كارثة تنتظر الحديدة

07 فبراير 2017
يخشى خسارة عمله (العربي الجديد)
+ الخط -
خلال الأيام الماضية، ارتفعت وتيرة النشاط العسكري في مدن الشريط الساحلي الغربي، بدءاً من مديرية ميدي ‏الحدودية مع السعودية، وصولاً إلى المخا جنوباً. هذه التطورات تهدّد الوضع المعيشي والأمني لسكان تلك المناطق. وتعدّ مؤشرات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية عالية فيها، في ظل قلّة فرص العمل والتعليم.‏

وتظهر مؤشّرات عدّة احتمال امتداد الحرب إلى مدينة الحديدة، الواقعة وسط الشريط الساحلي، لتهدّد الوضع المعيشي والاقتصادي في كامل المحافظات اليمنيّة التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيّين)، كونها المنفذ البحري الوحيد. وتحظى مدينة الحديدة بأهميّة كبيرة لدى منظّمات الإغاثة، خصوصاً أنّها تعدّ مقرّاً بديلاً لمكاتبها. وفي الوقت الحالي، تحتضن الحديدة عدداً من المكاتب الفرعيّة للمنظّمات، ومخازن استراتيجية ‏لشحنات الإغاثة التي تصل عبر ميناء المدينة. كذلك، تعدّ المدينة مسؤولة عن تأمين احتياجات مناطق الشريط الساحلي ‏ضمن محافظات حجة والحديدة وتعز.‏

في هذا السياق، يحذّر موظّف الميناء، أحمد التاج، من إغلاق ميناء الحديدة، واصفاً إياه بـ "شريان وقلب عشر محافظات". ويقول لـ "العربي الجديد" إن آلاف الأسر في المدينة تضرّرت، بالإضافة إلى التجار، بسبب تأخّر وصول السفن التجارية، لافتاً إلى أنّ "تحويل الحركة الملاحيّة إلى عدن، كما يشاع، يعني أنّ الكارثة ستكون أكبر بالنسبة لآلاف الأسر". يضيف: "لو توقّف ميناء الحديدة، لن تجد آلاف الأسر مصدراً لغذائها، وهي التي لا تملك مخزوناً غذائيّاً أو مالاً. ويعرف عن الأهالي بأن يومهم عيدهم، أي أنّهم ينفقون كل ما يحصلون عليه أولاً بأوّل".

ويؤكّد التاج أنّ جميع أهالي الميناء سيتضرّرون، سواء أكانوا موظّفين إداريّين أم عمالاً أم سائقين أم آخرين، مبيّناً أنّ آلاف السكان يعملون على درّاجات ناريّة، ويكسبون أجرهم بشكل يومي ليوفّروا لأسرهم احتياجاتها الضروريّة. وفي حال اندلعت الحرب، سيواجهون مشكلة حقيقيّة.

من جهته، يخشى المواطن يحيى محمد من امتداد الحرب إلى مدينة الحديدة. يقول إن الناس فقراء ويعتمدون على الصيد والمهن الحرة البسيطة الأخرى، بالإضافة إلى المساعدات. والحرب تعني توقّف كلّ شيء والموت جوعاً، مشيراً إلى أنّ سكان السواحل لا يعملون في الزراعة، بخلاف المناطق الجبليّة التي يستطيعون من خلالها تخزين الحبوب وتوفير الغذاء لوقت الحاجة.

محمد يقطن قرب ميناء الحديدة. ويشير إلى أنه في حال اندلاع الحرب، سينزح وعائلته إلى المناطق الجبلية أو وادي سردد، علّه يجد عملاً في مجال الزراعة. يقول: "لن يكون أمامنا إلّا مغادرة منازلنا على غرار آخرين يهربون من الحرب. لكن لا أدري إن كنت سأجد مكاناً أستطيع العمل فيه". وتعدّ مجتمعات الساحل المجاورة والمتضرّرة من الحرب شديدة الفقر. ويواجه السكان النازحون مشاكل حقيقيّة ‏بسبب انعدام وسائل العيش.



إلى ذلك، أبدت 12 منظّمة إغاثيّة قلقاً عميقاً جرّاء تزايد النشاط العسكري في محافظة الحديدة، إذ إن زيادة التوتّر الأمني ‏حول مدينة الحديدة سيؤدي إلى إيقاف عمليّات توريد الشحنات الإنسانية والتجارية إلى 10 محافظات يمنية. وذكرت، في بيان مشترك، أنّ اقتراب الحرب من الحديدة يفاقم الأزمة الإنسانية على نطاق أوسع. ففي ظلّ معاناة أكثر من مليوني طفل من سوء التغذية الحاد، فمن الأهميّة بمكان أن تظلّ الموانئ الجوية والبحرية مفتوحة للحصول على الغذاء والإمدادات الإنسانيّة، مثل الأدوية الأساسية غير المتوفرة في البلاد، علماً أن اليمن كان يستورد 90 في المائة من احتياجاته الغذائيّة.
وتزداد مؤشّرات إغلاق الميناء نتيجة تأكيد الرئاسة اليمنية بدء تجهيز ميناء مدينة عدن (جنوباً) لاستقبال السلع عبر البحر. ‏

على المقلب الآخر، تحديات كبيرة قد تواجه نحو 70 منظمة إغاثية محلية و‏دولية، تعمل في المجتمعات الساحلية المتضررة من الحرب بسبب النزوح وشدة الفقر. ويقول مصدر لـ "العربي الجديد" إنّ المنظّمات الدوليّة أخلت مكاتبها في المناطق الساحلية الغربية من الموظفين الأجانب، ليخلفهم موظفون يمنيون، وقد صنّفوا عملهم في الوقت الحالي في مرحلة الطوارئ. يضيف أن هذه المنظّمات قد تغلق ‏مكاتبها في حال زاد النشاط العسكري، أو في حال اعتبرت هذه المناطق عسكريّة. وفي هذه المرحلة، أي مرحلة الطوارئ، خفّضت المنظمات أعمال الإغاثة إلى أدنى مستوياتها، بسبب قرب انتهاء مخزون الوقود لمركباتها وإنتاج الكهرباء، وزيادة التشديد الأمني على الطرقات من ‏وإلى المجتمعات المستفيدة، وتعرّض المساعدات للنهب، بالإضافة إلى استعدادها لاحتمال الإغلاق المفاجئ.

كذلك، يتوقّع موظّفو الإغاثة أن تطول الحرب في مناطق الصراع الجديدة، ما سيؤدّي حتماً إلى زيادة نسبة المجاعة ‏وسوء التغذية بين الأطفال والأمهات. من جهة أخرى، يتوقّع ازدياد صراع النازحين والمجتمعات المضيفة على الموارد المحليّة الشحيحة ‏أصلاً.