إشارات لأنشطة بركانية على كوكب المريخ

06 ديسمبر 2022
المريخ كان يحتوي على مساحات شاسعة من الماء (ستيوارت سي. ويلسون/Getty)
+ الخط -

قد لا يكون المريخ هو العالم الميت جيولوجياً الذي كنا نظن أنه كذلك، إذ اكتُشفت إشارات إلى وجود الصهارة تحت قشرته. ويعتقد أن الكوكب الأحمر كان نشطاً بركانياً في الماضي، ولكن ليس لعدة ملايين من السنين.

في مقالة بحثية جديدة نشرت في دورية نيتشر أسترونومي، يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومن خلال دراسة مجموعة من أكثر من 20 حدثاً زلزالياً على سطح المريخ باستخدام بيانات من مهمة هبوط "إنسايت" التابعة لـ"ناسا"، اكتشف فريق بحثي سويسري رواسب صهارة محتملة قرب تشاريبوريس فوسّاي Cerberus Fossae، وهي منطقة من الشقوق الناتجة من خطوط الصدع.

الموجات الزلزالية

هبطت "إنسايت" على سطح المريخ عام 2018، لدراسة الموجات الزلزالية التي تنتقل عبر سطح الكوكب ومن أعماق باطنه. من خلال التحقيق في سرعة هذه الموجات وتواترها، يمكننا فهم البنية الجيولوجية للمريخ بشكل أفضل.

في الدراسة، حلّل فريق دولي من الباحثين، بقيادة المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في مدينة زيورخ السويسرية، مجموعة من أكثر من 20 مستنقعاً حديثاً نشأت في نظام تشاريبوريس فوسّاي. من البيانات الزلزالية، خلص العلماء إلى أن الزلازل منخفضة التردد تشير إلى مصدر دافئ محتمل يمكن تفسيره بالحمم البركانية المنصهرة الحالية، أي الصهارة عند هذا العمق، والنشاط البركاني على المريخ. على وجه التحديد، وجدوا أن الزلازل تقع في الغالب في الجزء الأعمق من سلسلة الشقوق.

عندما قارن الباحثون البيانات الزلزالية بصور المراقبة للمنطقة نفسها، اكتشفوا أيضاً رواسب لونها أغمق من الغبار، ليس فقط في الاتجاه المهيمن للريح، ولكن في اتجاهات متعددة تحيط بمنطقة الشقوق.

في تصريح لـ"العربي الجديد"، أوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، سيمون ستالر، الباحث في مجموعة علم الزلازل والديناميكا الجيولوجية في قسم الجيوفيزياء في المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في زيورخ، أن الظل الغامق للغبار يشير إلى دليل جيولوجي على نشاط بركاني أحدث -ربما خلال الخمسين ألف سنة الماضية- صغير نسبياً من الناحية الجيولوجية.

وأضاف ستالر: "لدينا الآن ما يكفي من البيانات لرؤية أنماط إحصائية معينة، ونحن قادرون على تحديد موقع الزلازل التي تحدث على المريخ". وأشار إلى أن استكشاف الكواكب المجاورة للأرض ليس بالمهمة السهلة، إذ إن المريخ هو الكوكب الوحيد -بخلاف الأرض- الذي نجح العلماء في تثبيت معدات ومركبات متحركة فيه، بالإضافة إلى تنظيم رحلات استكشافية دورية لطائرات دون طيارين، لنقل البيانات.

حديد ونيكل وكبريت

لفت ستالر إلى أنه يجب أن يكون هناك نوع من الجسم الساخن أو غرفة الصهارة -حركة بركانية نشطة للغاية- في هذه المنطقة المحددة من المريخ. وأكدت صور الأقمار الصناعية التي تظهر رواسب داكنة من الغبار المحيط بالمنطقة توقعات الباحثين، ما يشير إلى النشاط البركاني الأخير في الخمسين ألف سنة الماضية.

ووفقاً لستالر، فإن نظام معلومات الزلازل من "إنسايت" يُعَدّ أكثر مقاييس الزلازل حساسية على الإطلاق التي رُكِّبَت على كوكب آخر غير الأرض. 

المريخ أحد أقرب الكواكب من الأرض، وهو مهم لفهم العمليات الجيولوجية المماثلة على كوكبنا. ووفقاً للدراسة، فإن الكوكب الأحمر هو الكوكب الوحيد الذي نعرفه حتى الآن الذي يحتوي على تركيبة أساسية من الحديد والنيكل والكبريت التي ربما كانت تدعم مجالاً مغناطيسياً في السابق. وتشير الأدلة التضاريسية أيضاً إلى أن المريخ كان يحتوي على مساحات شاسعة من الماء، وربما على غلاف جوي أكثر كثافة. حتى اليوم، وجد العلماء أن الماء المتجمد، على الرغم من أنه من المحتمل أن يكون معظمه جليداً جافاً، لا يزال موجوداً على القمم القطبية للمريخ.

المساهمون