التضليل الإسرائيلي في تحليل لصحيفة يابانية

13 يناير 2024
تواصل الحكومة الإسرائيلية نشر الأكاذيب وسط عدوانها على غزة (Getty)
+ الخط -

حتى في اليابان، يتضح أن سمعة الاحتلال سيئة عند الحديث عن التضليل والفبركة والمعلومات الكاذبة حول العدوان الإسرائيلي على غزة، وفق ما يؤكده تحليل لصحيفة يابانية.

ذكّرت "أساهي شيمبون"، إحدى أكبر خمس صحف في اليابان، ومن أقدم الصحف في آسيا، باتهام الحساب الرسمي للحكومة الإسرائيلية حركة حماس بمحاولة تمرير دمية على أنها طفل شهيد، كدليل على أن الوفيات في غزة كانت مزيفة، قبل أن تؤكد "بي بي سي" أن الطفل حقيقي. وعلّقت الصحيفة: "على الرغم من أن الحساب الإسرائيلي حذف المنشور في وقت لاحق، إلا أن الضرر قد حدث، وكان الآلاف، إن لم يكن الملايين من الأشخاص، قد رفضوا الصورة بالفعل باعتبارها مزيفة".

وكتبت الصحيفة أن "هذا الاتهام بالتلاعب الإعلامي المعروف بالمصطلح المهين 'باليوود'، قد اخترق جميع مستويات الإنترنت. وقد روّجت مئات الحسابات على إكس وتيك توك وأماكن أخرى الادعاء الكاذب بأن حماس، أو المنظمات الفلسطينية الأخرى، تلفّق الأدلة على الوفيات، بينما يُقتل مئات الفلسطينيين كل يوم". وتابعت الصحيفة: "أدّت موجة مستمرة من الادعاءات والإنكار والتلفيق إلى تعميق تعقيد ومرارة الصراع الأكثر شهرة في العالم".

أوردت "أساهي شيمبون" أن التضليل أصبح أزمة عالمية، و"باليوود" ليست سوى مجرد مثال واحد على هذا التضليل. وانتشرت المخاوف من كون الذكاء الاصطناعي سيساهم كثيراً في موجة الصور الكاذبة. ولكن، حتى الآن، تشير الأدلة إلى أن التضليل، مثل تعليق كاذب على فيديو من سياق آخر، هو التقنية الأساسية المستخدمة خلال الحرب على غزة.

ونقلت "أساهي شيمبون" عن عالم السلوك تود هيلموس وصفه: "إنه كذب من الطراز القديم، وليس الذكاء الاصطناعي"، مضيفاً: "لم أَرَ كثيراً من التزييف العميق المتقن". واعترف هيلموس بأن بعض "عديمي الضمير" استخدموا أدوات إنشاء الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج دعاية قومية. ومع ذلك، فقد استخدم الادعاء بأن بعض الصور الحقيقية هي من توليد الذكاء الاصطناعي.

أكّدت الصحيفة أن بروز التضليل بتزايد، سواء كان ناتجاً عن الذكاء الاصطناعي أو الدعاية القديمة، يؤدي إلى تقويض المعلومات المشروعة ويضيف المزيد من الشك إلى الوضع المرتبك بالفعل، وهي الظاهرة التي وصفها الخبراء بـ"اضمحلال الحقيقة". وشرح هيلموس أن "اضمحلال الحقيقة هو ما نعتبره تراجعاً في دور الحقائق والتحليل. هناك اتفاق أقل حول ما هو حقيقة وما ليس كذلك".

واستمرت هذه الظاهرة سنوات، لكنها لم تدخل النقاش العام إلا عندما أصرت مستشارة الرئيس الأميركي كيليان كونواي على أن إدارة ترامب تعتمد على "الحقائق البديلة". وقالت كونواي: "الأحزاب المستقطبة على وجه الخصوص مستعدة لمشاركة كثير من المحتوى الذي يكون إما كاذباً عن عمد، أو من دون التفكير في ما إذا كان دقيقاً أم لا".

ويتفق العلم مع كونواي. أوردت "أساهي شيمبون" نتائج دراسة، نُشرت عام 2021 في مجلة علم النفس الاجتماعي، قسّمت المشاركين حسب الهوية السياسية، ثم طلبت منهم الحكم على ما إذا كانت عناوين الأخبار المختلفة صحيحة. أشارت النتائج إلى أن الأشخاص لم يكونوا أكثر ميلاً إلى تصديق القصص التي تدعم "جانبهم" فحسب، بل كانوا أيضاً أكثر عرضة لمشاركة وجهات نظرهم. وكلما زاد استقطاب الأفراد، زاد احتمال تصديقهم المعلومات المضللة التي تتوافق مع وجهات نظرهم الخاصة.

وأشارت الصحيفة إلى أن "الحكومة الإسرائيلية ظلت تقدم بنشاط نسختها الخاصة من الأحداث وتحاول مواجهة الروايات المتضاربة". ونقلت عن الباحثة كالينا كولتاي أن "كل يوم على مدار الخمسين يوماً الماضية تقريباً، شاهدت كثيراً من المعلومات الخاطئة المنتشرة. أدرس المعلومات الخاطئة والمضللة على وسائل التواصل الاجتماعي منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وأعتقد أن هذه تبدو وكأنها واحدة من أسوأ اللحظات وأكثرها فوضوية".

ودأبت مؤسسات مثل "مسبار" و"رويترز" و"بي بي سي" و"فرانس برس"، إضافة إلى باحثين مستقلين، على كشف زيف التضليل عبر الإنترنت، لكن الكمية الهائلة من المحتوى، فضلاً عن السرعة التي ينتشر بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جعلت هذه المهمة صعبة للغاية.

المساهمون