البنك المركزي يحمل "حكومة السيسي" مسؤولية "أزمة الدولار"

03 اغسطس 2016
تدني عائدات السياحة وتراجع الصادرات أسباب لأزمة النقد الأجنبي
+ الخط -


حمل البنك المركزي المصري، حكومة شريف إسماعيل، المُكلفة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، في سبتمبر من العام الماضي، مسؤولية أزمة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه، وذلك في تقرير حمل توقيع رئيسه طارق عامر، أرسله إلى مجلس النواب، الأربعاء، عن الحالة الاقتصادية المتراجعة للبلاد.

 وقال البنك المركزي في تقريره: إن البنك استنفد قدراً كبيراً من موارده من النقد الأجنبي للحفاظ على استقرار سعر الصرف لمدة ستة أشهر، مستدركاً بأنه "كان مخططاً أن تتزامن خطوات البنك مع إجراءات موازية من جانب الحكومة، للحد من الاستيراد، بهدف خفض الطلب على النقد الأجنبي، وعدم إحداث طفرات في أسعاره، إلا أن الحكومة لم تتخذ تلك الإجراءات".

 وحول أسباب الضغط على سوق الصرف الأجنبي، أشار التقرير إلى أن أهمها تمثل في استمرار عجز الموازنة العامة ليصل إلى 279.4 مليار جنيه مصري للسنة المالية 2015/2014، مقابل 255.8 مليار جنيه مصري للسنة المالية 2013/2014، موضحاً أن فجوة ميزان المدفوعات الحقيقية تفوق 24 مليار دولار في العام، بعد أن وصل الاستيراد إلى 80 مليار دولار في العام بدلاً من 60 مليار دولار.

 كما تضمنت الأسباب "ارتفاع عجز الميزان التجاري، ليصل خلال فترة يوليو/مارس من السنة المالية 2016/2015 إلى نحو 14.5 مليار دولار (مارس 2016)، مقابل 8.3 مليارات دولار لنفس الفترة من العام السابق مارس 2015"، إضافة إلى "ارتفاع الإنفاق المحلي بدون إنتاج محلي، ما يؤدي إلى زيادة الواردات من السلع".

تراجع السياحة والاستثمار الأجنبي

وشملت، أيضاً، "تدني موارد النقد الأجنبي من السياحة نتيجة الأحداث الأمنية الأخيرة، وانفلات المنافذ الجمركية، وعدم السيطرة على عمليات تهريب العملة إلى الخارج، وتدني الثقة في تعاملات النقد الأجنبي من خلال الجهاز المصرفي نتيجة للقيود التي فرضت على البنوك والقطاع الخاص في فبراير 2015".

وتابع التقرير: أن من بين الأسباب "الالتزام بسداد التزامات مصر من أقساط وفوائد الديون الخارجية، وتدبير النقد الأجنبي اللازم لتلبية احتياجات الدولة من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج والأدوية والأمصال، وانخفاض تحويلات المصريين العاملين بالخارج نظراً لوجود ممارسات غير شرعية لشراء التدفقات بالخارج بأسعار مرتفعة تتجاوز السوق الموازية".

 وزاد "تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر (العالمي والإقليمي)، نتيجة عدم إجراء الإصلاحات والتعديلات التشريعية اللازمة لتهيئة مناخ الاستثمار، ما أثر سلباً على ميزان المدفوعات، وتراجع الاستثمار في المحافظ نتيجة تراجع التصنيف الائتماني، وضعف الثقة في القدرة على تدبير النقد الأجنبي اللازم".

 هذا فضلاً عن "ضعف موارد النقد الأجنبي داخل القطاع المصرفي نتيجة تدني عائدات السياحة، وتراجع الصادرات، فضلاً على الممارسات غير الشرعية لشراء العملات الأجنبية، وتداول بعض الشائعات على العملة، ما يؤدي إلى تفاقم فقدان الثقة، وبالتالي ازدياد الضغط على طلب العملة الأجنبية"، بحسب التقرير.

توفير 45 مليار دولار

 ورصد تقرير البنك المركزي تفاصيل النقد الأجنبي الذي تم تدبيره إلى عدد من الجهات المختلفة، منذ نوفمبر 2015، وحتى يونيو 2016، وأبرزها: الهيئة المصرية العامة للبترول بمقدار "3 مليارات و539 مليون دولار"، والهيئة العامة للسلع التموينية والشركة القابضة للصناعات الغذائية بمقدار "707 ملايين دولار"، والشركة القابضة للكهرباء بمقدار "263 مليون دولار"، وقناة السويس بمقدار "199 مليون دولار".

 وشملت أيضاً: شركات الطيران بمقدار "222 مليون دولار"، و"طلبات المستثمرين الأجانب في المحافظ المالية القائمة بمقدار "538 مليون دولار"، ووزارات بمقدار "862 مليون دولار"، والتزامات عامة بمقدار "مليار و304 ملايين دولار"، وقسط نادي باريس بمقدار "681 مليون دولار".

 ووصل إجمالي النقد الأجنبي الذي تم توفيره من جانب البنك المركزي، والبنوك الأخرى للجهات المختلفة، والعمليات الخارجية إلى 45 مليار دولار خلال الفترة من نوفمبر 2015 إلى يونيو 2016.

 وأوضح البنك المركزي أن الاستثمار الأجنبي المباشر تراجع ليسجل 2% من الناتج المحلي مقارنة بـ 9.1% في العام 2007، وانخفاض إجمالي تحويلات المصريين بالخارج في يوليو2016/2015 بنحو 1.7 مليار دولار مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق بنسبة انخفاض بلغت 12%.

 وأشار البنك إلى أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها أدت إلى تفعيل قدرة القطاع المصرفي على تمويل عجز الموازنة، المرتبط بزيادة معدلات نمو الودائع، وانخفاض معدلات نمو الودائع واستمرار تمويل عجز الموازنة، ما سيؤدي إلى انخفاض معدلات نمو الإقراض بشكل كبير، والعمل على تنويع مصادر تمويل عجز الموازنة بخلاف القطاع المصرفي والبنك المركزي، وتخفيض عجز الموازنة من خلال تنويع الإيرادات وخفض المصروفات.

 ولفت إلى أن نتائج الإجراءات المتخذة من البنك المركزي المصري، أدت إلى إعادة هيكلة سوق الصرف الأجنبي، والتي نجحت في تجاوز أيّ اختناقات أو أزمات تعوق توافر السلع، خاصة الاستراتيجية، وتلبية كافة المتطلبات الاستيرادية الأساسية، الأمر الذي أدى بدوره إلى زيادة حجم الواردات بالقطاعات الحيوية، وخاصة المتعلقة بمدخلات عمليات التصنيع، وتحقيق نمو في الصناعة المحلية.

تقارير سلبية

 واستعان البنك المركزي، بتقرير وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني، والذي جاء فيه، إن احتمالات تخفيض التصنيف الائتماني لمصر في المستقبل تعتمد على العوامل التالية: "استمرار عجز الموازنة عند مستويات أعلى من متوسط نظائرها".

وتوقع التقرير، أن يبلغ العجز في قطاع الموازنة العامة للدولة 11.6% من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2016، فضلاً عن ضغوط على ميزان المدفوعات، ما يؤثر سلباً على تحسن مستوى الاحتياطيات الدولية، بالإضافة إلى الحوادث الأمنية التي قد تحجم النشاط الاقتصادي.

 كما استعان البنك المركزي بملامح من تقرير وكالة "ستاندر أند بور" الدولية للتصنيف الائتماني، وأفادت في أحدث تقرير لها عن الاقتصاد المصري في مايو الماضي، بوجود نظرة سلبية للاقتصاد المصري، بسبب: "زيادة نسبة الدين الحكومي إلى إجمالي الناتج المحلي، وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة، وتفاقم العجز في الميزان التجاري، ونقص موارد الدولة من العملة الأجنبية".

 كما أشار إلى أنه، منذ العام 2011 تراجع التصنيف الائتماني لمصر من BB في مارس 2011، ليصل حالياً إلى –B،  فضلاً عن تراجع ترتيب مصر في أكتوبر 2015 عن ممارسة أنشطة الأعمال لتصبح في المرتبة 131 من 188 دولة، في تقرير البنك الدولي، بسبب "الإرهاب، وصعوبة الحصول على طاقة للمصانع، وضعف البنية التشريعية، وعدم وجود القوانين والتشريعات اللازمة لحماية المستثمرين، والصعوبة في تسجيل الممتلكات، وتدني معدل الادخار القومي".


المساهمون