غلاء الأراضي يُجمّد قروض العقارات في السعودية

17 ابريل 2015
الحكومة فرضت رسوماً على أراضي البناء غير المستغلة(Getty)
+ الخط -
يقول خبراء العقارات في السعودية إن القروض التي يمنحها الصندوق العقاري للسعوديين، لن تساهم كثيراً في حل أزمة الإسكان الخانقة، في ظل عدم قدرة المستفيدين على توفير أراض لبناء منازلهم، نظرا لارتفاع أسعارها.
وتقدم السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، دعماً لمواطنيها لتوفير السكن. ويشمل الدعم الحكومي، توزيع وحدات سكنية أو أراض للبناء وقروض، أو قروض فقط، وذلك عبر صندوق التنمية العقاري، في مسعى لحلحلة أزمة تؤرق المملكة منذ عقود، إذ تُشير إحصاءات شبه رسمية إلى أن 60% من السعوديين لا يملكون مسكناً خاصاً، وأن نحو 30% من المُلّاك يقطنون مساكن غير لائقة.
واعترف صندوق التنمية العقارية، مؤخراً، بأن أكثر من 140 ألف مواطن صدرت لهم الموافقة على الحصول على القرض، ولكنهم لم يراجعوا الصندوق؛ إما لأنهم لا يملكون أراضي لإقامة منازلهم الخاصة أو لعدم قدرتهم المالية على سداد أقساط الصندوق.
ويشكل عدد المستفيدين الذين لم يتسلموا قروضهم، أكثر من 90% ممن حازوا موافقة على القروض. وتبلع قيمة القروض غير المستغلة نحو 70 مليار ريال (18.8 مليار دولار).
ويرى الخبير العقاري راشد بن سعيدان، أن أكثر من 80% من السعوديين غير قادرين على شراء منازل تقل مساحتها عن مائتي متر، نتيجة ارتفاع الأسعار لمستويات تفوق القدرات المالية للمواطنين. وقال بن سعيدان: "حالياً أسعار الأراضي مرتفعة جدا، وبعيدة عن إمكانات السعوديين". وتابع: "إن المشكلة الأكبر تكمن في أن الصندوق يشترط أن تكون الأرض ملكاً للمستفيد لكي يقوم برهنها للصندوق، ولكن إذا كانت الأرض مشتراة عن طريق بنك فالصندوق لا يقبل بذلك".
ويقترح السعيدان أن يقبل الصندوق بالبناء على الأراضي الممولة من المصارف كحل وسط، مضيفاً: "وصلت أسعار الأراضي لأكثر من مليون ريال (266 ألف دولار)، وهو رقم كبير جداً، ولا يستطيع أغلب السعوديين شراءها، وبالتالي لابد من حلول وسط، لأن تعطيل أكثر من 140 ألف قرض أمر يؤثر في قدرة الصندوق على إقراض المزيد من المواطنين".
وفي مسعى لتوفير أراض للبناء، وكسر حالة الجمود العقارية، وافق مجلس الوزراء السعودي، في مارس/آذار الماضي، على توصية من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإلزام أصحاب الأراضي غير المستخدمة داخل المدن بدفع رسوم سنوية للدولة، سيتم تحديدها خلال الفترة المقبلة.
وحسب البيانات الحكومية، تتجاوز مساحة الأراضي غير المستخدمة نحو 60% من إجمالي الأراضي داخل العاصمة الرياض، وأكثر من 60% في جدة غرب المملكة و70% في الدمام عاصمة المنطقة الشرقية على ساحل الخليج العربي.
وبلغ عدد ما قدمه الصندوق من قروض، منذ إنشائه قبل أربعة عقود، نحو 733.74 ألف قرض، ساهمت في شراء 928.45 ألف وحدة سكنية جاهزة بقيمة إجمالية تتجاوز 229 مليار ريال (61 مليار دولار). بيد أن المختصين العقاريين في السعودية يعتبرون هذه الأرقام محبطة ولن تنجح في علاج أزمة السكن إذا ما استمرت على الوتيرة نفسها. إذ لا يقدم الصندوق أكثر من 15 ألف قرض سنويا، فيما تبلغ قائمة الانتظار أكثر من 1.7 مليون اسم بمن فيهم الذين قدموا بعد إلغاء شرط تملك الأرض.

اقرأ أيضا:
%88 من الموظفين السعوديين مدينون

ومع قرار تحويل الصندوق إلى مصرف يقوم بعمليات التمويل العقاري، ستكون حركة التمويل أسرع، وهذا ما يأمله وزير الإسكان المكلف الدكتور عصام بن سعيد، الذي يرأس مجلس إدارة صندوق التنمية العقارية. ويشدد بن سعيد، على ضرورة تبنّي الصندوق لأفكار وحلول لمن هم على قوائم الانتظار.
ويأمل السعوديون أن يحرك قرار تحويل صندوق التنمية العقاري السعودي، الذي يمول المواطنين السعوديين لبناء مساكن لهم إلى مصرف، آمالاً في الحصول على مساكن ملائمة لهم، خصوصاً بعد أن بات الصندوق غير قادر على اللحاق بطلبات التمويل التي تزيد في كل عام.
ويرى رئيس مجلس إدارة (تيم ون) للاستشارات المالية والإدارية، عبدالله باعشن، أنّ تَحول الصندوق العقاري إلى مصرف، يوفر طريقة عملية ستكون مختلفة. وقال في مقابلة هاتفية لـ "العربي الجديد": "القروض ستكون خاضعة للدعم من ناحية الفائدة وعملية إعادة أصل القرض، وهذا يساعد على التكافل الاجتماعي، كما أن القروض لن تخضع للأسس التقليدية التي تخضع لها المصارف التجارية". وأضاف أن العمل سيكون فيها مختلفا ولكنها ستعيد هيكلة الاقتراض لكي تحقق الهدف منها، وستكون أكثر رقابية.
ووفقا للخبير العقاري باعشن، هناك توجهات جادة لحل أزمة الإسكان، ولكنها تظل غير فاعلة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي.
وفي ذات الاتجاه، يؤكد الخبير العقاري فهد الشمري، أن تحويل الصندوق العقاري إلى بنك عقاري سيزيد من الخدمات التي يقدمها للمواطنين، واصفا تجربة الصندوق السابقة بالعقيمة والرديئة كونها لم تحقق الكثير من المأمول منها.
وقال الشمري، لـ "العربي الجديد": "كانت آلية الصندوق قديمة، أكثر من 40 عاما لم يرتق لإيجاد آلية سريعة لصرف القروض واستعادة المديونية". وأضاف أن تحول الصندوق لبنك يوفر له آليات جديدة لتحصيل القروض، ويزيد من المستفيدين بشكل أكبر. وأشار إلى أن ثمة خللاً كان يسيطر على استراتيجية الإسكان في المملكة طيلة العقود الماضية، ما ساهم في تفاقم الأزمة، وهو يبرر ضرورة إشراك القطاع الخاص في حلها.
وأعلنت وزارة الإسكان السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2014، الرقم النهائي لمستحقي الدعم السكني بعد قبول طلبات اعتراض المتقدمين على بوابة "إسكان"، إذ وصل إجمالي عدد المتقدمين في البداية إلى 96.0397 متقدماً قبل فتح باب الاعتراض، وأصبح العدد الإجمالي بعد قبول الاعتراضات 75.4570 مستحقاً في مناطق المملكة كلها.

اقرأ أيضا:
ركود حاد يضرب عقارات السعودية
عجز حكومي أمام أزمة السكن في السعودية
المساهمون