"أوابك" تحمّل منتجي النفط الصخري مسؤولية تراجع الأسعار

22 ديسمبر 2014
جانب من اجتماع البلدان العربية المصدرة للنفط (أوابك)(أرشيف/AFP)
+ الخط -

حمّل وزراء النفط العرب الدول المنتجة الرئيسية خارج منظمة البلدان المصدرة للنفط عالمياً "أوبك" والمضاربين، مسؤولية تراجع أسعار الخام عالمياً خلال الأشهر الستة الأخيرة التي هوت فيها الأسعار بنحو النصف، لكنهم أعربوا عن ثقتهم بأن الأسعار ستعاود الانتعاش.

وبدا الوزراء في المؤتمر السنوي لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط "أوابك"، في أبوظبي، أمس، مرتاحين إلى نجاعة القرار الذي اتخذته "أوبك" في فيينا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بالإبقاء على سقف الإنتاج عند 30 مليون برميل دون تغيير، واصفين إياه بالقرار السليم.

ويعني هذا الارتياح، التأكيد حسب المحللين على أن منظمة "أوبك" لن تتراجع عن قرارها الخاص بترك أسعار النفط تعوم حسب قوى العرض والطلب في بورصات السلع العالمية.
ومنظمة "أوابك" أو "أوبك العربية" تضم الدول العربية المنتجة للنفط، وتضم إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي العراق ومصر.

وقال وزير النفط والثروة المعدنية السعودي، علي بن إبراهيم النعيمي، إنه على ثقة بأن أسعار النفط ستتحسن.

وأضاف النعيمي في كلمته، أن المملكة ودول "أوبك"، سعت إلى إعادة التوازن إلى السوق بعد انخفاض أسعار النفط بشكل حاد ومتسارع، إلا أن عدم تعاون الدول المنتجة الرئيسية خارج المنظمة، مع انتشار المعلومات المضللة، وجشع المضاربين، أسهم في استمرار انخفاض الأسعار، مؤكدا أن هبوط النفط لن يكون له تأثير ملحوظ وكبير على اقتصاد السعودية والدول العربية.

وتوقع ألا تستمر الحقول ذات التكلفة العالية، في زيادة الإنتاج، في إشارة إلى منتجي النفط الصخري، كما سيدرك المنتجون خارج "أوبك" أن في صالحهم التعاون لضمان أسعار عادلة للجميع، لافتا إلى أن الأسعار الحالية غير محفزة على المدى البعيد للاستثمار في مجال الطاقة بمختلف أنواعها.

وانتقد النعيمي التحليلات التي روجت لنظرية المؤامرة، بشأن ترك أسعار النفط تنهار للإضرار بمصالح روسيا وإيران. وقال إن التحليلات والمقالات التي تتحدث عن وجود مؤامرة خفيَّة من قبل المملكة العربية السعودية، لأهداف سياسية، باستخدام البترول وأسعاره ضد هذه الدولة أو تلك، لا أساس لها من الصحة إطلاقاً ويدل على سوء فهم وأهداف مغرضة.

وقال وزير النفط القطري، محمد السادة، إن سوق النفط تشهد تصحيحاً عابراً وإن أساسيات السوق ستملي سعراً عادلاً للنفط.

وأشار الوزير القطري في كلمته، إلى أن السبب الرئيسي لهبوط النفط في الشهور الأخيرة هو بطء نمو الاقتصاد العالمي وارتفاع مصادر إمدادات الطاقة وخاصة المصادر غير التقليدية، مضيفا أن أسعار النفط الحالية قد تسفر عن تراجع الاستثمارات في مشاريع النفط والغاز.

أما وزير نفط الإمارات العربية المتحدة، سهيل بن محمد المزروعي، فقال إن من أكبر أسباب هبوط أسعار النفط غياب الحس بالمسؤولية بين المنتجين المستقلين خارج "أوبك".

وأضاف المزروعي، خلال افتتاح المؤتمر، أن العالم يشهد انخفاضاً كبيراً في أسعار النفط يمثل عبئاً اقتصادياً كبيراً، مشيراً إلى أن أحد الأسباب الرئيسية هو الإنتاج اللامسؤول من جانب بعض المنتجين خارج منظمة "أوبك".

وتابع أن قرار "أوبك" الأخير بعدم خفض الإنتاج كان قراراً سليماً واستراتيجياً "ونحن واثقون تماماً في جدوى القرار الأخير للمنظمة".

من جانبه، قال وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي، إنه لا يرى حاجة لعقد اجتماع طارئ لمنظمة "أوبك" ولكن "علينا الترقب والانتظار لنرى" ما إذا كانت المنظمة قد أخذت القرار الصائب بالإبقاء على مستوى الإنتاج دون تغيير.

وفي تصريحات للصحافيين على هامش المؤتمر، قال الوزير إنه يرى أن الأسعار تستقر حول مستوياتها الحالية عند حوالي 60 دولارا للبرميل.

وعاودت أسعار النفط الارتفاع، وكسب خام برنت دولارين مع إغلاق سوق "وول ستريت" يوم الجمعة، ليصعد فوق 62 دولاراً للبرميل، بعد تدهور مستمر للأسعار منذ يونيو/حزيران الماضي أفقدته حوالى 50 دولاراً في ظرف خمسة أشهر.

وكانت منظمة "أوبك" اختارت عدم التدخل في السوق، حيث تركت أسعار النفط لقوى العرض والطلب، وهو ما نظر إليه محللون على أساس أن "أوبك" بقيادة السعودية ودول الخليج، تحاول "كسر عظم" الشركات المستخرجة للنفط الصخري الأميركية وتحقيق مكاسب سياسية ضد منافستها إيران.

وفضلت "أوبك" في صراعها مع المنتجين خارجها هذا الصراع تحمل بعض الخسائر على المدى القصير، في سبيل استعادة هيمنتها مرة أخرى على سوق النفط العالمي على المدى الطويل.

وحسب تصريحات لمدير بعثة صندوق النقد الدولي إلى الإمارات، هارالد فينجر، الأسبوع الماضي، فإن من المرجح أن يؤثر تهاوي سعر النفط تأثيراً كبيراً على إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي، لكن تلك الدول لن تضطر إلى خفض الإنفاق العام بدرجة كبيرة في ضوء احتياطاتها الضخمة بوجه عام.

ولاحظت" العربي الجديد" أن الشركات الأميركية أنتجت في السنوات الأخيرة النفط الصخري بسرعة وكثافة، أزعجت الدول النفطية الكبرى مثل السعودية وباقي دول الخليج، وباتت تهدد حصة هذه الدول في إمدادات سوق النفط العالمي، حيث ارتفع إنتاج النفط الصخري في أميركا بنحو أربعة ملايين برميل يومياً منذ عام 2008، ليحول أميركا إلى دولة نفطية كبرى خلال سنوات قليلة، تنافس روسيا والسعودية على صدارة الإنتاج.

وبلغ إنتاج النفط الأميركي نحو 8.6 ملايين برميل يومياً في أغسطس/آب الماضي، بفضل تقنيات "التكسير الهايدرولكي" و"الحفر الأفقي".
وأشار وزراء النفط في "أوابك" في اجتماعهم، أمس، إلى أن المسؤول الحقيقي عن إغراق السوق النفطي ليس "أوبك" وإنما النفط الصخري والمنتجون الآخرون.

وهو منطق يقوم على أساس واقعي، حيث إن الدول الرئيسية في "أوبك"، وعلى رأسها السعودية ودول مجلس التعاون ستفقد حصتها إذا خفضت الإنتاج لدعم الأسعار، حيث إن ارتفاع الأسعار سيعني تلقائياً استمرار منتجي النفط الصخري في أميركا ومنتجي النفط من الآبار في المياه العميقة سيستفيدون من الخفض الذين سيرفع الأسعار، وبالتالي سيرفعون حصتهم من إمدادات السوق النفطي العالمي على حساب "أوبك".

بهذا المنطق يقول محللون إن "أوبك" فضلت الصراع المكشوف على الدفاع عن حصتها في سوق إمدادات سوق النفط العالمي، وترك الأسعار لحرية السوق ومعادلات العرض والطلب لتحدد من يملك القوة على البقاء.

ومنذ قرار "أوبك" الإبقاء على سقف الإنتاج، تواصلت خسائر أسهم الشركات النفطية عموماً وشركات النفط الصخري تحديداً، وبالنظر إلى أداء الشركات النفطية في مؤشر "ستاندرد آند بوورز 500" الأميركي، يلاحظ أن أسهم القطاع النفطي كانت الأسوأ بين القطاعات، حيث بلغت خسارة أسهم الشركات 8.8% من قيمتها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتواصلت الخسائر طيلة الأسبوعين الأولين من ديسمبر/كانون الأول الجاري، لتقدر خسائر شركات النفط الصخري بحوالى 400 مليار دولار.

وأكد خبراء طاقة، أن العديد من آبار النفط الصخري في أميركا وكندا بدأت تفقد جدواها الاقتصادية، ولم يبق أمامها إلا التوقف أو التشغيل بالخسارة.

في هذا الصدد، قال الخبير النفطي، فيليب فيرلجر، إن "أميركا ستشهد انخفاضا كبيراً وسريعاً في نشاطات حفر آبار النفط الصخري"، وتوقع فيرلجر أن يخفض إنتاج النفط الصخري من مليون برميل يومياً إلى نحو 400 الف برميل أو 300 ألف برميل.

وتتركز مشكلة الشركات العاملة في استخراج النفط الأميركي في التمويل، حيث تمول معظم هذه الشركات نشاطاتها عبر الاستدانة أو عبر الاقتراض المباشر من البنوك أو إصدار السندات. وقدر حجم الديون المترتبة على شركات النفط الصخري بنحو 1.7 تريليون دولار.
 
ويتفق محلل النفط في مصرف "باركليز كابيتال"، ميسوين ماهيش، مع فيرلجر، في أن الحصول على التمويل سيكون المعضلة الحقيقية لاستمرارية شركات النفط الصخري، مع استمرارية انخفاض أسعار النفط دون مستوى 70 دولاراً.

ويتوقع ماهيش، إفلاس بعض شركات النفط الصخري خلال العام المقبل، مع تدهور القيمة السوقية لأسهمها ورفض البنوك تمويل عملياتها بسبب المخاطر الكبيرة.

ولاحظت شركة "آي إتش إس – هارولد"، التي يوجد مقرها في لندن، أن العائد على رأس المال المستثمر في النفط الصخري الأميركي والنفط الرملي الكندي لا يتعدى 4.0% مقارنة بالعائد على رأس المال المستثمر في نفط الشرق الأوسط والبالغ %23.0.

ويقدر حجم السوق النفطي الحقيقي بنحو 3.4 تريليونات دولار سنوياً، ولكن في الواقع فإن سوق المضاربات تعادل أكثر من ثلاثة أضعاف السوق الحقيقية، أي أكثر من عشرة تريليونات دولار سنوياً.

المساهمون