كورونا يفرض العمل عن بعد في غزة

12 ابريل 2020
معزول منذ أكثر من 20 يوماً (محمد الحجار)
+ الخط -

ينشط العمل عن بعد في شركات البرمجة والتكنولوجيا في قطاع غزة، في ظلّ حالة الإقفال، تبعاً لإجراءات مكافحة فيروس كورونا الجديد. لكنّ ذلك لا يأتي من دون تبعات سلبية على الغزيين.

تعترض العاملين عن بعد في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، ممن ازدادت أعدادهم في ظلّ حالة الإقفال التي أعلنتها الحكومة الفلسطينية لمواجهة فيروس كورونا الجديد، مشاكل عدة أبرزها انقطاع الإنترنت طوال ساعات يومياً ما يعطل أعمالهم، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي.

محمد شاهين (26 عاماً)، مهندس برمجيات، تقلصت ساعات عمله التي كانت تتجاوز 10 ساعات يومياً من مكتب عمله الواقع في منتصف شارع عمر المختار وسط مدينة غزة. هو في الأساس يعمل عن بعد لصالح شركة سعودية، لكن من المكتب، واتفق مع الشركة على العمل من المنزل. شاهين مثل آلاف من العاملين عن بعد في المجالات التكنولوجية، يؤدون خدماتهم لصالح شركات خارجية في الدول العربية والأجنبية، وحاول قدر المستطاع الحفاظ على مصدر دخله الأساسي وإن من المنزل، مع الحفاظ على جودة عمله من دون التأثر بالأزمة.

مع إعلان حالة الطوارئ في فلسطين، وإغلاق المؤسسات الرسمية والأهلية شبه الكامل، توقفت البرامج التدريبية وورش العمل، وقررت مؤسسات كثيرة الاستمرار في أعمالها عن بعد، خصوصاً لإجراء اجتماعاتها مع عامليها وشركائها والناشطين فيها في غزة. يقول شاهين لـ"العربي الجديد": "كثير من العاملين عن بعد في غزة، يعملون بالأجرة اليومية، وحالة الطوارئ للأسف جاءت سلبية على هذه الفئة، إذ توقفت مؤسسات كثيرة عن العمل، ما أوقف أعمال العاملين عن بعد تلقائياً معها، وهؤلاء يعملون في مجالات مختلفة، لكن يمكن لأعمالهم أن تنجز من دون الحاجة إلى الذهاب للمكاتب. كانت أمامنا كمبرمجين فرصة استكمال أعمالنا البرمجية عن بعد، في شركتنا، بعدد ساعات عمل أقل، تبعاً لتراجع نشاطها عموماً. ونؤدي عملنا المختصر حالياً بالرغم من انقطاع التيار الكهربائي الذي تنبهت إلى أنّه ازداد في هذه الأيام".



المصمم الغرافيكي، أيمن القيشاوي (32 عاماً) يستذكر، في الوقت الحاضر، بدوره، الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع عام 2014، عندما كان يكمل عمله في التصميم لصالح شركات خارجية ويحصل على المقابل المالي ويحاول الحفاظ على التزاماته في مواعيد تسليم التصميمات، وذلك بالرغم من أنّه لا يفضل العمل في المنزل مقارنة بمكتبه الواقع في أحد المباني القريبة من شاطئ غزة. يشير القيشاوي إلى أنّ مئات من المصممين داخل قطاع غزة، يتابعون، في الوقت الحالي، أعمالهم في منازلهم، بالرغم من عدم توفر جو العمل المناسب فيها، ومعظمهم يمضون أكثر من 12 ساعة عمل متواصلة على أجهزتهم، مضطرين لذلك حتى انتهاء الأزمة. يقول لـ"العربي الجديد": "الوقت الحالي يشبه الحرب الأخيرة على غزة، فالناس خائفون من الخروج إلى الشارع، وأنا مثلهم. في الحرب كنت أعمل عن بعد لالتزامي بمواعيد تسليم. لا ذنب لنا في حرب أو أزمة صحية أو غيرها، مع ذلك يجب أن نعمل تحت أي ظرف، فهناك أوروبيون كانوا يعملون في ظل الحربين العالميتين، وفلسطين دولة صراع، ويجب أن نعمل باستمرار، وإن في زمن كورونا أو في غيره".

من جهتها، تلجأ المؤسسات الحقوقية والتعليمية والإغاثية داخل قطاع غزة هي الأخرى للعمل عن بعد، وتسير عمل طواقمها، بالرغم من تقليص أعداد الموظفين في مقارها، وتوجه الآخرين للعمل عن بعد لتخفيف التجمعات.



أكثر العاملين عن بعد، هم في مهن تكنولوجية، كما يشير الباحث في المجال التكنولوجي، أنور البربراوي. يشير إلى أنّ الغزيين احترفوا العمل عن بعد كمتنفس لهم وكمصدر دخل إضافي جيد من الخارج مقارنة مع الدخل المحلي. هو نفسه يدير العمل مع فريق مكون من مبرمجين ومطوري شبكات ومصممي مواقع إلكترونية، ويعملون حالياً عن بعد. يتابع أنّ هناك نحو 11 ألف عامل في المجال التكنولوجي في قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ ساعات العمل في هذا المجال تتراوح في الأيام العادية بما بين ثماني ساعات وعشر، لكنّها في الوقت الحالي تصل في بعض الأيام عند أفراد فريقه إلى 14 ساعة يومياً، بينما يشعرون باضطرابات النوم في بعض الأيام، نتيجة التزامهم المنزل منذ أكثر من عشرين يوماً. يضيف: "قطاع غزة شهد انتفاضة كبيرة في العمل عن بعد خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، لكن مع أزمة كورونا زاد العبء أكثر، فنحن نعيش داخل مجتمع محاصر ومقيد الحركة، وهناك صعوبة في تحويل الأموال إلى غزة بحكم الحصار الإسرائيلي، وفي الوقت عينه مطلوب منا إنتاج متكامل بجودته تحت الضغط. للأسف، لا شيء أمامنا جميعاً سوى العمل، وجميعنا نتمنى أن ينتهي الوباء لنتنفس قليلاً".
دلالات