"تليغرام" وبلجيكا: التطبيق يخضع للرقابة في أوروبا

"تليغرام" وبلجيكا: التطبيق يخضع للرقابة في أوروبا

16 مايو 2024
تحوّل إلى ساحة خلفية لما يعرف بالإنترنت المظلم (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة البلجيكية تقرر مراقبة تطبيق "تليغرام" بدعم من هيئة تنظيم الاتصالات البلجيكية (BIPT)، استجابةً لاستخدامه في الجرائم المختلفة مثل القرصنة وتجارة المخدرات والأسلحة، ونشر الأيديولوجيات الراديكالية.
- تندرج هذه الخطوة ضمن تطبيق قانون الخدمات الرقمية الأوروبي (DSA) لزيادة سيطرة الاتحاد الأوروبي على منصات التواصل، مما يتطلب من "تليغرام" تعيين ممثل في الاتحاد ويجعل BIPT المراقب الرئيسي للتطبيق.
- "تليغرام"، المنصة التي أسسها الأخوان دوروف في 2013، توفر بيئة مشفرة وآمنة للمستخدمين، لكنها واجهت انتقادات بسبب تسهيلها للأنشطة الإجرامية والتطرف، مما أدى إلى تدخل الحكومة البلجيكية والاتحاد الأوروبي لمراقبتها وتنظيمها.

في خطوة غير متوقعة، بدأت الحكومة البلجيكية بإخضاع تطبيق المراسلة "تليغرام" لمراقبتها المباشرة، وكشفت صحيفة ده ستاندارد الفلمنكية، التي انفردت بالتفاصيل أخيراً، أن هيئة تنظيم الاتصالات البلجيكية، والمعروفة اختصاراً بـBIPT، سيكون لها الحق من الآن فصاعداً، في إخضاع التطبيق للمراقبة داخل جميع دول الاتحاد الأوروبي.

واعتبرت الصحيفة أن تطبيق تليغرام أصبح بيئة نشطة لجميع أنواع الجرائم على شبكة الإنترنت، بدءاً من قرصنة البيانات والمتاجرة بها، وانتشار الأصوات اليمينية والراديكالية المتزمتة من خلاله، كما ساهم في انتشار خطاب الجماعات الإرهابية حين قبل بوجود قنوات عليه تابعة لـ"داعش"، كذلك سهّل التطبيق عمليات الاتجار بالمخدرات والأسلحة والرقيق الأبيض، حتى تحوّل إلى ساحة خلفية لما يعرف بالإنترنت المظلم. سهل كل ذلك نظام التشفير الذي يتيحه التطبيق لمستخدميه، والذين وصل عددهم بحسب الإحصاءات الأخيرة في 2023 إلى أكثر من 700 مليون مستخدم نشط شهرياً حول العالم، من بينهم 41 مليون مستخدم داخل الاتحاد الأوروبي.

جاءت الخطوة البلجيكية نتيجة للتصديق على قانون الخدمات الرقمية الأوروبي Digital Services Act، المعروف اختصاراً بـDSA، إذ دخلت بنود القانون حيز التنفيذ الكامل بقرار من المفوضية الأوروبية في فبراير/شباط الماضي، ما يعني منح الدول الأعضاء في الاتحاد مزيداً من السيطرة على منصات التواصل الاجتماعي، والخدمات الأخرى المقدمة عبر الإنترنت.

ووفقاً لهذه القواعد، يجب أيضاً أن تكون المنصات الموجودة خارج الاتحاد الأوروبي ممثلة فيه عبر وكلاء أوروبيّين، ولهذا السبب أُجبرت "تليغرام" على تعيين الشركة البلجيكية EDSR ممثلاً لها. ونتيجة لذلك، أصبحت هيئة تنظيم الاتصالات البلجيكية (BIPT) هي المراقب الأعلى على محتوى "تليغرام".

في هذا الإطار، قال المتحدث باسم BIPT، جيمي سميدتس، للصحيفة: "سيعلن العمل بالقانون في الجريدة الرسمية للمملكة البلجيكية بحلول منتصف الشهر الحالي. حينها، يمكن بدء عملية مراقبة تليغرام، ولكن سيتعين على هيئة تنظيم الاتصالات البلجيكية أيضاً العمل بشكل وثيق مع الهيئات التنظيمية في الولايات الفيدرالية الثلاث الأخرى التي يتكون منها برلمان المملكة البلجيكية، وهي: الفلمنكية والفرنسية والألمانية، للتصديق على اتفاقية تعاون مشترك بهذا الخصوص، تجري تحت إشراف المفوضية الأوروبية".

بدوره، أعرب الصحافي البلجيكي المتخصص في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ماتياس فيرمولن، عن ترحيبه بالقرار، معتبراً أن تنفيذه سيحد من انتشار الجريمة والتطرف داخل بلدان الاتحاد الأوروبي، وأيضاً سيعمل على حماية المستخدمين. وأوضح قائلاً: "ينطبق هذا المبدأ على جميع الأشخاص أو الهيئات الأوروبية التي تحدد محتوى غير قانوني على تليغرام في مكان ما في أوروبا، فعليهم التقدم بشكوى إلى هيئة تنظيم الاتصالات البلجيكية، التي ستحقق في الشكوى، وفي حال إثبات وجود محتوى يتعارض مع القوانين الأوروبية، حينها يحق لبلجيكا فرض عقوبات صارمة على التطبيق".

ظهر تطبيق تليغرام لأول مرة عام 2013، وخلال عشرة أعوام فقط استطاع منافسة تطبيقات مراسلة أخرى على رأسها "واتساب" و"فيسبوك ماسينجر" و"فايبر" و"تانغو"، بما أتاحه من بيئة آمنة ومشفرة لما يحتويه من رسائل. ويضمن هذا التشفير عدم تمكن أي شخص من قراءة رسائل المستخدمين، بما في ذلك الشركة نفسها، وهي التقنيات ذاتها التي بدأت تطبيقات منافسة أخرى في توفيرها لاحقاً لمستخدميها، إلا أن "تليغرام" يظل أكثر أمناً لكثير من الباحثين عن العتمة، بخاصة مع استخدامه تقنية تشفير قوية تعرف باسم E2EE، تحمي بيانات مستخدميه ورسائلهم من أي تسريب أو اختراق.

مميزات أخرى يتيحها "تليغرام" منها السرعة والتزامن، التي جعلت منه أسرع تطبيق مراسلة، إذ يربط المستخدمين من خلال مراكز بيانات موزعة حول العالم، كما يسمح التطبيق بإرسال واستقبال الملفات والوسائط بأي حجم أو نوع من دون قيود، فضلاً عن إتاحته أدوات قوية لتحرير الصور والفيديوهات، وإضافة تأثيرات صوتية إلى المنشورات.

أطلق "تليغرام" الأخوان الروسيان نيكولاي وبافل دوروف، المعارضان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما تسبب في خروجهما من البلاد.

وعلى الرغم من تضارب البيانات حول البلد الذي تأسست شركة تليغرام فيه، فإن موقع ويكيبيديا يشير إلى أن الشركة مشهرة في برلين، فيما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في دراسة لها حول التطبيق، نشرت في سبتمبر/ أيلول 2023، إلى أن الشركة مقرّها لندن، لكن صحيفة ده ستاندارد البلجيكية أكدت أن الشركة في مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يُشرف عليها طاقم متخصص لا يتجاوز 15 شخصاً.

جدير بالذكر أن تطبيق تليغرام استُخدم بقوة في الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى اليوم، إذ ذكرت وكالة فرانس برس في تقرير لها نشر في 13 من الشهر ذاته، أن مؤسس "تليغرام"، بافيل دوروف، رفض حذف قنوات تابعة لحركة حماس على التطبيق. وكتب عبر حسابه الشخصي على تطبيق إكس: "في وقت سابق من هذا الأسبوع، استخدمت حماس تطبيق تليغرام لتحذير المدنيين (الإسرائيليين) في عسقلان لمغادرة المنطقة قبل ضرباتها الصاروخية، فهل سيساعد إغلاق قنوات حماس على تليغرام في إنقاذ الأرواح، أم سيعرض المزيد منها للخطر؟". ورغم هذا، حجبت "تليغرام" لاحقاً، وفي أوروبا فقط، حساباً لحركة حماس، كان قد بث مقطع فيديو لرهينة فرنسية إسرائيلية. وأوضحت "تليغرام" في بيان لاحق لها: "لا يمكن عرض محتويات هذه القناة، لأنها انتهكت القانون المحلّي".

المساهمون