قطع الاتصالات عن غزة... القصة الكاملة نحو تدمير شبه تام

العدوان الإسرائيلي على غزة/مخيم النصيرات (دعاء الباز/الأناضول)
29 أكتوبر 2023
+ الخط -

عودة تدريجية لخدمات الاتصالات الثابتة والمتنقلة والإنترنت بدأ يشهدها قطاع غزة، فجر اليوم الأحد، بعد انقطاع كامل للخدمة استمر قرابة 36 ساعة، في وقت تفيد فيه الأرقام بأن شبكة الإنترنت في البلاد شارفت على الانتهاء. 

وبينما لا تزال تفاصيل القطع والوصل غير واضحة، إلا أن تسلسل القصة من أولها يؤكد قيام إسرائيل بقطع الخدمات من طرفها، بحكم أنها المسيطر على المقاسم والشبكات بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب سيطرتها على المقاسم الدولية.

ماذا حصل للإنترنت في غزة؟

وبتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، أصدرت وزارة الاتصالات الإسرائيلية بياناً أكدت فيه البدء في محادثات رسمية مع شركة "سبيس إكس"، ويملكها الملياردير إيلون ماسك، لمدّ مستوطنات غلاف غزة وإسرائيل ككل بالإنترنت الفضائي الذي تقدمه شركة ستارلينك التابعة لـ"سبيس إكس".

لكن اللافت في البيان الإسرائيلي إعلان الوزارة أنها تدرس قطع خدمة الإنترنت والاتصالات عن قطاع غزة بالكامل، ما فتح باب المخاوف للشركات الفلسطينية.

بحكم اتفاقية أوسلو وبروتوكول باريس، فإن إسرائيل هي المتحكم بقطاع الاتصالات في فلسطين، وإلى إسرائيل تمتد خطوط الاتصالات والمقاسم بين الضفة والقطاع، وهي المتحكم بالمقاسم الدولية كذلك.

إسرائيل هي المتحكم بقطاع الاتصالات في فلسطين.

وبتاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، فقدت شركات الاتصالات والإنترنت أية إشارات قادمة من قطاع غزة قبل البدء بتكثيف القصف الإسرائيلي على القطاع، وفق مصادر في وزارة الاتصالات الفلسطينية.

هذه المصادر أبلغت الأناضول أن شركات الاتصالات العاملة في غزة تعرضت في وقت واحد إلى فقدان أية إشارات للاتصال مستقبلَة أو مرسلة من وإلى قطاع غزة.

مصادر أخرى في شركة الاتصالات الفلسطينية وجوال أكدت، أيضاً لوكالة الأناضول، أن القطع حصل فجأة في مقاسمها، وهو قطع لم ينتج "مطلقاً" عن موجة القصف الأخيرة التي تعرض لها القطاع مساء الجمعة الماضي.

وأمس السبت، أصدرت وزارة الاتصالات الفلسطينية بياناً قالت فيه إن قطع خدمات الاتصالات كان متعمداً من إسرائيل من خارج قطاع غزة، وهو ما يؤكد أن إسرائيل نفذت القطع من خلال المقاسم لديها التي تربط الضفة بغزة والمقاسم الدولية.

وذكرت الوزارة أن "الانقطاع الكامل للاتصال مع غزة ناتج عن الأفعال المتعمدة التي قامت بها سلطات الاحتلال من خارج حدود القطاع خلال العدوان المستمر".

وتقصد الوزارة أن قطع الخدمات ليس ناتجاً عن عمليات القصف المستمرة، بل قطع متعمد للخدمة من خلال فصل مقاسم الخدمة الدولية التي تسيطر عليها إسرائيل أيضاً، لكنها لم تشر إلى ذلك صراحة.

وأمس السبت، نشر الملياردير إيلون ماسك أنه سيزوّد المنظمات الإغاثية المعترف بها دولياً بخدمة الإنترنت من شركة ستارلينك، وهو ما لاقى ردة فعل إسرائيلية رافضة.

ردة الفعل تمثلت في تصريحات لوزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي، الذي قال إن تل أبيب "ستلجأ إلى كافة الوسائل" لمنع الملياردير إيلون ماسك من تزويد منظمات الإغاثة المعترف بها دولياً في قطاع غزة بالإنترنت.

وأضاف كرعي: "ستحارب إسرائيل بكافة السبل خطوة ماسك"، مضيفاً أن حركة حماس "ستستخدم ذلك (خدمة ستارلينك) لمصلحة نشاطاتها".

في تلك الأثناء، أكدت شركات اتصالات عاملة في السوق المصرية، السبت، استعدادها لتوفير خدمة الاتصالات لسكان غزة، وذلك في حال انتهاء التنسيق بين السلطات المصرية ونظيرتها الفلسطينية.

بعد كل هذه التطورات، أعلنت شركات الاتصالات الفلسطينية العاملة في غزة، فجر الأحد، عن عودة تدريجية لخدمات الاتصالات الثابتة والمتنقلة والإنترنت إلى القطاع، من دون مزيد من التفاصيل.

أعلنت شركات الاتصالات الفلسطينية العاملة في غزة، فجر الأحد، عن عودة تدريجية للخدمات.

وتقول المصادر في وزارة الاتصالات لـ"الأناضول": "وجدت إسرائيل نفسها أمام معضلة في حال استمرار قطع خدمات الاتصال.. فهي لا تريد أن تخسر علاقاتها مع "سبيس إكس"، كما سيجد سكان غزة حلولاً قادمة من مصر، وتخشى من وصول تقنيات الإنترنت الفضائي إلى الفصائل الفلسطينية".

تدمير الإنترنت في غزة شارف على الاكتمال

أدّت عمليات القصف الكثيفة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة إلى تضرر شبكات الاتصالات الثابتة والمتنقلة والإنترنت داخل القطاع بشكل كبير جداً، ما أضعف جودة الاتصال إلى الحد الأدنى وجعل خدمات الإنترنت تتراجع بكل المقاييس. 

في غزة، تعمل شركات: الاتصالات الفلسطينية وجوال اللتان تقدمان خدمات الهاتف الثابت والمتنقل والإنترنت، وشركة أوريدو فلسطين التي تقدم خدمة الهاتف المتنقل، وشركة مدى العرب للإنترنت، وشركة فيوجن للإنترنت.

وبحلول اليوم العاشر من الحرب، أصدرت شركتا الاتصالات الفلسطينية وجوال ورقة حقائق، تظهر أن حجم الخسائر في الشبكات والبنى التحتية للشركة بلغ 50 في المئة كنسبة ضرر.

وأوردت مجلة وايرد التقنية الأميركية أن الكابلات في غزة تضررت أو دمرت، وكذلك أبراج الاتصالات الخلوية والبنية الأساسية اللازمة لإبقاء الناس على الإنترنت. 

وتُظهر الصور ومقاطع الفيديو أن المواقع التي تضم شركات عدة للإنترنت والاتصالات قد تضرّرت، بينما تصف التقارير الواردة من المنظمات الرسمية، بما في ذلك الأمم المتحدة، تأثير عدم اتصال الأشخاص بالإنترنت.

وفي خضم القصف الإسرائيلي المكثف على غزة، دُمّرت الأنظمة المادية التي تعمل على تشغيل الإنترنت. في 10 أكتوبر/تشرين الأول، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي يشرف على الاستجابة لحالات الطوارئ، إن الغارات الجوية "استهدفت منشآت اتصالات عدة" ودمرّت اثنين من خطوط الاتصالات الرئيسية الثلاثة المتجهة إلى غزة.

وتنقل المجلة عن رينيه فيلهلم، من مركز تنسيق شبكة الإنترنت غير الربحي ريب نتوورك، أن 11 شبكة فلسطينية تعمل في الضفة والقطاع بدأت تعاني من التعطيل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأن ثماني شبكات لم تعد مرئية للإنترنت العالمي اعتباراً من 23 أكتوبر/تشرين الأول.

وقالت شركات إنترنت واتصالات فلسطينية عدة أن خدماتها تعطلت خلال الحرب.

وحتى قبل الانقطاع الأخير، كان هناك حوالى 15 في المائة فقط من الاتصال الطبيعي، وفقاً لبيانات من مشروع اكتشاف وتحليل انقطاع الإنترنت التابع لشركة "جورجيا تك"، وانخفض ذلك إلى حوالي 7 في المائة مع انتشار تقارير عن القطع. 

وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو تدمير أحد مكاتب شركة بال تل في حي الرمال بمدينة غزة جراء الهجمات. وقد دمرت الأرضيات وتحطمت النوافذ في المبنى متعدد الطوابق، وتحيط أكوام من الأنقاض بالمداخل.

كما أعلنت شركة ألفا نت لخدمات الإنترنت أن برج الوطن حيث يقع مقرها قد دُمّر وتوقفت خدماته. 

وقالت شركات إنترنت واتصالات فلسطينية عدة إن خدماتها تعطلت خلال الحرب. وقالت "فيوجن" عبر "فيسبوك": "لقد دمرت الشبكة، وتعرضت الكابلات والأعمدة لأضرار بالغة جراء القصف". وقالت "جيت نت" إنه حدث "انقطاع مفاجئ" في نقاط الوصول.

ونشرت شركة "سبيد كليك" أن الوضع كان خارجاً عن سيطرتها. ونشرت "هاي نت" أنه "ليس لديها المزيد لتقدمه لضمان" بقاء الأشخاص على الإنترنت بعد "الهجمات والدمار الذي تعرضت له خوادم الإنترنت لدينا".

وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قطع اتصال 83 في المائة من مستخدمي الخطوط الثابتة عبر بال تل، كما أن 53 في المائة من المواقع التي توفر اتصالات الخطوط الثابتة أصبحت غير متصلة بالإنترنت. وجاء في التحديث أن نصف خطوط إنترنت الألياف الضوئية التابعة للشركة في غزة معطلة.

المساهمون