لم تجفّ دموع محمد سليم الخالدي بعد، هو الذي خسر ابنته ديما في حادثة سير وقعت في أواخر شهر يوليو/ تموز الماضي في بلدة الخالدية بمحافظة المفرق شماليّ الأردن. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "إيماننا بالله يصبّرنا"، مشيراً إلى أنّه يشعر بأنّها "خرجت للتوّ من البيت. هي ما زالت تعيش معنا بروحها، رحمها الله". ويتابع أنّ "الموت فجأة قاس، وهو شكّل صدمة للعائلة". بالنسبة إلى الخالدي، فإنّ سبب الحادثة التي ذهبت ابنته ضحيّتها، يعود إلى "اجتماع عاملَين، أولّهما مرتبط بالسرعة وعدم التقيّد بإرشادات المرور وثانيهما مرتبط برداءة الطريق". ويوضح الخالدي أنّ "السائق الذي تسبب في الحادثة كان مسرعاً جداً، في حين أنّ الطريق مهمل ولم تتمّ صيانته منذ أعوام كثيرة". ويشير إلى أنّ "المناطق النائية وشوارعها لا تحظى بالاهتمام المطلوب من قبل الحكومة".
ديما، وهي طالبة جامعية، واحدة من ستة أشخاص لقوا حتفهم في حادثة سير مروّعة وقعت بين صهريج مياه وقلاب (شاحنة بيك آب) ومركبة عند جسر المفرق الخالدية. وقد أفادت مصادر أمنية حينها بأنّ الضحايا هم أربع طالبات جامعيات، ثلاث منهنّ يبلغنَ من العمر 21 عاماً والرابعة 20 عاماً، إلى جانب رجلَين الأوّل يبلغ 40 عاماً والثاني (سائق) يبلغ 50 عاماً.
تلك المأساة كانت قد سبقتها أخرى في إبريل/ نيسان الماضي، توفي في خلالها العضو في مجلس النواب الأردني محمد العمامرة وثمانية أشخاص آخرون، منهم ستّة من أفراد عائلته، وذلك إثر حادث تصادم وقع بين مركبته وشاحنة في منطقة سواقة على الطريق الصحراوي، جنوبيّ العاصمة عمّان. وكان لهذه الحادثة وقعها الكبير على الأردنيين وقد سلّطت الضوء على حوادث السير. في ذلك الحين، صرّح النائب مصلح الطراونة بأنّ النائب محمد العمامرة وأفراد عائلته راحوا ضحية "الطريق الصحراوي"، وهو طريق يُعرف بطريق الموت إذ إنّه يحصد سنوياً أرواحاً كثيرة.
في تقرير سنويّ صادر عن مديرية الأمن العام في الأردن، حول حوادث السير في البلاد لعام 2017، تبيّن أنّ تلك الحوادث تسببت في وفاة 685 شخصاً في مقابل 750 وفاة في خلال عام 2016، أي مع انخفاض نسبته 8.7 في المائة. وقد مثّل المشاة 33 في المائة من الضحايا مع 226 وفاة، والسائقون 27.2 في المائة مع 186 وفاة والركاب 39.8 في المائة مع 273 وفاة من كلا الجنسَين في خلال عام 2017. أمّا تكلفة حوادث السير في خلال العام الماضي، فقد قُدّرت بـ 308 ملايين دينار أردني (نحو 435 مليون دولار أميركي) نتيجة 226 ألفاً و150 حادثة سير.
أضاف تقرير مديرية الأمن العام أنّ عدد المركبات المسجلة في الأردن بلغ حتى نهاية عام 2017 نحو مليون و600 ألف مركبة، بمعدّل مركبة واحدة لكل ستة أشخاص، علماً أنّ عدد سكان البلاد يبلغ نحو 10 مليون نسمة. وتقع حادثة سير تنجم عنها خسائر بشرية كل 50 دقيقة، وحادثة دهس كل 2.4 ساعة، في حين يُصاب شخص كل 32 دقيقة ويقضي شخص كل 13 ساعة تقريباً. وفي التفاصيل، تسببت حوادث الصدم في 272 وفاة وحوادث الدهس في 192 وفاة وحوادث التدهور في 117 وفاة، ليصل مجموع الإصابات الناتجة عن حوادث السير إلى 16 ألفاً و931 إصابة، 14 ألفاً و751 منها إصابات بسيطة وألفاً و495 إصابة بليغة إلى جانب الوفيات.
أمّا في ما يخصّ الأسباب، فأشار التقرير المذكور آنفاً إلى أنّ الإنسان (سائقون ومشاة) كان السبب الرئيسي لحوادث السير بنسبة وصلت إلى 97.8 في المائة، في حين تسبّبت المركبات في 1.6 في المائة من الحوادث والطرقات في 0.6 في المائة منها. والأخطاء التي ارتكبت وأدّت إلى وفيات هي: مخالفات المسارب (235 مخالفة)، عدم أخذ الاحتياطات اللازمة (204)، التعامل مع المنعطفات بشكل خاطئ (32)، التجاوز الخاطئ (19)، الرجوع إلى الخلف بطريقة تعيق حركة السير (19)، فقدان السيطرة (6)، تجاوز السرعة المقررة (14)، مخالفات الأولويات (19)، المسير بعكس السير (5)، عدم تأمين ثبات المركبة في أثناء الوقوف (9)، مخالفة الإشارات الضوئية (4)، فتح باب المركبة المؤدّي الى وقوع حادث (1)، الدوران في الأماكن الممنوعة (1)، أسباب أخرى (1).
في السياق نفسه، تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني إلى أنّ الاعتداءات المستمرّة على الأرصفة من قبل بعض أصحاب المحلات التجارية، والبسطات المتنقلة التي تحتل أرصفة الشوارع، وعدم توفّر ممرات كافية لاجتياز الطرقات ولا جسور مشاة كافية، وكذلك النقص في الملاعب والمتنزّهات، كل ذلك يساهم في وقوع حوادث دهس تنتج عنها وفيات بين الأطفال عموماً، وهو أمر بالإمكان تفاديه أو التقليل منه.