مستشارة إعلامية جديدة للحكومة التونسية... حرب الاتهامات متواصلة

10 يوليو 2018
تسوية وضعية الصحافيين من أهم التحديات (تشادلي بن إبراهيم/NurPhoto)
+ الخط -
تعيش الساحة الإعلامية التونسية منذ أشهر حالةً من المخاض اعتُبرت ترجمةً عملية للحالة السياسية التي تعيشها تونس. فكما كانت الانقسامات بين الأطراف السياسية واضحة حول إقالة الحكومة أو تعديلها، كان الأمر ذاته في الساحة الإعلامية، وخصوصاً في ما يتعلق بمنصب المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة التونسية الذي يبدو أن له اليد الطولى على المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة. 

فقد ارتفعت العديد من الأصوات المنادية بإقالة المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة، مفدي مسدي، إلى حد وصل فيه الأمر إلى أن تنشر صحيفة "الصحافة اليوم" العمومية (الرسمية) سلسلةً من المقالات تدعو إلى إقالة المستشار، بل ووصف المسدي من قبل لطفي العربي السنوسي، رئيس التحرير السابق للصحيفة وأحد أبرز كتابها، في أكثر من مقال، بأنه "مسيلمة الكذاب" وأنه "فاقد الأهلية لتولي هذا المنصب". كما خصص رئيس التحرير الحالي ومدير الصحيفة الهاشمي نويرة البعض من مقالته لهذا الموضوع طالباً من رئيس الحكومة إقالة مستشاره الإعلامي.

هذه الوضعية دفعت المسدي إلى الاستقالة، وهي بقيت على ما يبدو على مكتب رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد دون تفعيل لها، لتعاود صحيفة "الصحافة اليوم" هجمتها على المسدي. ويبدو أن هذه المرة كان لهذه الحملة مفعولها، إذ أكد أكثر من مصدر أن مفدي المسدي تمّ التخلي عنه رسمياً وتعيين إنصاف بوغديري مستشارةً إعلاميةً لرئيس الحكومة التونسية.
وبوغديري صحافية وكاتبه باللغة الفرنسية عرفت نجاحاً في العديد من التجارب الإعلامية، في صحف مثل "لرونوفو"، وقنوات تلفزيونية "نسمة تي في" و"الحوار التونسي"، وإذاعية مثل "شمس أف أم".



البوغديري ستجد العديد من الملفات المتراكمة أمامها، أهمها تعيين مدير عام للتلفزيون الرسمي وتسوية الوضعية المهنية للعديد من الصحافيين، وهي مؤهلة للنجاح في ذلك، بحكم علاقاتها الجيدة بالعاملين في القطاع الإعلامي وخاصة بأعضاء المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين. لكن قد يكون الملف الأصعب بالنسبة إليها هو كيفية الخروج من حالة الاحتقان التي يعيشها الوسط الإعلامي التونسي وتبادل التهم والتخوين اللذين يعرفهما هذا الوسط، وآخرها في نهاية الأسبوع الماضي عندما نشر أحد المواقع الإلكترونية ما سمّاه تسريباً يتعلق بقائمة صحافيين تلقوا أموالاً من الحكومة البريطانية للدفاع عن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد ضدّ خصومه ومناوئيه.

وضمّت هذه القائمة نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري وعضوي المكتب التنفيذي للنقابة محمد مهدي الجلاصي وزياد دبار، وأثارت ردود فعلٍ غاضبة ومرحبة بها في الآن نفسه. ففي حين اعتبرها الكثيرون محاولة لضرب النقابة وأهم أعضائها بنسب تهم لهم لا أساس لها من الصحة، رأى فيها آخرون كشفاً لبعض الحقائق عن وجوه نقابية فاسدة.

لكن الإجماع العام أنّ هذه التسريبات غير صحيحة، والغاية منها تشويه سمعة بعض الصحافيين. وقد اتهم ناجي البغوري بعض اللوبيات بفعل ذلك، وأضاف لهم نور الدين بن تيشه، المستشار السياسي للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي. إذ قال البغوري "كمال اللطيف ما زال حرا طليقا، ونبيل القروي أيضاً... نورالدين بن تيشه ما زال وفيّا لأدواره المشبوهة... فانتظروا منهم مزيدا من التشويه، ومنّا مزيدا من التحدّي". وهو تصريح للبغوري يعني أن البعض في رئاسة الجمهورية التونسية وفي إطار خطتهم للإطاحة برئيس الحكومة يوسف الشاهد حشروا النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وبعض قيادتها في هذا الصراع.
يبدو أنّ هذا الصراع سيزداد حدةً في الأيام المقبلة، خاصة فى ظل الجو السياسي المشحون الذي تعيشه تونس، ومحاولة كل طرف استغلال أي مناسبة للإطاحة بخصمه السياسي. وهو ما قد يصعّب من مهمة المستشارة الإعلامية الجديدة لرئيس الحكومة التونسية، والمطالبة بإدارة جزءٍ من هذه الصراعات وربما أكثرها أهمية المتعلق بالصورة الإعلامية التي يراد تسويقها للحكومة التونسية ولرئيسها يوسف الشاهد.