بغال وطائرات مسيّرة لنقل المخدرات إلى العراق

22 مارس 2018
عملية ضبط مخدرات في العراق (سافين حميد/ فرانس برس)
+ الخط -

في حال لم تضبط المخدّرات التي تهرّب إلى العراق، لوقعت في البلاد كارثة. هذا ما يؤكّده المعنيّون في متابعة القضية، ساعين إلى الحدّ من تدفقها وتفكيك شبكات التهريب، في ظل الخطورة التي تهدد العراقيين.

خلال أقلّ من خمسة أشهر، نجحت القوات العراقية المشتركة (الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب وحرس الحدود)، في تفكيك سبع شبكات لتهريب مخدرات في البلاد، واعتقال أكثر من 200 مهرب، من بينهم ما لا يقل عن 60 إيرانياً وأفغانياً، بالإضافة إلى آخرين من العراق غالبيتهم وسطاء لشبكات مخدرات محلية إيرانية. يوضح مسؤول عراقي رفيع المستوى رفض الكشف عن اسمه أنّ غالبيّتها تتواجد في مناطق الأكراد في إيران والأهواز الإيرانية ذات الغالبية العربية، فضلاً عن قصر شيرين الإيرانية الحدودية مع ديالى العراقية. يضيف أن كمية المواد المخدرة التي ضبطت "تكفي لتخدير سكان بغداد" البالغ عددهم نحو تسعة ملايين نسمة.

ويؤكّد ضباط أمن وعناصر من حرس الحدود العراقية أن 80 في المائة من المخدرات تأتي من إيران وأفغانستان، والنسبة المتبقية من موانئ محافظة البصرة، ويتم إخفاؤها بوسائل مختلفة داخل السفن القادمة من موانئ دبي. ويقول عقيد في قوات حرس الحدود العراقية، إحدى أكفأ التشكيلات العراقية في مجال ملاحقة عصابات تهريب المخدرات، لـ "العربي الجديد"، إن "كمية المخدرات التي ضبطت وهي قادمة من إيران منذ شهر يوليو/ تموز الماضي، تبلغ قيمتها نحو 30 مليون دولار. ولو دخلت لأدت إلى كارثة". يضيف: "هذا ما ضبطناه، ولا أدري عن القوات العراقية الأخرى. لكن يمكن للعراقيين أن يتأكدوا بأن هناك من يقاتل من أجلهم أيضاً على الحدود. الموت لا يأتي من داعش فقط".


ويتابع العقيد نفسه أنّه "على الرغم من كل ما نفعله، تبقى هناك وسائل لإدخال المخدرات، علماً أن الحدود البرية والبحرية بين العراق وإيران تبلغ أكثر من 1450 كلم. ويستحيل ضبطها إلّا من خلال العودة إلى خطة الثمانينيات إبان الحرب معها، حين زرع صدام حسين 30 مليون لغم على طول الحدود ونشر نصف مليون جندي". ويبيّن أن المهربين يستخدمون البغال في المناطق الجبلية لنقل المخدرات. وبعد تدريبها أياماً عدة على سلوك طريق واحد، تدخل الحدود وحدها، ليكون مهربون آخرون في انتظارها داخل العراق. هؤلاء يُفرغون الحمولة ثم تعود البغال إلى إيران. ويسهل حزب العمال الكردستاني المتواجد هناك التهريب في مقابل الحصول على نسبة. وبعد أن تصل إلى كردستان، توزع على باقي مدن العراق. وفي المناطق الأخرى، تستخدم الحمير، على غرار الحدود مع ديالى أو ميسان. وفي الوقت الحالي، يستخدمون الطائرات المسيرة التي تستعمل أصلاً لإيصال الطرود أو التصوير، وبعضها قادر على حمل ما بين ألف و1200 كيلوغرام من المخدرات، وتطير لمسافة أكثر من كيلومترين. ويوضح أنّ المهربين بدأوا يستخدمون النساء بسبب عدم إمكانية تفتيشهن، أو الادعاء بأنهم زوار دينيون باعتبار أن لهم مكانتهم. ويلجأ آخرون إلى وسائل أخرى، وقد ضبطت نحو مليون حبة مخدرة داخل شحنة دجاج دخلت العراق، واكتشفت من قبل هيئة الجمارك بعد التفتيش.

في نهاية العام الماضي، أعلن العراق رسمياً عن ضبط 16 مليون حبة مخدرة مصدرها موانئ دبي، وقد أدخلت العراق عبر البصرة، بحسب بيان لوزارة الدفاع. وأوضحت الأخيرة أنها صادرت حبوباً مخدّرة من نوع "كبتاغون"، والتي وضعت داخل شحنة حقائب مدرسية. ويكشف مسؤول حكومي عراقي أن ملف المخدرات كان حاضراً في مباحثات رئيس الوزراء حيدر العبادي مع الوفد الإيراني منتصف الشهر الجاري، خلال زيارته العراق.

ووفقاً للمسؤول نفسه، فإن رئيس الوزراء طلب من الإيرانيين المساعدة في وقف تدفق المخدرات إلى العراق، بسبب استفحال الظاهرة، إذ تشير الأرقام إلى واقع مقلق للغاية حول نسبة تعاطي المخدرات بين الشباب (ما بين 16 و40 عاماً)، ووصل مؤخراً إلى تلاميذ الثانويات وطلاب الجامعات. ويؤكد أنه على الرغم من تفكيك سبع شبكات لتهريب المخدرات في البلاد، واعتقال أكثر من 200 مهرب، من بينهم ما لا يقل عن 60 إيرانياً وأفغانياً، إلا أنّ المهربين سرعان ما يستعينون بآخرين. ويبيّن أن تقرير عام 2017 أكد أن 60 في المائة من الجرائم في العراق يرتكبها متعاطون للمخدرات.

وتعدّ مواد الهيرويين والحشيشة والخشخاش والكريستال والكبتاغون أبرز ما يهرب إلى العراق. ولا توجد حتى الآن أي إحصائية رسمية حول نسبة المدمنين على المخدرات في البلاد. إلّا أنّ تقارير سابقة نشرتها وسائل إعلام عراقية، نقلت عن مسؤولين في مستشفى ابن رشد، المستشفى الوحيد في العراق حالياً لمعالجة المدمنين على المخدرات، تأكيدهم أن النسبة زادت مؤخراً بواقع 75 في المائة".


من جهته، يقول رئيس جمعية "من أجل العراق خال من المخدرات" حسان الخالدي لـ "العربي الجديد" إن "الأمر لا يقل خطراً عن إرهاب داعش، وعلى الحكومة التحرك عسكرياً وأمنياً وعلى كل المستويات لوقف تدفق المخدرات، وتفعيل العقوبة التي كانت موجودة قبل الاحتلال، وهي الإعدام شنقاً حتى الموت لمروجي المخدرات". ويلفت إلى أن "المخدرات لا تؤثر على متعاطيها فقط، بل باتت أحد أسباب الجريمة المتصاعدة في المدن العراقية المختلفة. يجب البدء من المقاهي، حيث يجتمع المروجون ومتعاطو المخدرات".