موسم الشتاء..الصحراء تعيد الحياة لسياحة تونس

18 ديسمبر 2015
فعاليات سابقة من مهرجان "دوز" الصحراوي في تونس (Getty)
+ الخط -
تراهن تونس على إنعاش السياحة الصحراوية، كأحد أهم المخارج من الأزمة، التي يعيشها القطاع السياحي، بسبب التوترات السياسية والأمنية منذ الثورة قبل نحو 5 أعوام، حيث تترقب البلاد مهرجان "دوز الدولي" نهاية الشهر الجاري لإعادة الحياة للسياحة.

وعادت الأنوار لتضيء من جديد في الوحدات الفندقية بالجنوب التونسي، استعداداً لاستقبال السياح من الداخل والخارج، بمناسبة مهرجان "دوز الدولي" للصحراء، الذي يعد من أكبر المهرجانات الدولية التي تحتضنها محافظة قبلي الجنوبية.


ورغم أن مدة المهرجان لا تتجاوز الأسبوع في نهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلا أن أصحاب الفنادق ومحلات الصناعات التقليدية، يعتبرون أن عودة السياح إلى المنطقة مبعث تفاؤل، بعد أن أجبرت الظروف الأمنية أغلب الوحدات السياحية على الإقفال وتسريح العمّال.
ويستقطب مهرجان دوز الدولي للصحراء آلاف السياح المهتمين بالاطلاع على العادات والتقاليد الصحراوية الضاربة في القدم.

وكثفت وكالات الأسفار في الفترة الأخيرة من حملاتها الترويجية، بهدف إقناع السياح الأجانب والتونسيين كذلك بالتحوّل إلى الجنوب لحضور فعاليات المهرجانات الثقافية، التي تنتظم في المنطقة هذه الفترة، خاصة أن هذه الفعاليات تتزامن مع العطلة المدرسية والجامعية.

اقرأ أيضاً: تونس تطارد الحسابات المصرفية المشبوهة

وتعدّ الظروف المناخية في الجنوب الأكثر ملاءمة في هذه الفترة من العام للاستمتاع بزيارة الصحراء والواحات والمعالم التاريخية.

ويرى كاتب عام جامعة وكالات الأسفار، ظافر لطيف، أن عودة الروح ولو موسمياً للسياحة الصحراوية ستقلص من حدّة معاناة القطاع السياحي في هذه المناطق، مشيراً إلى أن أغلب الحجوزات المؤكدة لدى وكالات الأسفار تندرج في إطار السياحة الداخلية وأن نسبة الإشغالات لا تتجاوز 1%.

وأضاف لطيف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن فندقين فقط في محافظة توزر جنوب البلاد على سبيل المثال يعملان إلى حد الآن من جملة 23 منشأة سياحية، لافتاً إلى أن السياحة في الجنوب باتت سياحة موسمية ولا تتجاوز الأسبوعين في السنة على أقصى تقدير واصفاً الوضع بـ"الكارثي".

وتعد السياحة الصحراوية من أبرز المنتجات السياحية الشتوية نظراً لما تتوفر عليه مناطق الجنوب من ثراء ثقافي ومخزون تراثي وتعدد المهرجانات.

اقرأ أيضاً: الأمطار تبدد مخاوف المزارعين في تونس

وكان مهرجان "دوز"، الذي ينطلق في 25 ديسمبر/كانون الأول الجاري ويستمر إلى 28 من الشهر نفسه، يستقطب قبل الثورة نهاية ديسمبر/كانون الأول 2010، أكثر من 100 ألف سائح سنوياً، ويساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية في منطقة الجنوب الغربي عموماً، وأيضاً في مدينة "دوز"، التي تعتبر بوابة الصحراء التونسية.

وينتقد لطيف سوء الترويج للسياحة الصحراوية قائلاً: "السائح الغربي لا تصله معلومة أن درجة الحرارة في الجنوب التونسي في ديسمبر/كانون الأول تصل إلى 25 درجة، حينما يكون هذا السائح غارقاً في الثلوج والبرد في شتاء أوروبا".


وتعتبر السياحة الصحراوية وفق المختصين منجماً لم يقع استغلاله بعد، كما يعتقد المختصون أن محافظات الجنوب يمكن أن تكون منقذاً للسياحة التونسية، إذا وقع استغلالها على الوجه المطلوب، خاصة أن الإمكانيات الطبيعية المتوفرة في هذه المناطق نادرة في بلاد شمال أفريقيا وبقية الوجهات المنافسة لتونس على غرار تركيا.

ولطالما انتقد مهنيو السياحة في محافظات الجنوب سياسة الحكومات قبل الثورة وبعدها في التعامل مع السياحة الصحراوية، معتبرين أن هذا المنتج رغم ثرائه وتنوعه إلا أنه ظل الأكثر هشاشة.

اقرأ أيضاً: تونس تستعيد جزءاً من أموالها المهربة في الخارج

كما ينتقد مهنيو السياحة ضعف الميزانيات، التي ترصدها وزارتا السياحة والثقافة لمهرجان الصحراء الدولي في "دوز" البالغة نحو 60 ألف دولار، معتبرين أن سياسة الدولة تقف حائلاً دون تطوير سياحة الصحراء.

وكانت دراسة للبنك الدولي، حول تطوير القطاع السياحي، قد أشارت إلى أهميّة السياحة الصحراوية، كنشاط قادر على توفير آلاف فرص العمل لسكان الجنوب الغربي، فضلاً عن دورها الديمغرافي في ضمان تعمير المناطق الصحراوية، والحد من ظاهرة الهجرة الداخلية نحو المناطق الساحلية والعاصمة.

ولفتت الدراسة الصادرة قبل نحو ثمانية أعوام إلى أهمية سياحة الصحراء أيضاً في خلق التنمية في المناطق الصحراوية المحاذية للحدود مع الجزائر للحد من ظاهرة التهريب.


وتراهن تونس على إنعاش السياحة الصحراوية كأحد أهم المخارج من الأزمة، التي يعيشها القطاع السياحي في ظل التوترات السياسية والأمنية التي تعيشها الدولة منذ الثورة.

وتقوم وزارة السياحة وفق ما أكده المكلف بالإعلام، سيف الشعلالي لـ'العربي الجديد" بمساعٍ كبيرة لإقناع وكالات الأسفار الروسية بوضع الوجهة السياحية التونسية ضمن رحلاتها.

اقرأ أيضاً: تونس: عجز الدولة يغذي الفساد

ويتوقع الشعلالي أن تحقق المساعي التي بذلتها الوزارة واللقاءات التي دارت مؤ خراً بين وزيرة السياحة سلمى اللومي ومسؤولين روس في العاصمة الروسية موسكو، نتائج على المدى القريب وأن تتأكد بعض الحجوزات قبل عطلة رأس السنة الميلادية حسب قوله.

ومنذ الثورة التونسية أقرّت أول حكومة منتخبة خطّة لتنمية السياحة الصحراوية، استهدفت في جانب كبير منها السياح التونسيين أنفسهم، بهدف زيادة مساهمة السياحة الداخلية إلى 30% من إجمالي عائدات السياحة.

وقد أقرت وزارة السياحة مؤخراً، خطة استراتيجية تمتد في الفترة من 2014 إلى 2016، لتطوير السياحة الصحراوية، تتضمن تخصيص 9 ملايين دولار، لدعم المنشآت السياحية في المناطق الصحراوية والترويج لها.

ويعتبر الصادق بالطيب، مدير الدورة 47 للمهرجان الدولي للصحراء في "دوز"، أن إنجاز هذا المهرجان الضخم يعتبر نجاحاً خاصة مع التدهور النسبي للوضع الأمني بعد الثورة.


وتراجع عدد السياح الوافدين إلى تونس بنحو 26% منذ بداية العام إلى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي وفق بيانات رسمية، ليبلغوا نحو 4.6 ملايين سائح.

وقال الصادق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن التخوّفات الأمنية أثرت إلى حد بعيد على توافد السياح للمنطقة العام الحالي، نافياً في الوقت ذاته جدية التهديدات، التي من شأنها أن تضر بالقطاع، فالصحراء التونسية آمنة ولم تشهد أي أحداث إرهابية.

ويبلغ النشاط السياحي الذروة في الصحراء التونسية في الفترة بين أكتوبر/تشرين أول وأبريل/نيسان من كل عام، وذلك قبل أن تشتد درجات الحرارة، التي تصل إلى 49 درجة مئوية في الظل صيفاً، في هذه المناطق.

وتضم محافظة قبلي لوحدها 18 فندقاً، و12 مخيماً بدوياً في عمق الصحراء، فضلاً عن محطات للدراجات الصحراوية والإبل والخيل.

وتطمح تونس إلى تحويل منطقة عنق الجمل الصحراوية، التي تم فيها تصوير مشاهد من فيلم الخيال العلمي الشهير "حرب النجوم" للمخرج الأميركي جورج لوكاس، إلى منطقة جذب سياحي عالمية.

اقرأ أيضاً: مليار دولار حجم الاستثمارات القطرية في تونس

توقعات بارتفاع إشغالات الفنادق

يجتهد المسؤولون عن القطاع السياحي في محافظتي قبلي وتوزر، جنوب تونس، من أجل إقناع أصحاب الوحدات الفندقية المغلقة بفتحها مجددا لاستقبال ضيوف مهرجاني "دوز" و"توزر" الصحراويين الأسبوع المقبل، متوقعين أن ترتفع نسبة الإشغالات، وفق تصريحات للمسؤول عن السياحة في ولاية قبلي، أنور الشتوي.

وقال الشتوي إنه من المتوقع أن تصل نسبة الإشغالات في نزل "قبلي" إلى أكثر من 90%، موضحا أن المحافظة تضم 4 نزل من بينها اثنان انطلقا في إجراءات إعادة الفتح، فيما لا تزال المشاورات متواصلة مع المشرفين على النزلين الآخرين.

ويتردد أصحاب النزل في إعادة فتحها، معتبرين أن إقامة السياح لن تتجاوز الأسبوعين على أقصى تقدير وهي مدة غير مجزية ماليا ولن تمكنهم من تحقيق أرباح. وتنشط وكالات الأسفار على شبكات التواصل الاجتماعي، لإقناع التونسيين بقضاء العطلة المدرسية وعطلة أعياد الميلاد في الجنوب التونسي لتعزيز السياحة الوطنية، وسط عروض مغرية تتضمن النقل والإقامة مع تسهيلات في الدفع تصل إلى 6 أشهر.

وتقوم السلطات المحلية في المحافظتين على ضبط خطة أمنية متكاملة، لحماية المهرجانات السياحية من أي تهديدات إرهابية.

اقرأ أيضاً: تونس تنهي 66 عاماً من "نهب الملح"

المساهمون