شبّيك لبّيك

18 مايو 2015
اثنان من الأبطال مع دكاش قبيل العرض (حسين بيضون)
+ الخط -

في ثمانين دقيقة وتحت عنوان "شبّيك لبّيك"، باح عمال وعاملات أجانب من إثيوبيا وبوركينا فاسو والسنغال والكاميرون والسودان، بما عانوه من تجارب قاسية في لبنان. معظمهم صدموا بالحياة التي فرضت عليهم أعمالاً لم يتهيأوا لها نفسياً. كانوا يتوقعون حصولهم على شروط عمل منصفة تنتشلهم من الفقر الذي أرهق أجسادهم في بلادهم، فوجدوا أنفسهم يغسلون السيارات ويعملون لساعات غير محددة، وينزّهون الكلاب، وينظفون المراحيض والشوارع في بلاد الاغتراب.

هم بحاجة إلى العمل و"العمل مش عيب" على حدّ قول آدم الذي جاء إلى لبنان تهريباً عبر سورية. هناك، أرسله المهرّب مع آخرين إلى قاع جبل وطلب منهم الركض من دون توقف لمدة ست ساعات، للوصول إلى "الجنة لبنان". يخبر: "إذا وقعت، لا أحد يعينك. عدد كبير منا وقعوا ولم يكملوا الطريق، لأن أحداً لم يساعدهم على النهوض والمحاولة من جديد". يضيف: "كان يا مكان.. كان في صبي اسمه آدم.. جاء من السودان. كان يحلم بأن يكون مثل نيلسون مانديلا، وأن تتخرج أخته من الجامعة قبل زواجها المبكر".

أمنياتا من بنغلاديش، تقول: "أجمع يومياً نفايات سكان ذلك المبنى، وبتّ أتقن تركيب قوارير الغاز وتنظيف المنازل. أتمنى لو أنني أحصل على قسط من الراحة". أما راحيل الإثيوبية فتطالب الدولة اللبنانية بحقها في الحب والزواج. تشير إلى أن: "القانون الذي أصدرته الحكومة أخيراً والذي يمنعنا من الارتباط، مجحف بحقنا. لماذا يعاملوننا كعبيد وفي بلادنا حقوقنا محفوظة أكثر منهم؟ عندنا يحق للمرأة أن تمنح الجنسية لأطفالها، وتسمح لنا دولتنا بالزواج مدنياً ممن نحب". تضيف: "الكهرباء وخطوط الهاتف لا تتوقف كما يحدث هنا في لبنان. لماذا كل هذا التكبّر والتمييز العنصري بحقنا؟".

تفاعل الحضور مع ما رواه هؤلاء العمال والعاملات من قصص وتجارب واقعية، ارتجلوها في مشاهد مسرحية لعلّ الرسالة تصل. دموعهم كانت أصدق دليل، لا سيما دموع هؤلاء النسوة اللواتي تحدثن عن عقد عمل غير مترجم وعن عدم السماح لهن بدخول المسابح بسبب لون بشرتهن. وأضفن أن الواحدة منهن تعمل كخادمة في منزل الكفيل ووالدة الكفيل وأقربائه والجيران من دون أي مقابل ولساعات طويلة. ولم ينسين الإشارة إلى أن ربة المنزل غالباً ما تحرص على اختيار عاملة منزلية بشعة، حتى لا تلفت نظر زوجها.

وهذه المسرحية التي أعدّتها وأخرجتها الممثلة زينة دكاش، معالجة الواقع عبر الدراما، بدعم من السفارة النرويجية في بيروت، كانت قد نالت نجاحاً كبيراً في ديسمبر/كانون الأول 2014. لذا أعيد عرضها يومَي السبت والأحد الماضيَين في 16 و17 مايو/أيار الجاري في فسحة "ألت سيتي" في الحمراء (بيروت)، "نزولاً عند رغبة الناس".

وتوضح دكاش لـ"العربي الجديد" أن "نظام الكفالة هو أحد المواضيع المطروحة في العرض، خصوصاً أنه يُفرض على العمال الأجانب. وقد أصبح يوظّف في بعض الأحيان بصورة كيديّة تنتهك حرية الإنسان، في ظل غياب قانون يحمي هؤلاء العمال، بالإضافة إلى تحيّز ابن البلد في الحكم على بعض الانتهاكات الإنسانية". وتشير إلى أن "شبّيك لبّيك تكشف أيضاً ما يواجهه الكفيل من صعوبات، ومنها انتهاك الخصوصية ومحاولة تقبّل واقع وجود شخص غريب لا يتحدث لغته ولا يشبه ثقافته وتقاليده ولا يعلم تاريخه وما مر به من ظروف حياتية قاسية يمكن أن تنعكس سلباً على حياة الكفيل كما المكفول".

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة العدل كانت قد عممت على كتاب العدل كتاباً صادراً عن مدير عام الأمن العام، يوجب على الكفيل تأكيد عدم وجود أي علاقة زواج أو غير ذلك تربط العامل أو العاملة بأي شخص عربي أو أجنبي مقيم على الأراضي اللبنانية قبل مجيئه إلى لبنان أو بعده.

لم يدخلوا السجون

اعتادت المخرجة زينة دكاش تقديم أعمال تشبه "شبّيك لبّيك" مع سجناء وسجينات، لكنها تلفت هنا إلى أن "أبطال هذه المسرحية ليسوا من هؤلاء، إنما كانوا وبمساعدة "حركة مناصرة العاملات المهاجرات" يتعلمون استخدام الحاسوب واللغة الإنجليزية مجاناً في منطقة الحمراء". وتوضح أن "العمل يجمع ما بين الدراما والفكاهة والإنسانية، بمشاركة عاملات أجنبيات من إثيوبيا وبوركينا فاسو والسنغال والكاميرون، إلى جانب عمال ذكور من السودان".

اقرأ أيضاً: نحن عاملات أيضاً

دلالات