القمة المنتظرة لـ"يورو 2016"..ملوك الدفاع أمام مهندسي المبادرة الهجومية

26 يونيو 2016
قمة كروية منتظرة بين مدرستين (Getty)
+ الخط -
تستحق مباراة إيطاليا وإسبانيا أن تكون قمة الدور ثمن النهائي، مع نجوم الفريقين وقوة الأسماء خارج الملعب، بالإضافة إلى النضج التكتيكي للثنائي كونتي وديل بوسكي، إنها مواجهة البطولة وليس فقط هذه الجولة، خصوصا أن مباريات الأزوري والماتدور تحظى دائما بمستوى فني مميز وصخب إعلامي حاضر، والفائز سيقدم نفسه كمرشح رئيسي على اللقب في النهاية.

قمة التضاد
قدمت إيطاليا دورا أول جيدا، ونجح رجال كونتي في الوصول إلى صدارة المجموعة في أول مباراتين، ونال الفريق مديحا مستحقا بعد أول مباراة أمام بلجيكا، بعد أن سجل هدفين على مدار اللقاء، وأغلق نصف ملعبه تماما أمام نجوم المنافس، ليتفوق الأزوري على مستوى التمركز الدفاعي المتكامل، ويتحرك لاعبوه بذكاء أمام مرمى بوفون.

في المقابل، منتخبات قليلة جدا تلعب بشكل هجومي في يورو 2016، وظهر فقط الإسبان والألمان بشكل أفضل في ما يخص الابتكار ومحاولة المبادرة، لأن بقية الفرق تلعب بطريقة دفاعية، تنتظر خصومها أمام مرماهم، ثم تفكر في الرد إما بمرتدة أو عن طريق ضربة ثابتة، لكن فريق ديل بوسكي يعرف كيف يمرر ويصعد بالكرات من الخلف إلى الأمام.

وأثبتت قمة البرتغال وكرواتيا ضعف الجانب الهجومي في النسخة الحالية، مع استحواذ الكروات السلبي، وعدم وجود الجرأة المطلوبة عند البرتغاليين، وكانت المباراة في طريقها إلى ركلات الجزاء لولا لعبة كواريزما الأخيرة، لذلك ينتظر الكثيرون أن تكون المباراة الأقوى على مستوى التطلعات، كما كانت في نسختي 2008 و 2012.

قوة الأطراف
"أريد من فريقي أن يلعب بشكل غير متوقع، أن يبدأ اللعب من جانب ويجرح المنافس من جانب آخر في جزء من الثانية"، هكذا يقول أنطونيو عن إيطاليا، ويحاول الأزوري في هذه البطولة مباغتة خصومه، من خلال الهروب من مصيدة الضغط في المنتصف، والتوجه سريعا نحو الأطراف، لصنع زيادة عددية على الرواق، والقطع السريع تجاه عمق الملعب، بأقل عدد ممكن من التمريرات.

3-5-2 هي تميمة النجاح بالنسبة لكونتي مع الفريق الأزرق، فالمدرب تعامل مع الغيابات القوية في الوسط بعد إصابة فيراتي، وتحول إلى سلاحه الفتاك الذي يعرف بأجنحة الطرف، من خلال مراقبة المنطقة بثلاثي دفاعي صريح، على يمينه ويساره ثنائي يتقدم كثيرا نحو نصف ملعب المنافس، للقيام بدور الأجنحة رفقة الثنائي الهجومي المتقدم في الأمام.

ويستخدم الطليان في سبيل ذلك توليفة متنوعة من لاعبي الوسط، فنجم روما دي روسي يلعب كمحور بالعمق، لكن كل العمل يتم عن طريق ثنائي الريشة المائل إلى الطرف، جياكيريني وبارولو من نجوم البطولة، لأن اللاعبان يتحركان عن طريق عامل المفاجأة، ومن الصعب مراقبتهما في أنصاف المسافات، المناطق الفاصلة عموديا بين الأظهرة وقلوب الدفاع، إنها القوة الأساسية لهذا المنتخب الكبير.

عبقرية العمق
وإذا كانت قوة الطليان في الأجنحة، فإن إسبانيا تستحوذ وتسيطر وتهدد بفضل عبقرية نجوم الارتكاز في العمق، فديل بوسكي يحافظ على نفس الخلطة القديمة في 2012، 4-3-3 لكن مع مهاجم صريح هذه المرة، فموراتا يلعب في المركز 9 ويعاونه الساعد الهجومي نوليتو على الطرف، مع إعطاء دفة القيادة للرسام أندريس إنييستا، اللاعب الذي لم يعد يكتفي بتمريرات الثلث الهجومي وصناعة الفرص، بل تضاعفت مهمته ليعود بضع خطوات للخلف، ويقوم بتنظيم الهجمات من المنتصف.

تدور الحيازة الإسبانية في فلك الرباعي، بوسكيتس، سيسك، إنييستا، ودافيد سيلفا، من خلال عملية اللعب الموضعي في الفراغات، بتدوير الكرة من أجل تحريك الخصم، وخلق المساحة الشاغرة لتشكيل الخطورة على المرمى، ونجحت اللعبة في مباراتي التشيك وتركيا باقتدار، لكن في المباراة الأخيرة بالمجموعات، حوصر إنيستا بأكثر من لاعب وفشل رفاقه في إيجاد البديل، ليتحول البطل من الصدارة إلى الوصافة في الدقائق الأخيرة.

ستكون المواجهة بين الكبار مختلفة بكل تأكيد، خصوصا أن الأزوري يستطيع شن هجماته من الأطراف، مستغلا صعود نوليتو وسيلفا، ووجود مساحات شاغرة بينهما وبين الظهيرين. كذلك يمكن لوسط الماتدور محاصرة دي روسي بأكثر من لاعب، وفصله تماما عن الثنائي المتحرك نحو الأطراف، والفريق الذي سيحاول استغلال نقاط ضعف منافسه سيجد طريقه نحو الربع حتما!

المساهمون