حبّ وتشوّهات

حبّ وتشوّهات

31 مارس 2018
ظلال خلف ستار (باتريك باز/ فرانس برس)
+ الخط -

حبّ. تشوّهات. بكثير من الحبّ، التُقطت صور هؤلاء النساء اللواتي نهشت التشوّهات أجسادهنّ. هنّ وللمرّة الأولى، نجحنَ في تحدّي أنفسهنّ ووقفنَ أمام أعين مصوّرين محترفين. هؤلاء المصوّرون اعتادوا توثيق لقطات لعارضات وغيرهنّ من النساء اللواتي يستوفينَ "شروط الجمال" المسلّم بها، ليس فقط في بريطانيا وأوروبا، إنّما في كلّ أرجاء المعمورة. ألسنا نعيش اليوم في تلك القرية الكونيّة ونخضع لأحكامها؟!

للمرّة الأولى، هؤلاء النساء لم يشعرنَ بأنّهنّ منتهَكات، ولم يأبهنَ لنظرات الناس الفضوليّة والتي قد تدينهنّ وتدين جرأتهنّ. تلك الصور التي التقطها المحترفون لهنّ بلباس السباحة، بدأت تُنشَر قبل أيام في وسائل إعلام بريطانيّة. في المملكة المتحدة كان الحدث، غير أنّ وسائل إعلام أخرى، أوروبيّة وآسيويّة وغيرها، راحت تشيد بتلك المبادرة.

لا بدّ من أن تشعر صاحبات تلك الصور بفخر. هنّ نجحنَ في "الاختبار". ولا بدّ من أن تشعر سيلفيا ماك بالفخر الأكبر. هذه المرأة البالغة من العمر تسعة وأربعين عاماً، هي صاحبة المبادرة "حبّ.. تشوّهات" بعدما أدركت أهميّة أن تواجه المرأة المشوّهة صورتها، وبحبّ كبير. هذه المرأة البريطانيّة كانت طفلة في الرابعة من عمرها عندما تعرّضت إلى حادثة واحترق جسدها وتشوّهت على أثرها. كانت صغيرة جداً وعانت كثيراً قبل أن يُشفى جسدها. أمّا نفسها، فلم تلتئم جراحها إلا بعد سنوات طويلة.

يوم التأمت جراح نفسها، كانت سيلفيا قد حسمت أمرها لإطلاق مبادرة هدفها دفع هؤلاء اللواتي يعشنَ مع ندوب وتشوّهات إلى حبّ أنفسهنّ. لا أحد يستطيع فهم هؤلاء اللواتي نهشت التشوّهات أجسادهنّ أكثر منها. ويبدو أنّها فلحت. ابتسامات النساء في تلك اللقطات المحترفة مجرّد إقرار بنجاح مبادرتها، هي التي تؤكّد أنّه "في إمكاننا جميعاً أن نكون جميلات وأنّ التشوّهات جزء إضافيّ من فرادتنا".


الجمال، بشروطه المسلّم بها، كثيرون وكثيرات يبجّلونه. الأمر ليس في حاجة إلى أدلّة وبراهين. في أحيان كثيرة، نرى أنفسنا ندين ذلك التبجيل. مهلاً، دعونا نراقب تعليقات لنا أو ردود فعل نأتي بها إزاء مواقف معيّنة. لا شكّ في أنّنا سوف نُفاجئ أنفسنا.

في مواجهة الجمال، يأتي القبح والشناعة، اثنان من أضداده. هاتان المفردتان ما هما سوى مرادفَين لكلمتَي شوه ومسخ وغيرهما. ونحسّ بنفور وتقزّز من كلّ ما هو "غير جميل"، لا سيّما إن كان يتخلّلنا. فالتشوّه يجعلنا "مسوخ". هكذا نظنّ. ربّما علينا أن نتعلّم كيف نقول: التشوّه هو جزء من تميّزنا وحقيقتنا.

المساهمون