لقاء باريس 3.. المسلمون ضحايا

لقاء باريس 3.. المسلمون ضحايا

20 ديسمبر 2015
من جلسات ملتقى باريس الثالث حول الإسلاموفوبيا (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد مرور بعض الوقت على الاعتداءات الإرهابية التي ضربت باريس وضاحيتها الشمالية، التزمت الجالية العربية والإسلامية في فرنسا وأوروبا، عموماً، حداً أدنى من الصمت، وأعلنت تضامنها مع بلدانها ومواطنيها في هذه المحنة، وأعلنت تبرؤها من عمل زمرة ضالة، لا تمثلها، بأية حال من الأحوال. وجاءت حالة الطوارئ، وإجراءاتها الزجرية، والمتمثلة في أكثر من 3 آلاف حالة تفتيش واقتحام ومداهمة، لم تَخْلُ من عنف، طاول معظمها أفراداً مسلمين أو يُفتَرَض أنهم كذلك، وأماكن عبادة ومراكز وجمعيات ثقافية إسلامية، وتسببت في تصاعد مخيف لأعمال عنصرية وإسلاموفوبية، حسب ما أكده لنا ياسر لواتي، من "التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا".
وفي هذه الظروف شهدت باريس، ومعها العديد من العواصم والمدن الأوروبية (لندن وإدنبرة وبروكسل ومدريد وأربع مدن إسبانية)، الدورة الثالثة للأيام العالمية ضد الإسلاموفوبيا، تحت عنوان، لا يخلو من إشارة إلى الاعتداءات الأخيرة: "من أجل سياسة سلام وعدالة وكرامة".
وقد تضمن لقاء باريس تنظيم مائدتين مستديرتين؛ الأولى تحدثت فيها الناشطة البريطانية، سلمى يعقوب، مُطالبة مسلمي أوروبا بالانفتاح أكثر على غيرهم، وبالتالي إعادة تحديد التحالفات، حتى يكون لرفض الحروب الغربية صدى أكبر. وتأسفت لغياب معسكر رفض الحرب في فرنسا. ورأت أن هذه التحالفات مع قوى السلام يمكنها كبح الكراهية التي يتعرض لها المسلمون في الغرب، والذين أصبحوا "هدفاً شرعياً"، في بعض الصحافة البريطانية. وتستشهد بما ورد في صحيفة الدايلي تلغرام من مقارنة المسلمين بالكلاب، أو في صحيفة صن، والتي زعمت أن خُمس مسلمي بريطانيا يؤيّدون داعش. أمّا الصحافي، ألان غريش، فتأسف لأن "الغرب لا يرى موتى الآخرين"، وأصرّ على أن "عدم إيجاد حل للقضية الفلسطينية له دور كبير في ما يجري من عنف في الشرق الأوسط وفي العالَم" 
وأكّد أن "الغرب يتعمد عدم رؤية ما يحس به المسلمون من ظلم في بلادهم، فاقَمَتْهُ ثلاثة حروب شنتها إسرائيل على غزة، في فترة وجيزة". وتحدث المفكر السويسري، طارق رمضان، عن فترة ما بعد الاعتداءات في باريس، وذهل لأنّ الفرنسيين، الذين قبلوا حالة الطوارئ، والتي أطلقت فيها أيدي الشرطة، يفعلون ما يشاؤون، يكسّرون بيوتاً مفتوحة ويخرّبون ويعتقلون، باسم مكافحة الإرهاب، من يشاؤون ومن بينهم إمام لم يدفع بعض الضرائب، "يرفضون أي نقاش"، عدا "تخصيص يوم للعلمانية". والتخبط الفرنسي عبّر عنه رئيس الوزراء فالس بعد الاعتداء على "شارلي"، حين قال: "سنحاربهم، هناك، في العراق وسورية، حتى لا يأتوا إلى شوارعنا"، وها هم قد جاءوا، يعلق رمضان. وعاب رمضان على فالس والحكومة خطابها الحربي على المسلمين بعد الاعتداءات ثم مغازلة هؤلاء قبيل الانتخابات. وتساءل: "كيف يُعقل أن تلغي حالة الطوارئ حقوق الإنسان في فرنسا؟" ورأى أن فرنسا تريد أن تجعل من مسلميها، خاصة في المساجد، وُشاةً للشرطة، علما بأن 92 في المائة من الضالعين في أعمال إرهابية لم يمارسوا الطقوس الدينية لأكثر من شهرين. وختم رمضان بأن "كل شيء في فرنسا مرتبطٌ بتدخلاتها في مالي وأفريقيا الوسطى، وموقفها من فلسطين".
ميشيل توبيرا، مسؤول رابطة حقوق الإنسان في فرنسا، حذر من نتائج حالة الطوارئ، التي صوت عليها كل النواب الفرنسيين، باستثناء ستة فقط، والتي تمنح قوى الأمن سلطة مطلقة، حيث أصبح الكلّ مهدداً في فرنسا: "بعد المسلمين جاء دور الإيكولوجيين، وغداً آخرون"، ورأى أن تصاعد الاعتداءات والأعمال الإسلاموفوبية لا تهدد المسلمين وحدهم، بل عموم الشعب الفرنسي كما تهدد حقوق الإنسان". وعاد ميشيل توبيرا إلى فكرة أسياسية تؤمن بها الطبقة السياسية الفرنسية، يمينا ويسارا، وهي "عدم ملاءمة الإسلام مع الديمقراطية"، وهذا ما عبّرت عنه كتابات جان-كلود بارو، المستشار السابق للرئيس الراحل ميتران، والتي لا تزال تراود عقول الساسة الفرنسيين، و"الذين لا يتوقفون عن لوم المسلمين، في كل مناسبة، ومطالبتهم ببذل جهود أكبر".