شكاوى تعنيف تجدد الجدل في نقابة الصحافيين المصريين

10 فبراير 2022
تحدٍّ جديد للنقابة مع شكاوى الصحافيين (أحمد إسماعيل/الأناضول)
+ الخط -

أعلنت الصحافية المصرية، أسماء زيدان، أنّ نقابة الصحافيين تلقت، الأحد الماضي، شكوى من أربعة صحافيين، ضد رئيس تحرير موقع "مصر 360"، حسين بهجت، طالبوا خلالها نقيب الصحافيين، ضياء رشوان، ومجلس النقابة، بتشكيل لجنة تحقيق للاستماع إلى شكاوى الكثير من العاملين في الموقع، ممّن يعملون حاليًا أو سبق لهم العمل لمدد تجاوزت الستة أشهر، وكذلك مخاطبة المجلس الأعلى للإعلام، فيما يتعلق بشكاوى عدد من الصحافيين من الفصل التعسفي، كانت زيدان آخرهم. 

وطالبت الشكوى أيضًا بالتحقيق في اتهام بهجت بـ"التعنيف والترهيب المستمر مع العاملين في الموقع" والتحقيق في "إجبار العاملين في الموقع على الاستقالة دون تسوية مستحقاتهم المالية عن الفترة التي قضوها في المؤسسة، وعدم تحرير عقود عمل، وعدم منح العاملين إجازات سنوية أو مرضية كما ينص قانون العمل" وهي الشكوى التي أعلن عضو مجلس نقابة الصحافيين محمود كامل عن اتخاذ إجراء نقابي بشأنها.  

وبحسب مجموعة "صحافيات مصريات"، فإن شهادة الصحافية أسماء زيدان ليست الأولى ضد رئيس تحرير موقع "مصر 360"، بل سبقها العديد من الشكاوى بوقوع تجاوزات وانتهاكات بحق الزملاء والزميلات العاملين أو المتعاونين مع الموقع طوال العامين الماضيين، لكنها انتهت بوساطة أطراف نقابية وحقوقية. وشملت تلك التجاوزات، بحسب المجموعة، "غياب عقود العمل، والتمييز في الأجور بناء على الأهواء الشخصية لرئيس التحرير، وزيادة عدد ساعات العمل دون دفع مقابل، والإجبار على العمل في ظروف مهينة يشوبها التهديد بالحبس والابتزاز والعنف اللفظي، مستغلا بذلك الأوضاع المتردية التي تشهدها الصحافة وندرة فرص العمل اللائقة في المهنة". وحثت المجموعة "رموزًا نقابية وحقوقية بارزة على الوقوف إلى جانب القيم الأخلاقية والمبادئ المهنية، وعدم الانحياز لرئيس التحرير والتستر على أفعاله تحت أي مسمى أو ذريعة". وقالت في بيان إنها "تتشرف وتفخر بالانتماء إلى مهنة ضميرية تأبى الصمت ودفن الرؤوس في الرمال، وتسعى دائماً إلى فضح الممارسات المنحرفة والمتدثرين بعباءة الدفاع عن الحقوق والحريات".

استقطب موقع "مصر 360"، خلال الفترة القليلة الماضية، بعض الأسماء المعروفة في عالم الصحافة المصرية مثل الكاتب الصحافي عبد العظيم حماد، رئيس تحرير جريدة "الشروق" الخاصة السابق، وأول رئيس تحرير لجريدة "الأهرام" القومية، يتم اختياره من قبل صحافيي الجريدة أنفسهم بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، والذي كان يتبنى خطًا مغايرًا إلى حد ما عن إعلام السلطة، لكنه لم يصمد طويلًا في المنصب، بسبب عدم رغبته في الاصطدام مع السلطة الحاكمة آنذاك، بحسب ما قالته مصادر من داخل المؤسسة.

وبدأ عضو مجلس نقابة الصحافيين، الكاتب الصحافي بجريدة الشروق، محمد سعد عبد الحفيظ، منذ فترة بالكتابة في موقع "مصر 360". وقالت مصادر من داخل الموقع، إنه "بعد بدء عبد الحفيظ الكتابة في الموقع، اتفق مع رئيس تحرير الموقع حسين بهجت، على استقدام بعض الكتاب، وهو ما حدث بالفعل، حيث اتفق مع عبد العظيم حماد، وأنور الهواري، الذي كتب سلسلة مقالات بالموقع عن "فرص عودة الإخوان المسلمين للحياة السياسية"، بالإضافة إلى محمد حماد، وعمرو الشوبكي.

وبينما لا يجد معظم صحافيي وكتاب مصر الآن منفذًا للكتابة والعمل، في ظل سيطرة المخابرات العامة على معظم وسائل الإعلام في مصر، من خلال شركتها "المتحدة للخدمات الإعلامية" التي استحوذت على أكبر المحطات التلفزيونية والجرائد والمواقع الإلكترونية، فيما لا يصدر المجلس الأعلى للإعلام تصاريح لإصدار الصحف والمواقع الإلكترونية، بتعليمات من الأجهزة الأمنية، يجد موقع "مصر 360" المساحة للظهور في المشهد الإعلامي المصري بقوة واستكتاب مجموعة من الصحافيين المعروفين الذين يحاولون الظهور في دور "المستقلين"، وذلك دون أن يتعرض إلى أي مضايقات أمنية، كما يحدث مع بعض المواقع القليلة الأخرى المتبقية خارج منظومة إعلام المخابرات.

وظل الموقع ورئيس تحريره حسين بهجت، يحظيان بالإشادة من قبل هؤلاء الكتاب الذين اعتبروا أن الموقع الجديد "تجربة صحافية جديرة بالاحترام"، حتى إن الكاتب الصحافي ورئيس تحرير جريدة الوفد السابق، أنور الهواري، كتب عن الموقع يقول: "مغامرة صحافية جاءت في أوانها، أرجو لها أن تنجح، وأن تستمر، وأن ينظر لها الرقيب بعين الإنصاف، ففيها إضاءة، وفيها مجهود، وفيها إخلاص، وفيها مهنية رفيعة المستوى". حتى تقدمت أسماء زيدان بشكوى ضد بهجت إلى نقابة الصحافيين، تفيد بتعرضها "لاعتداء لفظي وبدني من قِبل رئيس تحرير موقع "مصر 360" الخاص". 

والجدير بالذكر، أن رئيس تحرير موقع "مصر 360" طالما اشتغل منذ بداية عمله بالصحافة، متابعاً لمنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الحقوقية التي تتلقى تمويلًا خارجيًا، وهي المؤسسات التي طالما شكلت مصدر إزعاج للسلطات المصرية، منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وحتى الآن، فكانت الأجهزة الأمنية تتعامل مع تلك المنظمات عن طريق اختراقها بواسطة بعض العاملين فيها أو الصحافيين الذين يتابعون أخبارها.

مصادر صحافية وحقوقية خاصة قالت لـ"العربي الجديد" إنّ "الهدف من إفساح المجال لموقع "مصر 360" للعمل والظهور بمظهر الصحافة المستقلة، هو استقطاب الأسماء الصحافية الكبيرة التي تكتب في مواقع أخرى ليست على هوى النظام المصري، للكتابة لديه، بشروط معينة، وذلك لفترة من الزمن ثم يتم الاستغناء عنها، وهو أسلوب متبع من قبل الأجهزة الأمنية، وخاصة الأمن الوطني منذ فترة طويلة".

وأضافت المصادر أن "بعض الأسماء الصحافية الكبيرة وقعت في الفخ بسهولة، وشرعت في الكتابة للموقع، حتى إنها ساهمت في تلميع صورته أمام القراء وأمام النخبة، لكن الحقيقة أن الموقع يدار بعقلية أمنية، تسمح بنشر بعض المقالات التي تبدو في ظاهرها معارضة، لكن الموضوعات الصحافية فيه تخضع لرقابة مشددة، وللحذف وللإضافة على حسب هوى رئيس التحرير، أو المكلفين من قبله بفعل ذلك". 

ولفتت المصادر إلى أن "المحامي والناشط في مجال المنظمات الحقوقية، نجاد البرعي، نجح في الحصول على تمويل لموقع "مصر 360" لصاحبه حسين بهجت"، وتساءلت "هل حدث ذلك كله بموافقة الأمن، حيث إنه من المستحيل أن يحصل أي موقع صحافي مستقل على تصريح بالعمل في مصر الآن، فما بالك بحصول ذلك الموقع على تمويل خارجي". وفي محاولة لتلميع الموقع كتب المحامي نجاد البرعي على صفحته على "فيسبوك": "صفحة الرأي على موقع Masr360 في ظني أصبحت واحدة من أهم صفحات الرأي على الإنترنت... أنور الهواري وعبد العظيم حماد وهشام جعفر وخالد داوود ومحمد سعد عبد الحفيظ وعمرو الشبكي وكثير غيرهم من أهم من يكتب مقالات رأي يمكن أن نشاهدهم على صفحتها على الإنترنت". 

ويتبع موقع "مصر 360" مركز "التنمية والدعم والإعلام"، الذي يقوم بالأساس على العمل البحثي والصحافي معاً، ويقول مديره حسين بهجت، إنّه ينفق على المركز والموقع من ماله الخاص.

المساهمون