"قادة المنتخبات".. لقطات زائدة عن الحاجة

03 نوفمبر 2022
قائد المنتخب البرازيلي تياغو سيلفا (Getty)
+ الخط -

في المسلسل الوثائقي الرياضي الجديد على "نتفليكسCaptains (قادة المنتخبات)، المكون من ثماني حلقات لا تتجاوز مدة الواحدة منها نصف ساعة نعيش مع ستة من قادة المنتخبات الدولية أحلام التأهل إلى نهائيات كأس العالم، خلال المراحل الأخيرة من رحلة التصفيات القارية، لنشهد لحظات فرح بعضهم بعد أن حجزوا مقعداً في النسخة القطرية من المونديال، وخيبة ومرارة الهزيمة مع الآخرين.
العشوائية تبدو السمة الرئيسية التي تسيطر على السلسلة الوثائقية، ابتداءً من اختيار أبطالها، مروراً بالحبكة الدرامية التي تربط خطوط العمل، وصولاً إلى المقولات التي تختتم بها كل حكاية، عند الوصول إلى النهاية التي نعرفها مسبقاً. فاختيار أبطال الوثائقي لا يحكمه أي منطق، باستثناء أنهم قادة لمنتخبات ينتمي كل منها لقارة مختلفة، كما أن المستوى الفني متفاوت بين هذه المنتخبات؛ إذ اختيرت البرازيل لتمثيل قارة أميركا الجنوبية، وجامايكا لتمثيل الكونكاكاف، وكرواتيا لتمثيل أوروبا، والغابون لتمثيل أفريقيا، ولبنان لتمثيل آسيا، وفانواتو لتمثيل أستراليا.
السبب وراء انتقاء المنتخبات بهذه الطريقة، يُشار إليه مراراً على مدار الحلقات الثماني، على لسان الشخصيات الثانوية التي تظهر فجأة لتعطينا لمحة حول الكابتن أو البلد الذي يقود منتخبه، مُردّدةً العبارات الكليشيه ذاتها حول أهمية كرة القدم التي تمثل فسحة أمل في البلاد التي تعيش أو مرت بأزمات وكوارث طبيعية وحروب.
في هذا السياق، تتداخل الحكايات، وتسير بخط زمني أفقي، لتبدأ كل الحكايات مع ضبط البوصلة الزمنية لتحديد موقع المنتخب وترتيبه وحظوظه بالتأهل، ومتابعة الرحلة إلى المحطة النهائية في قطر. لكن المشكلة بهذا الشكل من الحبكة تكمن في الاختيارات غير المتوازنة؛ إذ تتداخل مثلاً حكاية كابتن منتخب البرازيل، تياغو سيلفا، الذي تصل حظوظ منتخبه بالتأهل لكأس العالم إلى 50% نظرياً (يتأهل 5 منتخبات إلى كأس العالم من أصل 10) مع حكايات كابتن منتخب الغابون، بيير أوباميانغ، وكابتن منتخب لبنان، حسن معتوق، اللذين لا تتجاوز حظوظ منتخباتهم بالتأهل لكأس العالم 10% نظرياً (تتأهل 9 منتخبات للمونديال من قارتي آسيا وأفريقيا مجتمعتين، من أصل 47 دولة آسيوية و52 دولة أفريقية). مع الأخذ بعين الاعتبار أن حظوظ المنتخب البرازيلي تتجاوز الـ90% عملياً، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نظام اللعب بتصفيات أميركا الجنوبية، التي تلعب فيها كل المنتخبات بمجموعة واحدة!
وإذا ما حسبت الفوارق الفنية بين البرازيل وبين معظم المنتخبات المنافسة له في القارة، بينما لا تصل النسبة إلى 2% مع منتخب لبنان مثلاً؛ المنتخب ذو المستوى المتواضع بالمقارنة مع المنتخبات المعتادة على الحضور في كأس العالم، مثل كوريا الجنوبية واليابان وإيران أو حتى السعودية. هذه الفوارق بالمستويات والحظوظ تؤثر على السياق الدرامي في المسلسل؛ إذ تتلاشى تماماً الإثارة التي يخلقها الفيلم عن الكفاح الشاق ودور الكابتن بالتحفيز على المنافسة لخطف بطاقة التأهل، كلما دخلت خطوط حكاية تأهل المنتخب البرازيلي على باقي الخطوط الدرامية في الوثائقي.
الإثارة لا تقتلها الفوارق بالمستويات بين المنتخبات المنتقاة وحسب، بل يقتلها أيضاً الأسلوب المتبع بصياغة حبكة المسلسل الوثائقي، الذي يعتمد كثيراً على إقحام اللقطات العامة من الحاضر والماضي. لقطات تُظهر بلداناً مختلفة وصعوبات في أوقات الحرب السابقة، لتعزز فكرة أن كرة القدم هي السبيل لخلاص الأمة من المحنة، وأنها الشيء الوحيد الذي يجلب الوحدة للشعب.
فعلياً لا يمكن قراءة السياق سوى أنه دعاية رخيصة للعبة، التي لا تحتاج لهذا النوع من الدعايات إطلاقاً. كذلك، هناك الكثير من اللقطات التي تمر من دون أي مغزى، ويصعب إيجاد منطق يبررها، مثل لقطة لكابتن منتخب كرواتيا، لوكا مودرتش، وهو بالخامسة من عمره ويقف بجانب ماعز. هذه اللقطات التي ربما يُقصد بها الإشارة لموهبة اللاعب بطريقة رمزية، هي لقطات زائدة عن الحاجة.

الجانب الوحيد المثير بالمسلسل هو المتعلق بعنوانه، Captains، ونقصد بالتحديد الحوارات المباشرة التي تُجرى مع قادة المنتخبات الستة حول دور الكابتن (القائد) في الفريق، ليكون من المثير أن نشاهد اللعبة من هذه الزاوية، ونستمع إلى وجهات نظر مختلفة حول الأمر؛ إذ يبدو الأمر عاطفياً مع بيير أوباميانغ وحسن معتوق، وانفعالياً وتكتيكياً مع كابتن منتخب جامايكا، آندريه بلاك، ورمزياً مع تياغو سيلفا، وتوجيهياً مع لوكا مودرتش، وواقعياً تشاؤمياً مع كابتن منتخب فانواتو، براين كالتاك. ربما لو اقتصر الأمر على هذه الحوارات، مع بعض اللقطات من المباريات الحاسمة، لكانت النتيجة أفضل.

المساهمون