هجوم كوبنهاغن: الإعلام يكشف عن عنصريته ضد العرب

15 فبراير 2015
(تويتر)
+ الخط -
تفاعل الحدث الدنماركي مساء أمس السبت، بعد أن بقيت التخمينات والتضارب بين الدقة والتضخيم بشأن ما حدث في كوبنهاغن على هامش ندوة عن حرية التعبير شارك فيها السفير الفرنسي وعدد من المهتمين.

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، اتصل برئيسة وزراء الدنمارك هيلي تورنينغ شميت، بعد أن أكد سفيره في كوبنهاغن فرانكو زيمري في تغريدة له على "تويتر" أنه "ما زلت على قيد الحياة".

ولم يكتفِ هولاند بتضامنه بذلك الاتصال، بل تم التأكيد في كوبنهاغن أن وزير داخليته بيرنارد كازينوفي سيكون قريباً في كوبنهاغن لـ "إظهار ذلك الدعم والتضامن" بعد عملية إطلاق النار على ندوة مخصصة للبحث في العلاقة بين حرية التعبير والفن وإهانة الإديان.

مشاركة السفير الفرنسي في ندوة تتعلق بحرية التعبير، في الوقت ذاته الذي شارك فيه رسام كاريكاتور سويدي يحظى بحماية أمنية كبيرة، بسبب التهديدات التي تلقها بالتصفية الجسدية من إسلاميين متشددين على خلفية رسوم لشخصية النبي محمد، يراها بعضهم مشاركة للتكفير عن هفوات ما قبل "شارلي إيبدو"، والتي ترافقت مع تخل أوروبي رسمي عن الدنمارك في أثناء أزمة الرسوم المسيئة قبل عشر سنوات.

وذلك التخلي وعدم إظهار التضامن الذي أوجدته أوروبا مع فرنسا بعيد هجوم "شارلي إيبدو" هو ما انتقدته وسائل إعلام وصحف دنماركية في الشهر الماضي، متساءلة عن السبب الذي دعا أوروبا لترك الدنمارك تواجه أزمة الرسوم لوحدها في ذلك الوقت.

سارعت التصريحات الفرنسية فوراً إلى التناغم مع ما جرى لشارلي إيبدو، بقول سفيرها في كوبنهاغن: هذا هجوم مثل هجوم "شارلي إيبدو". وبحسب ما نقلت عنه محطات ووكالات أنباء عالمية فقد حاول الربط  بين الهجومين بالقول: "لقد أطلقوا النار علينا من الخارج ولم ينجحوا في الدخول".

هذا القول يناقض الروايات الأمنية وشهود العيان في كوبنهاغن، والتي نقلتها حرفياً وسائل إعلام محلية. فلم يكن هناك محاولة للدخول ولم "يُطلقوا" بل أطلق شخص واحد النار.

ندوة تقام لبحث العلاقة بين الفن وحرية التعبير وإهانة الأديان يحضرها سفير فرنسا فيخرج الرجل على وسائل الإعلام وكأنه المستهدف وليس رسام الكاريكاتور السويدي، وتلك محاولة قرأها بعضهم بتساؤل: هل هناك جهات سياسية وإعلامية تريد لكل بلد أوروبي "شارلي إيبدو" الخاص به، لكي يكون ذلك مدخلاً نحو المزيد من الحشد؟

سؤال كبير آخر قفزت كثير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية عنه، كيف يمكن لشرطة وأجهزة أمنية أن تغرق في مطب تعميمي لا سابق له: "إننا نلاحق رجلاً ملثماً، أبيض اللون على غير العادة. ملثّم وشعره أسود ناعم بملامح عربية!".

ما هي هذه القدرات الخارقة التي تكشف لون الشعر من تحت اللثام، وتقدّم بعد ثوانٍ معدودة لوسائل الإعلام ما تتناقله من دون سؤال؟ وكيف كشف عن أن المهاجم بملامح عربية؟
ثمة شاهدة عيان مرّت على دراجتها بالقرب من المهاجم، قالت حرفياً: "لقد مر بي، يحمل رشاشاً، وهادئاً جداً. أستغرب كيف أن رجال الاستخبارات لم يتعقبوه، وقد رأيت أحدهم يحمل مسدساً بيده وجهازاً لاسلكياً".

شهادة تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول "القفز إلى النتائج"، هكذا وبلسان إعلامي يردد تماماً ما يلقيه السياسي والأمني من دون عناء التمحيص في الرواية الدقيقة. بل وبعد تلك الشهادة تخرج الشرطة الدنماركية لتطالب المواطنين بعدم الإدلاء بأشياء غير واقعية!

لم يكن يكفي الجاليات العربية هجوم "شارلي إيبدو" واحداً لتصير لديهم تعددية الهجمات بملامح لا فصال فيها ولا نقاش، على عكس دوافع القتل في كارولاينا الشمالية. هنا يلعب الإعلام دوراً آخر في وضع ملامح العربي تحت طائل التهمة الجاهزة من دون أن نتمكن من معرفة تلك الملامح. التدقيق وصل حد تغيير سرد سابق لملامح شرق أوسطية في عقود ماضية، حتى بتنا أمام كل حادثة يستثنى منها الكل إلا العربي في ملامحه... البيضاء هذه المرة!