منع تجارة الباعة المتجولين يزيد البطالة في الجزائر

29 يونيو 2016
تجارتهم الموازية محل نزاع مع السلطات (فيسبوك)
+ الخط -
"لا يوفرون لنا عملاً ويمنعوننا من العمل"، بهذه العبارة صبّ البائع المتجول سليم جام غضبه على السلطات المحلية لمدينة عنابة في شرق العاصمة الجزائرية، بعد قرار منع التجار غير الشرعيين من ممارسة نشاطاتهم في شوارع قلب المدينة.

سليم (27 عاماً)، يبيع ملابس الأطفال منذ أزيد من ثمانية أشهر، ويبحث عن لقمة عيشه بعد أن أنهى دراساته العليا في معهد الكيمياء بولاية قسنطينة. وبدأ مشوار بحثه عن وظيفة، وقضى أزيد من ثلاث سنوات كاملة في البحث، ليقع اختياره على بيع الملابس كبائع متجول. ولم يقف مكتوف اليدين، كما قال لـ"العربي الجديد"، لكنه أشار إلى أنه اليوم بين نارين: البطالة، ومطاردة السلطات له ولأمثاله ممن يسترزقون عبر تجارة متنقلة وغير شرعية.

المنع طاول أزيد من 400 تاجر غير شرعي يبيعون الملابس وسط مدينة عنابة شرق العاصمة الجزائرية، في عملية كادت أن تحول وسط عنابة إلى "رماد"، بعد أن تحولت إلى مسرح لأعمال عنف بين التجار وعناصر مكافحة الشغب.

في مفارقة صارخة تعيشها مدينة عنابة أو "بونة" التي تُعرف بجمالها وسحر طبيعتها والإمكانيات التي تتوفر فيها، إلا أنها تشهد نسبة بطالة عالية في أوساط الشباب. ويقول بلال (30 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "مدينة عنابة بإمكانها أن تكون قطباً سياحياً بامتياز، وأن تستقطب آلاف الأيدي العاطلة عن العمل، لكن لا حياة لمن تنادي".

متخرجون كثر، وكذلك شبان، فشلوا في التحصيل الدراسي، وجدوا نهايتهم الحتمية في الشارع، الحل الأولي لديهم "التجارة غير الشرعية ووضع طاولات للبيع، خصوصاً خلال شهر رمضان ومع اقتراب عيد الفطر، حيث تزدهر التجارة وتنشط عمليات البيع والشراء، خاصة للمواد ذات الاستهلاك الواسع، بالرغم من حظر وزارة التجارة مثل هذا النشاط الموازي، ومحاولة القضاء عليه منذ سنوات.

كرد فعل على منع الفرق الأمنية ممارسة تجارتهم، هاجم العشرات من الغاضبين سوق الحطاب في قلب مدينة عنابة وأشعلوا النيران فيه، تعبيراً عن غضبهم بعد إزالة طاولاتهم وعرباتهم.


وعلى إثر أعمال الشغب، أعلن بيان رسمي عن توقيف 20 شخصاً وإصابة 7 من المحتجين، بالإضافة إلى إصابة 13 من أعوان الأمن بجروح متفاوتة الخطورة، بعد تعرضهم لرشق الحجارة، نقلوا على إثرها إلى المستشفى.

وكانت وزارة التجارة أزالت، منذ سنتين، الأسواق الفوضوية، لمحاربة التجارة غير الشرعية أو الموازية، وقضت على أزيد من 120 سوقاً غير شرعي يعمل فيها أزيد من ستة آلاف تاجر غير شرعي، مع تعويضهم بمحلات مساهمة من الحكومة، بتنظيم التجارة في المناطق، خصوصا في العاصمة الجزائرية، تخللها رفض جماهيري واسع من طرف التجار الصغار، واحتجاجات عارمة.

أصوات كثيرة تنادي بضرورة تنظيم النشاطات التجارية الموازية، إذ كشف المحلل الاقتصادي عمار سعداوي لـ"العربي الجديد" عن أن التجارة الموازية ظلت منذ سنوات جزءاً من المشهد الاقتصادي في الجزائر، يجب تنظيمها ومراقبتها وإخضاعها لشروط العرض والطلب، مضيفاً أن من الواجب مراقبتها، خصوصا ما يتعلق بتجارة وبيع المواد الغذائية، معتبراً أنها أحد سبل توفير فرص العمل للشباب، وإنقاذهم من البطالة.

من جهته، يقول الإعلامي سعيد بختي، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن معالجة مشكلة البطالة عن طريق القمع والمنع والتهديد والوعيد، فهناك قوانين يجب احترامها، ومعالجة الفوضى في الأسواق الموازية كان من المفترض أن يكون قبل استشرائها وتوسعها"، موضحاً أن الضغط يولد الانفجار، وهكذا حلول لا يمكن إلا أن تؤدي بالوضع إلى التعفن أكثر فأكثر.

دلالات
المساهمون