شبح الترحيل يهدّد مئات آلاف اليمنيين في السعودية

09 فبراير 2018
ترحيل اليمنيين يعني ضرب التحويلات (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -



أصبح مئات الآلاف من اليمنيين العاملين في السعودية مهدّدين بالترحيل، بعد الإجراءات الحكومية الأخيرة التي تستهدف زيادة توطين الوظائف للسعوديين على حساب المقيمين. 

ولم تفلح مساعي الحكومة اليمنية في استثناء اليمنيين من الإجراءات السعودية حتى الآن، ما دفع إلى تزايد القلق لدي اليمنيين العاملين في المملكة والتي تشكل تحويلاتهم المالية مصدر دخل لمئات الآلاف من الأسر في اليمن.

كما يدرّون على بلادهم العملة الصعبة التي تعد رافداً أساسياً لإيرادات الدولة. وبلغ إجمالي التحويلات المالية إلى اليمن نحو 3.4 مليارات دولار، جزءٌ كبيرٌ منها عبر السعودية خلال عام 2016، حسب تقرير سابق لصندوق الأمم المتحدة الدولي للتنمية الزراعية، وهو مبلغ ضخم بالنسبة للاقتصاد اليمني الذي يوصف بأنه ضعيف وهش.

وتمثل قرارات وزارة العمل بالمملكة بـ"السعودة"، أو ما يُعرف بتوطين الوظائف، بمثابة ضربة إضافية تهدد ملايين اليمنيين، على نحو قد لا تقل آثاره، عن تبعات الحرب الكارثية نفسها في اليمن، الأمر الذي تقرع معه أجراس الإنذار بالأزمة، بشكل غير مسبوق.

وبحسب إحصاءات غير رسمية، يبلغ عدد اليمنيين العاملين في دول الخليج حوالى 1.5 مليون عامل، أغلبهم في السعودية، بنحو 1.2 مليون عامل.

وفي رده على سؤال "العربي الجديد"، قال مسؤول بارز في وزارة المغتربين اليمنية، فضّل عدم نشر اسمه، إن مذكرات عديدة تقدمت بها قيادات عليا في الدولة إلى الحكومة السعودية تطالبهم باستثناء اليمنيين من القرارات الأخيرة.
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن الأحمر بعثا بأكثر من مذكرة، إحداها لولي العهد السعودي محمد بن سلمان يطالبونه فيها بإعفاء اليمنيين من الرسوم المفروضة على الأسر، ولو بشكل مؤقت تقديراً للظروف الصعبة التي يمر بها اليمن غير أن الرد من السلطات السعودية لم يصل حتى الآن.

ويلفت المسؤول اليمني إلى أن الحكومة تتعرض لضغوط كبيرة من قبل المغتربين في هذا الجانب لحثهم على عمل شيء يحول دون وقوع الكارثة، "لكننا لا نستطيع أن ننشر ما نبذله من جهود في هذا الصدد إلا بعد إتمام الاتفاق حتى لا نعرض أنفسنا والجانب السعودي للإحراج"، مضيفاً أن "عدم تجاوب السلطات السعودية بشكل سريع معنا يقلل من ثقة الناس بالحكومة الشرعية".

واتخذت وزارة العمل السعودية، في الفترة الأخيرة، العديد من القرارات التي حصرت فيها المهن على السعوديين، وكان آخرها، قرار صدر أواخر الشهر الماضي، وتضمن أن "يقتصر العمل في عدد كبير من المهن على السعوديين من الجنسين"، ومنها منافذ البيع في محلات الملابس الجاهزة وملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية، ومنافذ البيع في محلات السيارات والدراجات النارية، ومحلات الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، وغيرها من المهن.

وفيما تعد العمالة اليمنية، الثانية من حيث الكثافة في السعودية وفقاً لتقارير سابقة، تمثل قرارات "السعوَدَة"، الأخيرة وما سبقها، ترحيلاً غير مباشر، لمئات الآلاف من المغتربين اليمنيين.

وأكد مقيمون يمنيون بالسعودية لـ"العربي الجديد"، أن وظائفهم التي تتوزع في محال تجارية متنوعة، مهددة، على نحو لا يجدون معه المزيد من الخيارات، في حين أن العودة إلى بلدهم الذي يعيش فيه الملايين على حافة المجاعة، تمثل خطراً داهماً لا يمكن تصوره، مثلما أن البقاء، يعرضهم للملاحقة والترحيل القسري.

وأكد أحد المغتربين اليمنيين، الذي رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" أن "الخيارات أمام المغترب، شبه معدومة إذا لم تنجح الحكومة اليمنية مع نظيرتها السعودية لاستثناء اليمنيين، من القرارات الأخيرة، ولا سيما في ظل استحالة العودة للوطن الذي يتعرض لدمار واسع بسبب الحرب المندلعة هناك".

في المقابل، تحاول الحكومة السعودية بعث رسائل طمأنة إلى اليمنيين، وكان آخرها تصريحات السفير السعودي لدى ​اليمن​ ​محمد آل جابر​، أمس، والتي قال فيها إنه تم "منح 40 ألف تأشيرة لليمنيين، خلال الستة أشهر الماضية، للعمل داخل ​السعودية"، ورغم ذلك ما زال القلق يطارد اليمنيين العاملين في السعودية.

وتحوّل موضوع المغتربين اليمنيين في السعودية إلى قضية رأي عام، بالدرجة الأولى، جذبت اهتمام مختلف الفئات في البلاد، وكتب وزير الثقافة اليمني الأسبق، خالد الرويشان، مقالاً بأن "استثناء المغتربين اليمنيين (من القرارات السعودية) ليس نهاية العالم".

وأضاف مخاطباً قيادة الشرعية والسعودية: "إذا لم تفهموا أن المغتربين جبهة كبرى يجب مساندتها فإنها الكارثة، وأن خسارة هذه الجبهة بوّابةٌ لخسارة بقية الجبهات".

المساهمون