دراسة: المسألة الدينية حاضرة بقوة في حياة التونسيين

13 مايو 2015
التديّن فرض نفسه بعد الثورة في تونس (GETTY)
+ الخط -



أول دراسة علمية عن الظاهرة الدينية في تونس، هذا ما أعلنت عنه اليوم الأربعاء الهيئات التي تعاونت في ما بينها لإنجاز هذا التقرير، وهي "المعهد العربي لحقوق الإنسان" و"منتدى العلوم الاجتماعية" و"المرصد الوطني للشباب" و"الصندوق العربي لحقوق الإنسان"، وذلك في مؤتمر صحافي عقد تحت عنوان "النتائج الأولية لتقرير الحالة الدينية وحرية الضمير في تونس".

يقول الدكتور عبد اللطيف الهرماسي المشرف على اللجنة العلمية التي أعدت التقرير الأولي إن النظام السابق في تونس قد منع الباحثين من ملامسة المجال الديني، وذلك بحجة أنه جزء لا يتجزأ من الأمن القومي للبلاد. وقد تعمقت هذه الرؤية بعد المواجهة التي حصلت بين نظام بن علي والحركة الإسلامية التونسية في مطلع التسعينيات. وأضاف الهرماسي أن هذا الصراع السياسي أثّر بشكل خطير على البحث العلمي الذي تم إخضاعه للاعتبارات الأيديولوجية والسياسية.

واستند التقرير الذي تم إنجازه إلى استطلاع رأي غطت محاوره مختلف السلوكيات الدينية لدى التونسيين، وشمل بالخصوص 42 بالمائة من الشباب. وما كشفته نتائج الاستطلاع أن نسبة التديّن في تونس في حالة صعود، إذ إن 73 بالمائة من المستجوبين في العينة أكدوا أنهم "متدينون". رغم أن تونس تبقى في المقياس العالمي أقل تديناً من دول أخرى مثل المغرب، لكن ما حصل بعد الثورة جعل المسألة الدينية حاضرة بقوة في حياة التونسيين.


التغيّر الرئيسي الذي أبرزته هذه الدراسة الميدانية يتمثل في أن التدين الراهن في تونس ليس متجانساً كما كان من قبل، وإنما هو متعدد المضامين والأشكال والتعبيرات. ما يعني أن الوحدة المذهبية عند التونسيين قد بدأت تتراجع وتستبدل بخارطة دينية جديدة هي حالياً في حالة تشكل، وأن التنوع المذهبي والديني قد بدأ يفرض نفسه في تونس، ما يقتضي بحسب اعتقاد أصحاب الدراسة، ترسيخ تقاليد ثقافية جديدة لحسن إدارة هذا التنوع، إلى جانب آليات ترتكز على حرية المعتقد والتعبير.

من جهة أخرى، تتسم مواقف التونسيين من مختلف مظاهر التديّن بالالتباس، وهو التباس يبلغ درجة التناقض في المواقف. مثال على ذلك أن 40 بالمائة من التونسيين يرفضون زواج المسلم بالأجنبية غير المسلمة، رغم أنه أمر جائز دينياً، وفي الآن نفسه يقبل 40 بالمائة من التونسيين زواج المسلمة بغير المسلم، وذلك رغم بطلانه في الشريعة.

ولا يزال المجتمع التونسي يميل في سلوكه الديني نحو التسامح، لكن مع ذلك فإن التشدد الديني قد أصاب قطاعات من التونسيين، وإن بقيت هذه الفئات محدودة وتشكل أقلية ضئيلة. فالذين يتعاطفون مع ما يسمى بالسلفية الجهادية لا يتجاوزون 1 بالمائة.

وحققت ظاهرة الحجاب في تونس تقدماً ملحوظاً في صفوف النساء، لكن اللافت للنظر أن 77 بالمائة من التونسيين يرفضون ربط الحجاب بالتدين، ويعتقدون أن اللباس ليس دليلاً كافياً على الالتزام الديني لدى المرأة التونسية.

الجديد أيضاً في السلوك الديني للتونسيين أنهم كانوا من قبل إذا سئلوا عن انتمائهم الديني أجابوا بأنهم مسلمون، أما اليوم فإن 60 بالمائة يجيبون بكونهم "مسلمين سنة"، ما يؤشر على تأثرهم بالأجواء الطائفية التي سادت في المنطقة، رغم عدم وجود طوائف في تونس. وإذ يقبل 46 في المائة أن يتحول السني إلى شيعي، إلا أن 54 في المائة من التونسيين يرفضون ذلك، ومنهم 15,9 يرون في هذا التحول "أمراً خطيراً"، ونحو 3 بالمائة يعتبرون ذلك عملاً موجباً للعقاب، و73 في المائة لا يقبلون أن يكون لهم أصدقاء شيعة.

اقرأ أيضاً: الإسلام الأسرع انتشاراً حول العالم.. رغم الإسلاموفوبيا

المساهمون