قانون الصرف التونسي يقيّد المستثمرين ويدفعهم للتحويل غير المشروع للأموال

25 اغسطس 2017
رجال أعمال يسلكون طرقاً غير شرعية لتحويل الأموال (Getty)
+ الخط -
يدعو رجال أعمال في تونس إلى مراجعة قانون الصرف والتجارة بما يناسب الأنظمة الاقتصادية والمالية على المستوى الدولي، معتبرين أن القانون الحالي الذي يعود إلى سنة 1976 يدفع المؤسسات إلى اللجوء لطرق غير قانونية لتحويل الأموال.
 
وأشار مجمع كوناكت الدولي (مجمع رجال أعمال) في بيان الأربعاء الماضي، إلى تعدد الإشكاليات التي تواجهها الشركات التونسية التي تمتلك فروعا في الخارج في ما يتعلق بإجراءات الصرف وتحويل عائداتها المالية من العملة الصعبة اعتبارا لكثرة الإجراءات الإدارية وتعدد التصاريح من جهة، ولمحتوى الاتفاقيات السابقة التي تتناقض اليوم مع الواقع الاقتصادي والاستثماري في تونس وفي العالم من جهة أخرى.

وأكد المجمع تعرض عدد من الشركات التونسية العاملة بالخارج إلى صعوبات جمة تدفع بعضها إلى المخاطرة بتحويل عائداتها المالية بطرق غير مشروعة ما يعرضها إلى تبعات قضائية مرفوضة تمس صورتها في السوق.

ودعا رجال الأعمال إلى ضرورة مراجعة وتنقيح قانون يناير/كانون الثاني 1976 المتعلق بالصرف والتجارة الخارجية لجعله أكثر ملائمة لواقع عمل الشركات التونسية بالخارج وللتشريعات الجديدة في مجال الاستثمار ولمزيد تحفيز المؤسسات على توسيع مجال أنشطتها.

ويمثل قانون الصرف وفق العديد من خبراء الاقتصاد نقطة ضعف في الاقتصاد التونسي، معتبرين أن الفصول المتعلقة بالتحويلات المالية صارمة وتبقى السلطة العليا للبنك المصرفي وهو ما يجعل عملية التحويل التي تخضع للإجراءات الإدارية المعقدة غير متلائمة مع مقتضيات السوق.

ويرى الخبير المالي محمد صالح الجنادي، أن أغلب مخالفات الصرف ناجمة عن طول الإجراءات الإدارية وتعقيدها ما يدفع بعض المتعاملين الاقتصاديين نحو الطرق غير القانونية.
ونبه الجنادي في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى مخاطر مخالفات الصرف على واللجوء إلى طرق غير قانونية لتحويل الأموال في ظل شح فادح في رصيد العملة الصعبة.

ودعا رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس، بيورن روتر في تقريره عقب زيارة وفد الصندوق لتونس بداية أغسطس /آب الحالي إلى زيادة مرونة سعر الصرف سعياً للوصول بالدينار إلى مستوى يتلاءم مع الأسس الاقتصادية والاحتفاظ بمستوى كافٍ من الاحتياطيات.

واعتبر أن الاستمرار في تشديد السياسة النقدية والحفاظ على مرونة سعر الصرف عاملان ضروريان لتقليص الاختلالات الاقتصادية الكلية المزمنة.

وتتطلع تونس إلى اكتساح السوق الأفريقية عبر تحرك دبلوماسي شامل يعطي الأهمية اللازمة للتواصل الثقافي والتبادل الاقتصادي، فضلا عن فتح سفارتين مقيمتين بكل من واغادوغوو نيروبي و5 تمثيليات تجارية بعدد من بلدان شرق وغرب ووسط أفريقيا، على أن يتم إسناد هذه التحركات ببرنامج متكامل لشركة الخطوط التونسية يقضي بفتح 7 رحلات جديدة خلال السنوات الأربعة المقبلة في كل من بنين والسودان والكاميرون والغابون وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وغانا.

ويرى الخبير الاقتصادي بسام الوكيل، أن تنمية التبادل التجاري التونسي الأفريقي لن يحقق أهدافه المرجوة في ظل وجود قانون الصرف الحالي، مؤكدا استحالة توفر الإمكانيات لأي مؤسسة تونس للعمل في أفريقيا ومنافسة المستثمرين المنافسين على الأتراك والصينين والمغاربة.

ودعا الوكيل في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى تحديث قانون الصرف بما يساعد الشركات التونسية على دخول السوق الأفريقية بحظوظ نجاح أوفر.

وبلغ مستوى احتياطي تونس من العملة الصعبة حتى منتصف أغسطس/آب الجاري نحو 11.54 مليار دينار (4.67 مليار دولار)، وهو أدنى مستوى له منذ نحو سبع سنوات.

وتسببت التحويلات غير القانونية مؤخرا في إطاحة وزير المالية بالإنابة ووزير الاستثمار فاضل عبد الكافي، بسبب تهم تهريب العملة وجهت إليه عندما كان يدير شركة مالية عائلية.

وطالبت إدارة الجمارك التي تقدمت بالشكوى ضد الوزير المستقيل بسجن عبد الكافي وتخطئته وشركته وهو ما قضت به المحكمة غيابيا بتاريخ 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.

وأدين المسؤول الحكومي السابق بعد أن قامت شركته المختصة بالإيجار والأوراق المالية بفتح فرع في المغرب الأقصى، وبغية تصدير مبالغ مالية بالعملة الصعبة قامت ببيع موقع إلكتروني لفرعها بقيمة 1.5 مليار درهم مغربي (104 ملايين دولار) ولم يتم إرجاع هذا المبلغ للبلاد التونسية مثلما تقتضي قوانين الصرف، وعوض إرجاعه ثم استعماله في زيادة رأسمال الشركة في المغرب.

واعتبر البنك المركزي أن عملية تصدير العملة من دون إرجاعها يصنف ضمن جرائم تهريب العملة وفق قانون الصرف، فضلا عن امتناع الوزير السابق القيام بالتصريح والقيام بتصاريح غير مطابقة للواقع.
المساهمون