رفع سنّ التقاعد في تونس إنقاذٌ للصناديق وبطالة للشباب

18 مارس 2014
+ الخط -

"يبدو أن رفع السن القانونية للتقاعد سنتين، من 60 حالياً إلى 62 سنة، أصبح ضرورة، نظراً لتفاقم عجز الصناديق الاجتماعية".. هكذا صرح عمار الينبوعي، وزير الشؤون الاجتماعية، في لقائه مع لجنة الشؤون الاجتماعية التابعة للمجلس الوطني التأسيسي.

وأوضح الوزير أنّ وضعية الصناديق الاجتماعية ليست كارثية، لكنها تتطلب إجراءات عاجلة وأخرى هيكلية على المدى البعيد.

كما قدّم، بالأرقام، مسيرة تطور العجز في الصناديق الاجتماعية (صندوق الضمان الاجتماعي، صندوق التأمين على المرض وصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية) في السنوات الأخيرة، موضحاً أن العجز ارتفع بنسبة 27 بالمئة خلال عام 2013، وقد يصل إلى 400 مليون دينار مع نهاية العام الحالي، مؤكداً أن مشروع القانون يجب إقراره قبل نهاية 2014 حتى يدخل حيّز التنفيذ في 1 يناير/ كانون الثاني 2015.

ومع ذلك، طمأن الوزير المتقاعدين على مستحقاتهم، وعدم وجود أية نية لحرمانهم من حقوقهم، مكذّباً الشائعات حول تخلي "صندوق التأمين على المرض" عن تغطيته لبعض الأمراض، وموضحاً أنّ المجلس الوطني للتأمين على المرض سيجتمع قريباً لتشخيص وضعية الصندوق واقتراح الحلول العملية.

وكان سيد بلاغة، مدير صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية، الأكثر تضرراً، خاصة على مستوى الاحتياطات اللازمة، قد بيّن أنّ خسائر الصندوق بلغت 121 مليون دينار، نتيجة لأسباب هيكلية زادت في تعميق الاختلال بين النفقات والموارد، إضافة إلى أنّ التركيبة الديموغرافية في تونس ذاهبة نحو الشيخوخة، إذ مقابل 2.5 بالمئة هي نسبة ممولي الصندوق من العاملين، نجد نسبة 5 بالمئة تحال إلى التقاعد وتضاف إلى باب النفقات.

واقترح كل من الينبوعي وبلاغة تفعيل العقد الاجتماعي الذي تم توقيعه السنة الماضية بين الحكومة واتحاد الشغل (ممثل العمال)، واتحاد الصناعة والتجارة (ممثل رجال الأعمال)، للوصول إلى حلول توافقية.

وأشار الخبير التونسي، بدر السماوي، إلى "بداية كهولة المجتمع التونسي مقابل تقلّص عدد الناشطين، ما يزيد في النفقات ويخفّض في المساهمات، يضاف إلى ذلك تزايد ما يسمى بالتشغيل الهش ـ عمال اليومية والمناولة والعمل بعقد لفترة محددة ـ وهو ما يحرم الصندوق من مصادر دخل إضافية".

وأكد الخبير أنّ الإجراءات المقترحة في هذا الأمر ما هي إلا حلول ترقيعية تحاول تأجيل المشكل بدلاً من طرح إصلاحات جوهرية، إذ إنّ زيادة سن التقاعد ستغلق الأبواب على توظيف الطاقات الشابة، وهو ما يصطدم بمطلب أساسي من مطالب الثورة وهو "حق الشغل"، لذلك يقترح السماوي تقوية دور الدولة وخلق فرص عمل "حقيقية" وإقرار حوافز في القطاعات الاستراتيجية.

في كل الحالات، يبقى مشروع الترفيع في سن التقاعد، حتى وإن تم إقراره، فإنه سيواجه معارضة شديدة خاصة عند النقابات الكبرى كنقابات التعليم، التي طالبت منذ مدة بخفض سن التقاعد إلى 55 سنة، لأنها من المهن المجهدة.