في حضرة "برشلونة 39"..الطريق إلى الثلاثية أقرب إلى المستحيل

23 مارس 2016
طريق البرسا للثلاثية صعب هذا الموسم (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -


يقدم برشلونة نفسه كأيقونة الكرة في السنوات الأخيرة من عمر اللعبة. القصة لا ترتبط فقط بعدد وافر من البطولات والألقاب، بل تمتد لتشمل أسلوب لعب فريد من نوعه، وكوكبة من النجوم العظام، مع فلسفة كروية غير قابلة أبدا للمسّ، بالإضافة إلى إرث تكتيكي محترم، يتناقله خريجو المدرسة الشاملة في كل ملاعب أوروبا، من إنجلترا إلى ألمانيا مرورا بالبرتغال وبلاد الشرق الأوسط. باختصار شديد، صار اليرسا بمثابة المرجع الأول للساحرة المستديرة، بالنسبة لأعدائه وخصومه قبل أنصاره ومريديه.

لذلك لا عجب أبدا من قدوم زين الدين زيدان كمدير فني للبيت الملكي. جمهور البرنابيو ضاق ذرعا بطريقة بينيتيز الدفاعية، وأراد رجلا يعشق اللعب الجمالي البديع، مدرب تأثر كثيرا بغوارديولا وذهب إلى ميونخ لمقابلته. صحيح أن له طريقه الخاص وتاريخه العريض، لكنه يسير في النهاية وفق المبدأ نفسه، الهجوم أولا، والمتعة قبل الثلاث نقاط مسألة مبدأ.

39
حقق برشلونة سجلا رائعا هذا الموسم، 39 مباراة دون هزيمة، مع خمس بطولات في عام 2015، إلى جانب تصدّر مستحق لبطولة الليغا، ونهائي منتظر مع إشبيلية في كأس الملك، وصعود سهل إلى ربع نهائي الشامبيونزليغ، ليصبح الأحمر والأزرق هو المرشح الرئيسي في مختلف الملاعب، والبطل الذي يخشى الجميع مواجهته، لدرجة أن خطف نقطة منه يعتبر إنجازا حقيقيا، كما احتفل جمهور المدريغال بالتعادل الأخير في الشوط الثاني.

تبدو كل هذه الأمور مثالية وجميلة، لكن المسألة ليست أبدا بهذه البساطة، والطريق لن يكون مفروشا بالورود هذه المرة، ويجب على إنريكي وجهازه المعاون معرفة ذلك، لأن برشلونة الحالي فريق مرعب بكل تأكيد، لكنه قابل للهزيمة، ويعاني من نقاط ضعف حقيقية وواضحة، من الصعب معالجتها في آخر شهرين من عمر الموسم.

عانى برشلونة كثيرا أمام آرسنال في كامب نو ثم فياريال في الليغا، الأهداف لم تكن سببا رئيسيا، لأن هناك مساحات شاغرة بين منطقة وسط برشلونة ودفاعه، كذلك الضغط على الدفاع يؤدي إلى مزيد من التراجع للخلف، ويتم تدريجيا فصل الـMSN عن بقية الفريق. ورغم أنف التسعة وثلاثين، هناك نقاط ضعف واضحة في مجمل أداء الكتلان.

إنييستا
يلعب بوسكيتس دورا محوريا في تنظيم اللعب في تكتيك إنريكي. هو أذكى ارتكاز في العالم، مع قابلية للتمركز الإيجابي في نصف ملعب اليرسا، من خلال تحوله ببساطة من الوسط إلى الدفاع والعكس. كذلك يقدم راكيتيتش مستوى مبهرا في الفترة الأخيرة، من خلال قوته البدنية وصعوده المستمر لأداء الواجب الهجومي، مع تغطية مستمرة بجوار ألفيش خلف المتقدم ميسي، لكن إنييستا هو الترمومتر الحقيقي في وسط البلاوغرانا. أندريس هو قائد الأوركسترا، من يتحكم في نسق وإيقاع اللعب، متى الفريق يهاجم، أين يضرب في الفراغات، كيف يتحرك بين الخطوط. الرقم 8 يملك الكثير من أسرار زرقاء اليمامة تشافي، ولويس إنريكي يعرف ذلك جيدا، لذلك عندما قرر هيرنانديز الرحيل، لم يعترض لوتشو، لأن إنييستا لا يزال في القمة، وهو من يعطي اليرسا خاصية "التحكم" في منطقة المنتصف.

إنييستا لاعب كثير الإصابات، وليس له أي بديل في الخارج، لا توران قادر على لعب هذا الدور، ولا روبرتو البارع في التحولات بشكل أساسي، لذلك في حالة غياب الرسام أو تأثر مستواه بعامل الإرهاق، يفقد برشلونة السيطرة على اللعب، وهنا تظهر مختلف عيوبه ونقاط ضعفه، لأنه ضعيف بعض الشيء في حالات الدفاع، وتزيد خطورته عندما يحصل على الكرة ويبادر إلى الأمام.

الظهيران
كم عدد المرات التي انطلق فيها ألبا إلى الهجوم، وحصل على موقع رائع في منطقة جزاء الخصوم، لكنه يمرر في قدم المدافع أو بعيدا عن زملائه؟ أعتقد هو رقم كبير بعض الشيء، لأن الظهير الإسباني مندفع بعض الشيء في هجومه، ولا يستفيد من قوة نيمار أمامه، كذلك يعاني بوضوح أثناء المرتدات، لأن هذه المنطقة هي الأضعف في لعبة التحولات. إنييستا لا يدافع بشكل متكامل، نيمار لا يعود في كل كرة، وألبا ضعيف جسديا، بينما في اليمين تزيد المشاكل عند ضغط المنافس تجاه الخط الجانبي للملعب، فألفيش بدأ يندمج مع عامل السن، وأصبحت حركته ثقيلة بعض الشيء عندما يستلم الكرة بظهره، كذلك بديله أليكس فيدال لم يصل بعد إلى مستواه الحقيقي، نتيجة فترة الإيقاف الطويلة منذ بداية الموسم وحتى يناير/ كانون الثاني، وبالتالي تبقى الجبهة اليمنى غير متكاملة دفاعيا.

يعتمد لويس إنريكي بشكل شبه كلي على اللعب الطرفي، من خلال صعود الظهيرين إلى منطقة الارتكاز، والضرب بميسي ونيمار من الأطراف إلى العمق في اتجاه قطري، هذا الأمر مفيد جدا في حالة الاستحواذ، لكن تزيد التحديات قبل أن تصل الكرة إلى ثلاثي الهجوم، لأن قطع الهجمة من الظهيرين يعني مرتدة قاتلة، وهدف في أغلب الأحيان.

عمق الفريق
يتفوّق اليرسا على جميع فرق العالم قديما وحديثا نتيجة تواجد الثلاثي الخارق، ميسي، سواريز ونيمار، ويستطيع خط الهجوم إنهاء أي مباراة مهما كانت صعبة، لكن عدم وجود لاعب واحد منهم في أي مباراة كبيرة يعني قمة العطل في نظام يرسا لوتشو، وهذا الأمر وارد بشدة خصوصا مع توالي المباريات، وإمكانية تعرّض أي منهم للإيقاف كمثال، كما حدث مع سواريز في مباراة فياريال، عندما لعب دون روح بسبب خوفه من بطاقة صفراء تمنعه من الكلاسيكو.

يستطيع برشلونة الوصول بعيدا بـ11 لاعبا أساسيا، لكنه يعاني بعض الشيء من مسألة "العمق"، لأن كافة البدلاء ليسوا في مستوى المجموعة الرئيسية، حتى بعد دخول توران وفيدال، فالأول بعيد بعض الشيء عن أجواء المباريات، والآخر لم يفهم بعد كيف تدار الأمور داخل تكتيك مدربه، وبالتالي برشلونة مرشح قوي في كل المعتركات، لكنه ليس المرشح الأوحد أو صاحب كافة الحظوظ في المعادلة.

لاعب مثل رافينيا يمكنه قلب الكفة. يتفوّق البرازيلي العائد من الإصابة في كونه ريشة حقيقية بين العمق والأطراف، لاعب وسط يربط بين الأظهرة والأجنحة، نتيجة لعبه من قبل كجناح حقيقي في فرق الناشئين، كذلك تمركزه في العمق خلف الهجوم مع الفريق الرديف، لذلك الأخ الآخر لألكانترا يعتبر لاعب وسط بصبغة مائلة للطرف، وهذا ما يريده لويس إنريكي للاستمرار في خلطته، في انتظار ماذا سيحدث بعد فترة التوقف الحالية.

المساهمون