دكاكين اليمن مغلقة

12 اغسطس 2016
أفلس كثير من مالكي المحال التجارية (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
أغلق أحمد طاهر (42 عاماً) دكّانه في منطقة ثعَبات في مدينة تعز اليمنيّة، بمجرّد بدء الاقتتال فيها قبل نحو عام ونصف العام. بعدها، بقي في منزله أشهراً عدّة قبل أن ينجح في الفرار من جرّاء الحصار الذي فرضته حركة أنصار الله (الحوثيّين)، إلى منطقة الحوبان الريفية في ضواحي المدينة. يقول إنّ حاله لا تختلف عن أحوال معظم مالكي المحال التجاريّة الصغيرة في المدينة، لافتاً إلى أنّه أفلس بسبب عدم قدرته على استرداد الأموال التي كان قد ديّنها لجيرانه. من جهة أخرى، فإنّ صلاحيّة السلع تكاد تنتهي.

وتعز، ثاني مدن اليمن لجهة الكثافة السكانيّة بعد العاصمة صنعاء، تُعدّ الأكثر تأثّراً بالحرب من نواحٍ عدّة، خصوصاً أنّ أكثر من 80 في المائة من مالكي المحال التجارية الصغيرة أغلقوا محالهم بسبب الحرب والحصار، بحسب دراسة أعدّتها مؤسسة حكومية حول المشاريع الصغيرة المتضررة بفعل الحرب. أضافت الدراسة، أنّ القدرة الشرائيّة تراجعت بنسبة 75 في المائة بعد مرور أشهر على بدء الحرب، علماً أنّ 40 في المائة من محتويات المحال كانت تؤمّن المواد الغذائية الأساسية للأهالي.

تجدر الإشارة إلى أنّ مصانع كثيرة كانت تمدّ هذه المحال بكل ما تحتاجه. ويشرح طاهر أنّ "الحركة التجاريّة في المدينة كانت الأكثر نشاطاً بالمقارنة مع مدن الأخرى. ومن حالفه الحظّ، استطاع نقل السلع إلى مناطق أكثر أمناً على غرار العاصمة صنعاء، وواصل عمله".

يتفاوت حجم الأضرار من شخص إلى آخر. تعمل حنان الشميري في منزلها في العاصمة صنعاء. تصنع البخور والعطور النسائية التقليدية وتحيك الملابس. تقول لـ"العربي الجديد" إنّها تتوق إلى تعلّم وسائل حفظ الأغذية من خلال تجفيفها أو تخليلها وغيرها. لكنّ الظروف الحالية أوقفت عمل المنظمات التي اعتادت تنظيم ورش عمل وتدريبات. تضيف أنّها ترغب في تعلّم وسائل حفظ الأغذية بسبب ضعف الإقبال على شراء العطور والملابس في الوقت الحالي بسبب الحرب، وتغيّر أولويات الناس. من جهة أخرى، لم تسدّد زبوناتها ديونهنّ، وبات الأمر أكثر صعوبة نتيجة الأوضاع الأمنية. والأسوأ من ذلك أنّها مديونة أيضاً لتجار اعتادت أن تشتري منهم المواد التي تلزمها لصناعة البخور والعطور. اليوم، يطالبها التجار بسداد ديونها، إلا أنّها عاجزة عن الأمر بسبب توقّف أعمالها.

إلى ذلك، يقول رئيس وحدة المنشآت الصغيرة والأصغر في الصندوق الاجتماعي للتنمية، أسامة الشامي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحرب أثّرت كثيراً على المشاريع الصغيرة في البلاد. يضيف أنّ الصندوق يُعدّ المموّل الوحيد والداعم الأكبر لأكثر من 15 مؤسسة ووكالة محليّة تموّل وتدرّب أصحاب المشاريع الصغيرة في مختلف محافظات اليمن. يتابع أنّ الصندوق "كان يخطّط خلال العام الماضي لتنفيذ 38 مشروعاً بكلفة تزيد عن 17 مليون دولار أميركي. لكنّ التداعيات الأمنيّة والاقتصاديّة للحرب دفعتنا إلى تطوير ثلاثة مشاريع فقط بقيمة 1.25 مليون دولار"، مشيراً إلى أنّ هذا التراجع أدّى إلى إغلاق آلاف المشاريع الصغيرة، وزيادة نسبة الفقر في البلاد. ويلفت إلى أنّ دراسات الصندوق أظهرت مدى تأثير الوضع الأمني على تقديم الخدمات المادية وغير والمادية وتنظيم ورش تدريبية، بالإضافة إلى توقّف عدد من فروع برامج ومؤسسات التمويل الصغيرة خصوصاً في مدن صنعاء وتعز وعدن والحديدة وإب.

ولمواجهة بعض تلك الآثار، يسعى الصندوق الاجتماعي حالياً إلى إنشاء "صندوق ضمان التمويلات"، لتكون تجربة فريدة من نوعها في البلاد تشجّع البرامج ومؤسّسات التمويل الأصغر الراغبة في تنظيم نشاطات في مناطق جديدة. وبطبيعة الحال، يساهم هذا المشروع في دعم المشاريع الصغيرة ومساعدة الأسر الفقيرة على كسب العيش في ظل الأوضاع الحالية الصعبة.

خسائر مادية
تفيد دراسة أجرتها وكالة تنمية المنشآت الصغيرة، بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بأنّ الحرب أدّت إلى خسائر مادية كبيرة، خصوصاً في المشاريع التجارية الصغيرة في مدينتَي تعز وعدن، لافتة إلى أنّ الأضرار جزئيّة بمعظمها، وتصل كلفتها إلى 23 ألف دولار أميركي (للنشاط الواحد). واحتلّت محافظة صعدة (شمال) المرتبة الأولى لناحية الأضرار بنسبة 43 في المائة، ويقدّر حجم الخسائر بـ162 ألف دولار (للنشاط الواحد).