حسابات افتراضية تدعو لإبادة الغوطة: السقوط الأخلاقي الأخير

24 فبراير 2018
تناقل الناشطون صور منشورات تحريضية لحسابات وهمية(أمير الموهيباني/فرانس برس)
+ الخط -

انطلقت في اليومين الماضيين، على وسائل التواصل الاجتماعي، دعوات غير مسبوقة، تجاوزت حد المطالبة بحسم عسكري في الغوطة التي تقصف بشتى أنواع الأسلحة، إلى المطالبة بإبادة المدينة المحاصرة، واتباع سياسة الأرض المحروقة، بقتل الأطفال والنساء قبل الرجال، بل وتمادى بعض القائمين على هذا النوع من الصفحات إلى درجة مدح رائحة الدم، والانتشاء بمشاهد الدمار والدخان المتصاعد.

وتناقل الناشطون صور المنشورات التحريضية مستنكرين، فكتب عماد العبار على "فيسبوك": "لا أستطيع أن أغمض عيني عن جريمة سورية يشارك بها سوريون كانوا طوال الوقت يصورون قذائف الهاون على دمشق وكأنها قنابل نووية، وهم اليوم يتمنون إبادة الغوطة عن بكرة أبيها.. لا أستطيع إلا أن أرى البشاعة والجريمة على امتدادها الواسع.. وربما هو امتدادها الطبيعي والحقيقي.. وربما هو نتيجة طبيعية لاختلال العالم".


وكتب نجيب أصفري: "كنت أشك منذ حوالي 7 سنوات إلى الْيَوْمَ ... أننا نسير بسرعة إلى الدرك الأسفل بين الشعوب والأمم على المستوى الوطني والأخلاقي وقبلهما المستوى الإنساني... بعد قراءة بعض الكتابات عما يحصل من إبادة في الغوطة وشماتة البعض في قتل وتمزيق المدنيين أشلاء من أطفال وشيوخ ونساء على يد العدو الروسي الاٍرهابي وعصابات الخائن بشار المجرم، تاكدت (للأسف) أننا وصلنا فعلا إلى الدرك الأسفل" !

وكتب عمر دياب نقلًا عن وسيم الشرقي: "بدل ما الظلم يوحّد الناس بوجه ظالم واحد أو ظلمة متعدّدين، عم يحولنا كلياتنا لظلّام، ولو على مستوى الحكي بس. ما فيك ولا فيكي تكون أكتر حدا مظلوم بالعالم. للأسف. ما هيك بتصير القصص. اليوم في عملية إبادة جماعيّة لـ400 ألف شخص بالغوطة الشرقية، بأسلحة إنت بس بتسمع صوتها وقت بتطلع وما عندك فكرة عن شعورها كيف بتنزل، ويمكن ما بحياتك جرّبت".

وعبر ناشطون معارضون عن تشكيكهم في هذه الحسابات، وأشاروا إلى أن كثيراً منها وهمي، هدفه خلق نوع من الرأي العام الزائف، يعبر عن إجماع على رفض الهدنة أو الحل السلمي، ليمنح الأسد الذريعة المطلوبة بمتابعة محرقته بالغوطة.


وقال ماهر إسبر على "فيسبوك" إن المسؤولية الأخلاقية يجب أن تلزم من يشارك هذا النوع من المنشورات على التساؤل عمن كتبها قائلاً: "ألا يجب أن نفكر من يمكن أن يكون له مصلحة بالوصول بالحقد والكراهية في سورية لمثل هذا المستوى الذي تستحيل معه العودة والحياة إلا إن حدث تقسيم للبلاد أو حكمها نظام مثل نظام بشار الأسد". مؤكداً أن هذا بالضبط ما يحاول النظام الترويج له.

الإعلامية السورية ديمة عزّ الدين شككت بدورها بالتعليقات المحرضة على أهل الغوطة، وأشارت إلى "أنّ بعضاً من أسمائها وبروفايلاتها وهمية، تُنشر بقصد خبيث في توقيت موجع" وأضافت: "منذ آذار 2011 عرفنا أننا كسوريين مختلفون على الإنسانية أساساً، قبل أن نختلف سياسياً أو طائفياً، إنما توقيت ووهمية الحسابات ذات الطابع المحرض، يشبه توقيت تسريبات وحشية سابقة دائماً تأتي في أوقات صعبة لتزيد من غضبنا وتنمي الحقد، فتأخذ قسطاً من تركيزنا وقسطاً من مشاعرنا الذي اليوم والآن ينبغي أن يكون كله مع أهل الغوطة".

وعند محاولتنا تتبع بعض تلك الحسابات وجدنا أنها لم تعد موجودة، مما يثير حولها علامات استفهام عديدة، ومن بينها حساب Natalie Kh وSuzan Mohammed Khalil على "فيسبوك"، وحساب zee_A86 على "تويتر" الذي كان من الواضح أن وراءه فريق عمل كاملاً، حيث شارك ما لا يقل عن 233 ألف تغريدة، وكان متابعًا من قبل 51 ألف شخص، قبل أن يختفي أثره بشكل نهائي.


يذكر أن صفحة "اللاذقية الآن" المؤيدة، نشرت البارحة تصويتًا حول رأي الناس بملف الغوطة، فكانت النتيجة 19% لصالح الحل السلمي، مقابل 81% لصالح الحل العسكري، غير أنه لا يخفى على أحد، أن هذه الصفحة وكثيراً مثلها لا تشكل الرأي العام لجميع السوريين، وبما أنها صفحة تؤيد بشار الأسد، فمعظم متابعيها هم من مؤيديه، ما يجعل نتيجة التصويت تصب في مصلحته. 










 


 (العربي الجديد)

المساهمون