الغريب في السينما..مُعتدٍ أو راغب في السلام

29 نوفمبر 2016
مشهد من فيلم "لقاءات قريبة من النوع الثالث" (Getty)
+ الخط -
القصة الأساسية لفيلم Arrival الذي يعرض حالياً في دور السينما، ويحقق نجاحاً نقديّاً وجماهيريّاً كبيراً، تبدو في ظاهرها مُكررة وبسيطة. كائنات فضائية تهبط إلى الأرض، ويحاول البشر معرفة ماذا يريدون. ولكن الفيلم يكتسب تميُّزه من قدرته على التجديد واللمحة الإنسانية والذاتية في تلك القصة. لذلك، انضم إلى قائمة مهمة من الأفلام المرتبطة بالكائنات الغريبة، وما يأتينا من الفضاء، والتي ارتبطت بشكل دائم وطوال عدّة عقود بالوضع السياسي والدولي.

وعكسَت هواجس البشر (وصنّاع السينما من بينهم) نحو مستقبل العالم. ودوماً يطرح هذا النوع من أفلام الخيال العلمي تساؤلاتٍ تتعلّق بالمصير البشري ومستقبل الكون وحياة الإنسان. كما أنّ كثيراً من هذه الأفلام، تتناول، أيضاً، خطورة سيطرة الأنظمة التكنولوجية الإلكترونية على الكرة الأرضيّة، وإمكانيّة انعدام أهميّة دور الإنسان فعلياً. تلك قائمة بأهم أفلام الخيال العلمي التي أتى للأرض فيها زوارٌ من السماء، كانوا حلفاء أحياناً، وأعداءً في أحيانٍ أخرى.

حقبة The War of the Worlds في فترة الخمسينيات
في الخمسينيات، ارتبطت فكرة الكائنات الفضائية بالحرب الباردة بين روسيا وأميركا، والرعب من الحرب النووية المحتملة والمجهول القادم الذي قد يدمر العالم بضربة واحدة. لذلك، كان الغرباء دوماً مصدر خطر، ومعتدين، ويأتون برغبة في تدمير الأرض. وهم، إما متخفّون في ملامح بشرية (في وقت المكارثيّة ومطاردة الشيوعيين في أمريكا) مثل Invasion of the Body Snatchers عام 1956، أو معتدون يرغبون في احتلال الأرض بشكل مباشر كما يحدث في The Day the Earth Stood Still عام 1951، أو فيلم Thw War of the Worlds عام 1953، والذي يدور حول بلدة صغيرة في كاليفورنيا تفاجأ بهجوم من كائنات فضائية أقوى وأكثر قدرة على التسليح بكثير، ويتركون وراءهم الكثير من الدمار وسط محاولة إحدى الأسر النجاة من كل هذا الموت.



حقبة Close Encounters of the Third Kind في فترة السبعينيات
في السبعينيات، أصبح العالم أهدأ كثيراً. والرعب النووي ابتعد وسط دعوات السلام. وفي نفس الوقت، ظهر مخرج شاب بأفكار جديدة عن السينما يسمى، ستيفن سبيلبرغ، كان من أهم بصماته على الإطلاق في أفلام الخيال العلمي، هو طرح السؤال بشكل مختلف: ماذا لو كان الغرباء يريدون التعاون وليس الموت؟ وعلى ذلك، قدّم اثنين من أهم أفلامه. أولهما، هو "لقاءات قريبة من النوع الثالث" Close Encounters of the Third Kind عام 1977، وهو فيلم يتحلّى بدقّة علميّة، ويدور تحديداً حول قيام مجموعة من العلماء بدراسة احتمالية التواصل مع كائنات من خارج الأرض، بعد وقوع أحداث غريبة في إحدى الأراضي. أما الثاني، فهو E.T عام 1982، والذي صار رمزاً لود وربما طفولةً للكائن الغريب، لتصبح أفلام سبيلبرغ بداية حقبة جديدة من السلام بين الأرض والفضاء.


حقبة Independence Day في فترة التسعينيات
على الرغم من أنّ القيمة الفنيّة لهذا الفيلم أقلُّ كثيراً من بقيّة أفلام القائمة، إلا أنّه يعبّر أيضاً عن حقبة من التفوق التقني والتكنولوجي في هوليوود، وبداية عصر جديد من المؤثرات الخاصة. وكان فيلم "يوم الاستقلال" عام 1996، وتحديداً مشهد اعتداء السفينة الفضائية الضخمة وتدميرها للبيت الأبيض هو الرمز الأساسي له. وكفيلم تجاري خفيف، فإن الكائنات الغريبة هنا تعتدي على الأرض وتدمرها بشكل كامل دون أي سبب أو محاولة حوار أو تقديم تنازلات، تماماً كما يحدث في نفس العام مع فيلم Mars Attacks، فيلم الخيال العلمي الهزلي من إخراج، تيم بيرتون. أو بعدها بعام مع فيلم Men in Black، والذي تحاول فيه منظمة سرية حماية الأرض من معتدين فضائيين، وكلها أفلام لا تطرح تساؤلات علمية بشكل حقيقي عن "الآخر"، بقدر ما تستغل ثورة التكنولوجيا في أفلام تحتوي على زخم بصري، ومؤثرات تقنية.



حقبة Under the Skin في فترة ما بعد الألفيّة

الألفية أيضاً، بكل جنونها، وخصوصاً شعور بالخطر من الآخر بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. عادت بعد سنوات فكرة الغريب كعدو. نرى ذلك في إعادة، سبيلبرغ، لقصة "حرب العوالم" في فيلم عام 2005، أو في الجزء الثاني من "يوم الاستقلال"، أو فيلم District 9 عام 2009، والذي يحمل رؤية قاتمة عن احتلال الأرض تماماً. وفي هذا، تتأثر الأفلام بالمزاج العام، ويعكس الغرباء كل ما يجري على الأرض. وفي عام 2013، صدر فيلم Under the Skin، كتتويج لحقبة عاد فيها مرة أخرى القلق والخوف من الكائنات الغريبة، ولكن بصورة مختلفة عن أي فيلم آخر. ففي هذا الفيلم تُرسَل كائنة بملامح بشريّة لإغواء البشر، وتسييرهم إلى مكان معين، وسرقة جلودهم ولحومهم من أجل مهمة أو هدف لا نعرفهما تحديداً. ولكن، في النصف الثاني من الفيلم، تبدأ الكائنة الغريبة في التعامل مع سماتها البشرية، والتورط مع البشر. وهي رؤية مرتبطة جداً بالـ"آخر" في الزمن الحالي، ومساءلة هل هو عدو أم يمكن ببعض التواصل أن يكون صديقاً؟

وأخيراً أتى فيلم Arrival، والذي ينضم لتلك القائمة الكلاسيكية، كفيلم خيال علمي، عن الكائنات التي تأتينا من الفضاء.

المساهمون