سباق لتخزين المياه في ليبيا بعد السلع والوقود

21 ابريل 2019
ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية (فرانس برس)
+ الخط -

امتدت عمليات تخزين المؤن إلى المياه في العاصمة الليبية طرابلس، وسط ارتفاع أسعارها، بعدما تركزت خلال الأيام الماضية على السلع الأساسية والوقود، ما يشير إلى تصاعد مخاوف المواطنين من اتساع رقعة الاشتباكات بين مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وقوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.

أمام مسجد في منطقة طريق الشوك بضاحية صلاح الدين في طرابلس، يصطف مواطنون لتعبئة مياه الشرب بغرض تخزينها خشية انقطاعها.

وقال وليد الألفي، الذي وقف للحصول على المياه، إن تحذيرات جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي زادت مخاوف المواطنين، مشيرا إلى أن أسعار المياه المعبأة ارتفعت في الأيام الأخيرة، بينما يقوم الكثيرون بشراء كميات كبيرة للاحتفاظ بها خشية استمرار الأوضاع الحالية بالبلاد.

ودعا جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي الجهات المسؤولة للتحرك بشكل عاجل لوقف الاعتداءات على مسارات وخطوط نقل المياه وذلك بسبب الفراغ الأمني.

وأوضح الجهاز في بيان له، أن الكوادر في حقول آبار المياه بالمنظومة تبذل قصارى جهدها لاستمرار ضخ المياه بالإنتاجية القصوى، على الرغم من تدمير 96 بئراً بسبب أعمال التخريب والسرقة، وتوقف أعمال الصيانة للآبار المعطلة نتيجة تردي الوضع الأمني.

وأضاف أن نقص الإمدادات خلال الأيام الماضية نتج عن صعوبة التحكم في تشغيل المنظومة، وسحب المشاريع الزراعية كميات أكبر من المخصصة لها، والاعتداءات على طول المسارات.

وتتفاقم المعاناة المعيشية للمواطنين جراء المعارك الدائرة، إذ سجلت أسعار السلع الأساسية ارتفاعات بنحو 30 في المائة، وفق مواطنين، فيما تشهد المصارف شحا في السيولة النقدية.

وبجانب شح السلع وارتفاع الأسعار، يشكو المواطنون من ضعف الخدمات الصحية، لا سيما نقص الأدوية في المستشفيات، في الوقت الذي أغلقت الكثير من الصيدليات أبوابها.

وفي مركز طرابلس الطبي بالقرب من وسط العاصمة، قال أحد الأطباء لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع مأساوي، فهناك نقص في العديد من الأدوية".

وحذر أحمد أبو لسين، مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية، من أن سعر الدولار قد يشهد قفزات جديدة بسبب استمرار المعارك وعدم وجود حل لإيقافها على المدى القريب.

وقال أبو لسين لـ"العربي الجديد"، إن الأسعار بدأت في الارتفاع بشكل كبير، وهناك نقص في السلع، بالتزامن مع شح السيولة بالمصارف وانخفاض القوة الشرائية للدينار.

وتتسع رقعة الأزمات المعيشية لتخرج عن نطاق العاصمة خلال الأيام الأخيرة. فقد امتدت أزمة البنزين إلى خارج طرابلس، لتطاول المدن الواقعة على أطرافها.

ووصل سعر لتر البنزين، إذا وجد، إلى 6 دنانير، ارتفاعاً من 0.15 دينار، وهو السعر المدعوم من الدولة. كذا، شهدت غالبية المحلات الغذائية نقصاً في السلع الأساسية، من بينها حليب الأطفال.

ويتعقّد الوضع المعيشي لليبيين، بينما تسود المخاوف من إطالة أمد المعارك، منذ بدء هجوم مليشيات حفتر على طرابلس، والتي تصدّها قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.

وتعتمد ليبيا على خمس مصافٍ لتكرير النفط، ويغطي إنتاجها 30 في المائة من احتياجات السوق المحلية، بينما تعتمد على الاستيراد لتغطية 70 في المائة تقريباً من احتياجات البلاد.

وتراجع إنتاج المصافي الليبية من النفط على مدار الفترة الماضية لتعمل بنصف طاقتها تقريباً. وتصرف ليبيا شهرياً 560 مليون دينار لدعم المحروقات.

وبجانب أزمات السلع، تفاقم المعارك خسائر الممتلكات الخاصة والعامة، وسط تزايد أعداد النازحين من طرابلس. وكان وزير شؤون النازحين والمهجرين في حكومة الوفاق الوطني يوسف جلالة، قد قال لـ"العربي الجديد"، يوم الخميس الماضي، إن "عدد النازحين وصل إلى 20 ألف مواطن، والأعداد في تزايد مستمر، بينما الوضع الإنساني سيئ"، مشيرا إلى تقديم بعض الاحتياجات للنازحين من أغطية ومؤن.

وتسبب النزوح في ارتفاع أسعار الإيجارات في المناطق الآمنة، ولا سيما وسط طرابلس، بأكثر من النصف، الأمر الذي أرجعه وسطاء عقاريون إلى زيادة الطلب على السكن في هذه المناطق في ظل الظروف الحالية.

كما تهدد المعارك بتعطيل إمدادات النفط وزيادة أعداد المهاجرين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا. وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في تمويل أكثر من 95 في المائة من الخزانة العامة للدولة، فيما يتم تخصيص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات.


المساهمون