هي وهو في حراك بيروت

هي وهو في حراك بيروت

04 سبتمبر 2015
هتفا ورقصا وعبّرا عن مطالبهما (الأناضول)
+ الخط -
22 أغسطس/ آب تاريخ مفصلي في لبنان. بعد هذا اليوم لن يكون كما قبله. تشهد البلاد منذ ذلك التاريخ حراكاً قد يكون الأول من نوعه في الألفية الثالثة. ثار الشعب. انتفض. نزل عشرات الآلاف من الناس ليطالبوا ويحاسبوا. يوحدهم دافع لتغيير الواقع الحالي. عبّروا عبر وسائل الإعلام عن دوافعهم المختلفة للنزول إلى الشارع والتحرك. الخبز، القرف، النفايات، الفساد، الكهرباء، وتطول اللائحة. قد تتعدد بوصلات الشعب بمطالبه، لكنّ جميعها "يوصل إلى الطاحون".

اللافت في حراك بيروت أنه أعاد ترتيب هوياتنا. استطاع الحراك أن يجمع هوياتنا الفردية المبعثرة- نحن الثلاثينيين المتفلتين من الطائفية- تحت لواء هوية وطنية مدنية. هوية كنا قد أجبرنا على خلعها في أوقات مختلفة. قد يكون بسبب الهزيمة أو الإحباط أو اليأس أو غيرها من الأسباب. حرب يوليو/ تموز 2006 استطاعت القيام بفعل شبيه، لكن توحيد الهوية الجمعية كان له بُعد وطني قومي يومها.

هناك شيء ما مختلف في هذا الحراك. كنا قبله هويات فردية. نعرّف عن أنفسنا كنساء عاملات أو أمهات أو مستقلات أو زوجات أو لاجئات أو مثليات. كان يُشار إلينا ويتم التعامل معنا في الفضاء العام (الشارع) قبل هذا الحراك بهويتنا الجندرية وتقاطعها مع هوياتنا الإثنية أو الدينية أو الطائفية أو الجنسية أو الوطنية أو حتى الطبقية، مع ما يشكله هذا التقاطع من مضاعفة لأشكال التمييز والإقصاء والتهميش. ومع ذلك، كانت معالم الهوية الفردية تظهر وتبرز على حساب الهوية الجمعية باستثناء بعض الحالات المدنية الضعيفة لجمعها.

جاء هذا الحراك ليضع النساء والرجال في صف واحد، وفي دور واحد. وجاء ليوحّد هويتهم الجندرية لتصبح هوية جمعية مدنية، بمطالب معيشية ملموسة ومشتركة. والأهم، جاء ليوحّد إدراك الآخرين (من المسؤولين والشعب على حد سواء) تجاه النساء والرجال من الناشطين بهويتهم الجديدة. لأول مرة لا يفرّق أحد بين الشابة أمل والشاب ربيع وغيرهما الكثير. نزل الإثنان إلى الساحة. تعرضا للاعتداء، وواجها، وشكّلا درعاً بشرياً وهتفا ورقصا وعبّرا عن مطالبهما.

في المقابل، وعلى صعيد السياسيين والمسؤولين، عوّم هذا الحراك الهوية السياسية لكل من فريقي 14 مارس/ آذار و8 آذار. وضعهما في خندق واحد. خافا الحراك. توحدا بهوية طائفية- دينية، وشدّا عصبهما الطائفي.

منذ 22 أغسطس/آب والحراك في سياق تصعيدي. لم تكن ردة فعل ولا فشة خلق إذاً. #مستمرون و#مستمرات في نزولنا #عالشارع يجمعنا شعار #طلعت_ريحتكم، وإن كان ما ينطوي عليه الحراك هو أبعد من النفايات بكثير.

*ناشطة نسوية

إقرأ أيضاً: إلى محمد قصير*

المساهمون