اعتقال منى ومحمد الكرد: الاحتلال يحاول إسكات صوت الشيخ جراح

اعتقال منى ومحمد الكرد: الاحتلال يدشن مرحلة جديدة لإسكات صوت حي الشيخ جراح

06 يونيو 2021
منى الكرد بكاميرا هاتفها توثق جرائم الاحتلال (تويتر)
+ الخط -

لم تكن المقدسية والناشطة الإعلامية منى الكرد، تعلم أنها ستستيقظ صباح اليوم الأحد، على مشهد اقتحام جنود الاحتلال منزلها في حي الشيخ جراح واعتقالها، وذلك بعد ساعات من "سيلفي الحرية" الذي التقطته الليلة الماضية، أثناء الإفراج عن مراسلة قناة "الجزيرة" الفضائية جيفارا البديري التي اعتقلت لساعات.

ولم يكن اعتقال قوات الاحتلال منى الكرد، ثم اعتقال شقيقها محمد، وكذلك اعتقال رئيس لجنة أهالي حي سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك مجرد صدفة، حيث يرى مراقبون في ذلك مواجهة مرحلة جديدة يحاول الاحتلال تدشينها لإسكات صوت الأهالي المقهورين الذين يحاولون إيصال قضيتهم إلى العالم لمنع تهجيرهم من منازلهم لصالح المستوطنين.

في الصباح الباكر، كانت عائلة الكرد في منزلها آمنة، حينما اقتحمت قوات الاحتلال منزلها بحي الشيخ جراح، واعتقلت منى وتم تقييدها، وبدأوا يفتشون عن محمد، الذي لم يكن في المنزل، وفق ما أكده والدهما نبيل الكرد في حديث لـ"العربي الجديد".

يؤكد والد محمد ومنى أن اعتقال ابنته، ثم ملاحقة ابنه محمد واعتقاله، وخضوعهما للتحقيق لدى شرطة الاحتلال حاليا، يأتي في سياق إرهاب العائلة وأهالي الحي وجميع أهالي القدس لإسكاتهم عن المطالبة بحقوقهم. يضيف: "نحن لم نفعل شيئا سوى إظهار صوتنا، وما قمع الصحافيين واعتقالهم إلا محاولة لمنع صوت الفلسطيني من الظهور، بينما يسمح في المقابل للمستوطنين بالاعتداء علينا، هم يحاولون إرهابنا لكننا لن نخاف، وسنأخذ حقنا رغماً عنهم".

منى الكرد التي يجري التحقيق معها في مركز شرطة الاحتلال في شارع صلاح الدين بمدينة القدس، تتهمها قوات الاحتلال بـ"إثارة الشغب، والسلم العام"، وفق ما يؤكده محاميها ناصر عودة في حديث لـ"العربي الجديد".

ويشير عودة إلى أن التحقيق مع منى وناشطين آخرين يهدف إلى قمع الناشطين الفلسطينيين في مختلف الأحياء المقدسية، ومن ضمن ذلك اعتقال رئيس لجنة أهالي حي بطن الهوى في بلدة سلوان جنوب القدس زهير الرجبي، "فتلك الاعتقالات لا أساس قانونياً لها، وأهدافها سياسية وسط تجاهل اعتداءات المستوطنين".

ويؤكد رئيس لجنة أهالي حي الشيخ جراح في القدس، يعقوب عرفة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اعتقال منى وشقيقها محمد، يأتي في سياق الاعتقالات والاعتداءات المتواصلة يوميا بحق الناشطين المقدسيين بتهم تسميها قوات الاحتلال "التحريض وإعاقة عمل شرطة الاحتلال"، وسط تجاهل اعتداءات المستوطنين الذين اعتدوا على أهالي حي الشيخ جراح بالحجارة ورشوهم بغاز الفلفل بحماية قوات الاحتلال.

ويشير عرفة إلى أن تلك الاعتداءات لم تقتصر على الناشطين، بل طاولت اعتقال الصحافيين والاعتداء عليهم، في محاولة لإخفاء جرائم الاحتلال التي يوثقها الصحافيون.

اعتقال منى الكرد وشقيقها يأتي بعد نحو شهرين من مواصلتهما عبر حساباتهما على تطبيق "إنستغرام" و"تويتر" وفيسبوك"، نقل ما يحصل في حيّ الشيخ جراح، لحظةً بلحظة، ورفضاً لإخلائهما وعائلتهما وبقية العائلات في الحي إجباريا من منازلهم لمصلحة المستوطنين، وقد ساهمت منى الكرد في نقل قضية حيّ الشيخ جراح إلى العالم.

درست منى الكرد الإعلام في جامعة بيرزيت، شمال رام الله وسط الضفة الغربية، وهي التي تبلغ 23 عاماً فقط، باتت مراسلةً ميدانية في ظلّ الظروف الحالية، فهي من تكتب البيانات وتنشرها وتختار الصورة والشعار والحملة والعنوان، وساهمت على نحو كبير في نشر الوعي بهذه القضية.

وتمكنت منى وشقيقها محمد من حشد جمهور واسع من الفلسطينيين والعرب وحتى الأجانب على حساباتهما على مواقع التواصل الاجتماعي. كما تمكنت منى من الوصول إلى منصة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبل نحو أسبوعين، لكن تلك المنصة العالمية طردت الكرد حينما احتجت على كلمة مندوبة إسرائيل التي حاولت فيها إظهار الإسرائيليين بأنهم ضحايا وتحاول تجريم ووصم الفلسطينيين بالإرهابيين.

ويخوض أهالي حي الشيخ جراح منذ أربعة عقود صراعاً قانونياً لمنع سيطرة المستوطنين على منازلهم. وتصاعدت تلك الأزمة في الآونة الأخيرة، وسط تضامن مع أهالي الحي المهدد أصحابه بالتهجير لصالح المستوطنين. ويعاني أهالي حي الشيخ جراح منذ أكثر من 3 أسابيع من حصار مشدد عليهم، وسط محاولات الناشطين لفك ذلك الحصار، بعدما أغلقت قوات الاحتلال مدخل الحي الرئيس بالمكعبات الإسمنتية. 

كما يخوض أهالي حي بطن الهوى في بلدة سلوان جنوب القدس صراعاً قانونياً، وسط تخوف من أن يتهدد نحو 750 من أهالي الحي خطر التهجير القسري من منازلهم لصالح المستوطنين.

المساهمون