رمضان يبثّ الحياة في مساجد غزة المدمرة

27 يونيو 2015
مصليات في مواقع المساجد المدمّرة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لم يشأ الشاب الفلسطيني يحيى شبير، أنّ يؤدي صلاة التراويح في مكان آخر غير مسجد "عائشة"، شمال قطاع غزة، رغم تدميره كلياً خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، صيف العام الماضي 2014، فأقام مصلى مؤقتاً بواسطة الدفيئات الزراعية، والتي لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف.

واعتاد شبير (24 عاماً)، منذ بداية شهر رمضان الجلوس في المسجد والاعتكاف داخله، غير آبه بالدمار الكلي الذي أصابه، كحال 73 مسجداً في غزة تحولت إلى أثر بعد عين، بفعل همجية الاحتلال الإسرائيلي وقصفه المباشر لدور العبادة، بجانب إصابة 197 مسجداً بأضرار جزئية جراء الحرب الأخيرة.

ورفض روّاد المساجد المدمرة أن يستسلموا للواقع الجديد، فما إن وضعت الحرب أوزارها حتى شرع أولئك في إنشاء مصليات مؤقتة بجوار المساجد المدمرة، أو على المكان ذاته بعد إزالة الركام، متخذين من الدفيئات الزراعية والخيام وسيلة لإنشاء تلك المصليات، في ظل القيود المفروضة على حركة إدخال مواد البناء إلى غزة.

وقال شبير لـ"العربي الجديد" إن معدلات إقبال المواطنين على الصلاة في المسجد خلال شهر رمضان لم تتغير إطلاقاً، بل تحول المسجد إلى خلية نحل بعدما تضاعفت الأنشطة الرمضانية والدينية التي تقام على هامش الصلوات الخمس، طوال أيام شهر رمضان.

وأشار شبير إلى أن المسجد أعيد بناؤه باستخدام الدفيئات والنايلون، على نصف المساحة الأساسية التي تقدر بـ 600 متر، بجانب تخصيص مساحة كمصلى للنساء، وتمديد شبكة إنارة داخلية ومضاعفة أعداد المراوح الهوائية، لكي تخفض من مستوى الحرارة العالية خلال ساعات النهار والرطوبة أثناء صلاة التراويح.

وتشابهت صورة الدمار الذي حل بمسجد عائشة، مع حال مسجد عباد الرحمن في بلدة خزاعة، شرقي مدينة خانيونس، جنوب القطاع، والذي تناثرت حجارته بعد قصفه بشكل مباشر من قبل قوات الاحتلال، إلا أن مئذنته ما زالت شامخة.

وأوضح إمام وخطيب المسجد، عبد العزيز النجار، لـ"العربي الجديد" أن مسجد عباد الرحمن كان يعد من أكبر مساجد بلدة خزاعة الحدودية وأشهرها في إحياء ليالي رمضان، ولكن بعد قصفه اضطر القائمون عليه إلى بناء مصلى مؤقت على مساحة لا تتجاوز لـ 180 متراً بواسطة الأقواس الحديدية التي تعلوها الأقمشة.




ولم يخفِ النجار حزنه على اختفاء الأجواء الرمضانية حول المسجد، على عكس ما كان يجري سنوياً، معللاً ذلك بالتدمير الهائل للبنية التحتية والشوارع المحيطة بالمسجد بجانب تخريب شبكات الإنارة، الأمر الذي انعكس سلباً على قدرة المواطنين على الوصول إلى المسجد، خاصة في صلاتي الفجر والتراويح.

اقرأ أيضاً: عائلة تتناول إفطارها الرمضاني على ركام منزلها المدمر بغزة

واعتبر رئيس دائرة الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف بغزة، يوسف فرحات، أن استمرار إقبال المواطنين على المساجد المدمرة لأداء العبادات وتحديداً صلاة التراويح، دليل على فشل أهداف الحرب الإسرائيلية، والتي سعت لإبعاد الناس عن المساجد وتدمير الأماكن التي يجتمع فيها الناس على غاية واحدة.

وقال فرحات لـ"العربي الجديد" إن غالبية المساجد التي تعرضت للتدمير خلال الحرب الأخيرة أو الاعتداءات الإسرائيلية السابقة، وضعت خططاً مسبقة لاستغلال شهر رمضان وإبقاء الحياة تدب في أركان كل مسجد منذ أذان الفجر الأول حتى صلاة التراويح وقيام الليل، بجانب تزيين باحات المساجد بالسلاسل المضيئة والفوانيس الملونة.


وبيّن فرحات أن رواد المساجد عملوا على إنشاء مصليات مؤقتة فوق الركام أو بجواره، وفق الإمكانات المتاحة داخل القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ تسع سنوات، مشيرا إلى أن وزارته تنتظر بشغف شديد البدء بعملية إعادة بناء وترميم المساجد المدمرة، وفق المنحة التركية التي أعلن عنها مؤخرا.

يذكر أن وزير الأوقاف التركي، محمد قروماز، والذي زار غزة منتصف الشهر الماضي، كان قد ‏تعهد بإعادة بناء كافة المساجد التي دمرها الاحتلال في الحرب الأخيرة، سواء بشكل كلي أو جزئي، ‏بالإضافة إلى ترميم‎ 34 ‎مسجداً دمرت خلال الحربين السابقين (2009-2012)، بتكلفة إجمالية تصل ‏إلى نحو خمسين مليون دولار.

اقرأ أيضاً: رزق رمضان في غزة
دلالات