفعل ذلك سوى شركة واحدة من إجمالي هذه الشركات. وتكشف الأساليب التي تحايلت بها هذه الشركات، لتفادي ذلك، عن عدة ثغرات في القواعد الجديدة.

فقد قدمت 12 شركة منها بيان الملكية السنوي قبل سريان القواعد الجديدة في الأول من يوليو/تموز، وذلك رغم أن الذكرى السنوية لتأسيسها جاءت بعد ذلك التاريخ. وبهذا استطاعت تطبيق القواعد القديمة التي لا تلزمها بالكشف عن الملاك المستفيدين.

وقدمت شركات أخرى بياناتها متأخرة أو قالت إنه لا يوجد ملاك مستفيدون.

ومن الممكن أن يكون لشركات الواجهة أو الشركات الهيكلية أغراض قانونية مثل تسهيل النفاذ إلى الأسواق العالمية أو خدمة عملاء في دول عديدة، وليس في ذلك بالضرورة ما يشير إلى أي تعاملات غير سليمة.

وقال روبرت بالمر، مستشار السياسات في منظمة غلوبال ويتنس الحقوقية، إن البيانات تظهر أن الناس ربما يستطيعون الاختباء وراء شركات هيكلية رغم النظام الجديد.

وأضاف: "من أكبر أخطاء النظام البريطاني أنه قائم على التقدم الطوعي بالبيانات، ولدار الشركات (المسؤولة في بريطانيا عن سجل الشركات) موارد محدودة لملاحقة من لا يلتزمون بتقديم المعلومات أو يقدمون معلومات غير دقيقة".

ورداً على سؤال عن الوسائل التي تحايلت بها الشركات على القواعد الجديدة، قال دانييل موندين كبير المسؤولين الإعلاميين بإدارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية، التي تشرف على هذه العملية، إن تنفيذ النظام الجديد سيستغرق وقتاً.

وتابع: "هذه التغييرات ستضمن أن تكون الشركات أكثر شفافية بالكشف عمن يمتلكها فعلاً. وقد أوضحنا دائماً أن السجل العام لدار الشركات سيتزايد بمرور الوقت، ويكتمل بحلول يونيو/حزيران 2017".

"لابد أن نعرف"

قال البنك الدولي، في تقرير صدر عام 2011، إن الشركات الهيكلية البريطانية تحتل مكاناً بارزاً في قواعد البيانات لحالات الفساد الدولي، التي تولت وحدة مكافحة الفساد التابعة له جمعها.

وبعد عامين، كشف رئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، النقاب عن القواعد الجديدة التي ترمي إلى جعل بريطانيا أول مركز مالي كبير يفرض الكشف عن الملاك المستفيدين. وتبحث الولايات المتحدة حالياً اتخاذ خطوة مماثلة.

وقال كاميرون، في ذلك الوقت: "لا بد أن نعرف من يمتلك شركاتنا فعلاً ويتحكم فيها. ليس فقط من يملكها من الناحية القانونية، بل من يستفيد مالياً فعلاً من وجودها".

والشركات البريطانية، التي حددتها "رويترز"، هي إما شركات مسجلة في بريطانيا أو شركات ذات مسؤولية محدودة مديروها أفراد يقيمون في الخارج، ويمثلون شركات عديدة أو تنضوي تحت لوائها شركات مسجلة في مكاتب قانونية في مواقع ذات ضرائب منخفضة، مثل فانواتو وسيشل.

وليس لأي منها نشاط واضح في بريطانيا.

واثنتان من الشركات المعنية، وهما بيكنغ انفستمنتس وغلوبال كلاستر إنترناشيونال، تأسستا بعد الأول من يوليو/تموز المنصرم. ولم تسجل أي منهما الأطراف المستفيدة.

وامتنعت الشركتان عن التعقيب.

وسئلت جوان جونستون، المتحدثة باسم دار الشركات البريطانية عن البيانات، التي قدمتها الشركتان، فقالت: "من الممكن جداً ألا يكون لدى الشركات أي شخص نافذ. فعلى سبيل المثال، أربعة مساهمين لكل منهم 25% من الأسهم، و25% من حقوق التصويت، لن يكون أي منهم شخص نافذ".

وأضافت: "من المشروع تماماً ألا يكون للشركة أصحاب مستفيدون، ونحن لا نتحقق من مثل هذه البيانات عندما يقدمونها لنا".


وتابعت: "إذا تلقت الدار أي شكاوى، فإنها تحيلها على إدارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية".

أخطاء

من بين الشركات الواجهة العشرين الأقدم، لم تنشر سوى شركة واحدة التفاصيل المطلوبة حتى يوم الأربعاء الماضي.

ولم تنشر، حتى الآن، البيانات السنوية أو تفاصيل الأشخاص النافذين في سبع شركات.

قانونياً، أمام الشركات 14 يوماً بعد مرور الذكرى السنوية لتأسيسها لتقديم بيانات الملكية، لكن البيانات المتوفرة لدار الشركات تبين أن الشركات تتقدم متأخرة بها عن ذلك في كثير من الأحيان.

وقالت جونستون، إن التأخر عن الموعد المحدد يكبد الشركة غرامة تلقائية، كما أن التأخر في تقديم البيانات أو تقديم بيانات غير دقيقة يعد من المخالفات الجنائية.

ومع ذلك، فلم يسبق أن قدم أحد للمحاكمة بموجب المواد المعنية في قانون الشركات الصادر عام 2006.

وأوضحت جونستون أن "الاستمرار في المخالفات عند تقديم الوثائق للسجل العام يعرض المديرين لخطر الشطب".

تقديم البيانات قبل الموعد

عجزت "رويترز" عن تتبع أي تفاصيل عن نشاط معظم الشركات التي تقدم قبل الموعد أو متأخرة عنه.

وكان الاستثناء الوحيد هو إيان تيلور، المقيم في أستراليا، والمسجل مديراً لشركة غالو آند ماكينزي المحدودة، وكان عنوانه المسجل هو شركة لتأجير الصناديق البريدية في وسط لندن.

وفي عام 2009، ساعدت شركة تيلور في تسجيل شركة إس. بي. تريدنغ المحدودة، وهي شركة مقيدة في نيوزيلندا استأجرت طائرة تم الحجز عليها في مطار بانكوك.

وقالت السلطات التايلاندية إنها عثرت على أسلحة على متن الطائرة موجهة إلى إيران من كوريا الشمالية التي تحظر عقوبات، تفرضها الأمم المتحدة، تصدير الأسلحة منها.

ومن النادر أن تكون لدى وكلاء تأسيس الشركات فكرة عن أنشطة الشركات، كما نفى تيلور أي علم له بأفعال شركة إس.بي تريدنغ أو مسؤوليته عنها في بيان لوسائل الإعلام أكد فيه أنه ساعد في تأسيسها.

ولم تعتمد أي حكومة الملاك المستفيدين لشركة إس.بي تريدنغ، كما أن تيلور ليس معتمداً فيما يتصل بأنشطته الخاصة بتأسيس الشركات. ولم يرد تيلور على طلبات للتعليق.

في المقابل، يقول تيلور على موقعه الإلكتروني إنه يتولى إجراء عمليات الفحص القانوني النافي للجهالة لحساب عملائه، وإنه لن يقبل "من الزبائن سوى من لهم مصالح أعمال صادقة".

والكيان الوحيد، الذي وصف بأنه شخصية نافذة في الشركات الاثنتين والعشرين التي فحصتها "رويترز"، هو شركة ذات مسؤولية محدودة مكونة من شركتين مسجلتين في مكتب لتأسيس الشركات في مستعمرة بيليز البريطانية السابقة في أميركا الوسطى.

وذكرت البيانات اسم شخص روسي عمره 27 عاماً يعيش في مدينة تبعد 300 كيلومتر إلى الجنوب من موسكو باعتباره الشخص النافذ الوحيد في الشركة.

ولم تستطع "رويترز" التوصل إلى أي تفاصيل تمكنها من الاتصال به أو بالشركة. ولم يرد وكيل تأسيس الشركات في بيليز على طلبات التعليق.

المساهمون