ليست هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها المصالح الاقتصادية سلاحاً في معارك الانتخابات الأميركية، لكن ما يتّسم به عهد الرئيس دونالد ترامب هو استغلال جميع أنواع "الأسلحة" في الداخل والخارج، ومع الأصدقاء والخصوم معاً، من أجل كسب أصوات المقترعين.
فالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي شرع في حملته الرئاسية بإطلاق وعود تحت شعار "أميركا أولاً"، بادر فوراً بعد فوزه بالانتخابات إلى تطبيق هذه الشعارات واقعاً، وإن بخطى سريعة وربما "متسرّعة" أو "متهوّرة"، نفّرت منه الأصدقاء والخصوم.
على مستوى الداخل، تميّز ترامب بالسعي في اتجاهين يبدوان عادة متناقضين ويصعب الجمع بينهما: فهو من ناحية، أعاد الاعتبار لأصحاب المصانع الأميركية وللمنتج الأميركي الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الاختفاء حتى من المتاجر الأميركية داخل الولايات المتحدة، ومن ناحية أُخرى حاول استرضاء العمّال من خلال استحداث المزيد من الوظائف، ما أنتج في النهاية مؤشرات اقتصادية أعطت زخماً لاقتصاد دفع أثماناً ضخمة لأزمات مالية واقتصادية وركود خانق في السنوات الأخيرة.
خارجياً، أُولى حملاته الإجرائية شنّها على الصين وكندا والمكسيك وأوروبا وروسيا، فلم يبقِ ولم يذر له صاحباً، وشرّع رسوماً جمركية قوبلت برسوم مشابهة، وفتح بذلك نار "حرب تجارية" لا تزال فصولها منذ أوائل العام الجاري تتوالى فصولاً، وتدفع بمختلف الدول المتضررة إلى اعتماد عملات بديلة من الدولار وآليات دفع بعيدة من آلية "سيوفت" التي تقيّدها الإجراءات الأميركية.
وبما هو معلوم من دور فعّال لما يُسمّى "اللوبي الصهيوني" في الحملات الانتخابية، لم يجد ترامب، لإرضاء جماعات الضغط هذه، أفضل من التنصل من الاتفاق النووي مع إيران في مايو/أيار 2018، وعدم الاكتفاء بذلك، بل إعادة فرض العقوبات التي كانت قائمة سابقاً اعتباراً من 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وتوسيع مروحتها لتشمل قطاعات واسعة متصلة بالنفط والمعاملات المالية.
وبدا توقيت إعادة فرض العقوبات مدروساً جيّداً ليصادف قبل يوم واحد من انتخابات الكونغرس في 6 نوفمبر، كي تبقى مفاعيل هذه الخطوة حيّة وتُعطي مفعولاً فورياً في خيارات اقتراع الناخبين لصالح "البطل الأميركي".