اعتداءات على لاجئي ألمانيا

07 فبراير 2017
اليمين يقدّم دعاية سلبية ضدّ اللاجئين (لوك كلايسين/فرانس برس)
+ الخط -

أظهر الألمان مشهداً مميزاً لإنسانية التعاطي مع المهاجرين الهاربين من بلدانهم، فأين ذلك الآن؟ التقارير تتحدث عن ازدياد الاعتداءات عليهم.

حظي طالبو اللجوء بعد وصولهم إلى ألمانيا بترحيب منقطع النظير لم تشهده دولة أوروبية أخرى استقبلت مهاجرين على أراضيها. وبالرغم من ظهور أصوات منددة باستقبالهم فإنّ ثقافة الترحيب كانت أكثر شيوعاً.

لكنّ عام 2016 سجّل ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الاعتداءات التي طاولت مراكز إيواء اللاجئين وطالبي اللجوء، وأحصت الداخلية الألمانية أكثر من 1100 اعتداء بحقهم من بينها 449 حالة اعتداء على مراكز الإيواء، و654 حالة اعتداء طاولت طالبي اللجوء واللاجئين ممّن هم خارج مراكز الإيواء.

وكان المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة قد كشف أنّ عدد الاعتداءات على مراكز الإيواء في ألمانيا بلغ رقماً قياسياً، وأنّ أغلب الاعتداءات كانت بدوافع سياسية. كذلك، يتوقع مكتب مكافحة الجريمة أنّ الوضع سيزداد سوءاً مع زيادة أعداد اللاجئين في البلاد. ويشير المكتب إلى أنّ أدوات الجريمة التي تستخدم من قبل المعتدين باتت أكثر خطورة، إذ يستخدم المتطرفون الهراوات وكرات الصُلب والحمض (أسيد) والحرق، بالإضافة إلى حادثة إطلاق نار من بندقية صيد. كذلك، تتخوّف السلطات الألمانية من إغلاق متطرفين الشوارع وتعطيل حركة القطارات كي لا ينقل المهاجرون إلى مراكز اللجوء. وأفادت عدة تقارير لمركز "كوريكتيف" للأبحاث ومجلة "دير شبيغل" بأنّ العديد من مرتكبي الاعتداءات لا يعاقَبون، وفي بعض الأحيان تكون العقوبة بمثابة غرامة أو السجن مع وقف التنفيذ.

وكانت منظمة العفو الدولية قد اتهمت الحكومة الألمانية بالتقصير في حماية اللاجئين، واعتبرت أنّ مراكز اللجوء "غير آمنة"، وهذا ما يسبب استمرار الاعتداءات على اللاجئين هناك. وطالبت بتنفيذ خطة أمنية جيدة لمنع مواصلة الاعتداءات.




من جهتها، كشفت صحيفة "تاغس تسايتونغ" الألمانية في تقرير لها أنّ عدد الاعتداءات التي استهدفت مراكز اللاجئين لدواعٍ عنصرية أكبر بكثير مما هو معلن في الدوائر الرسمية. وبحسب تقرير للمكتب الفيدرالي لمكافحة الجريمة فقد سجّلت 66 عملية إضرام نيران في مراكز اللاجئين منذ بداية عام 2017، بالإضافة الى أربع عمليات أخرى استخدمت فيها مواد متفجرة.

وتشهد ألمانيا موجة قلق في هذا الصدد، إذ هناك مخاوف من ارتفاع وتيرة هذه الهجمات وازدياد حدّتها لتصبح أكثر وحشية وأن تصل إلى حدّ وقوع جرائم قتل تطاول اللاجئين. هذا التوتر يرفع أصوات مواطنين يؤكدون رفضهم الاعتداءات. تقول سيمونا كروتسكي، وهي سيدة ألمانية تساعد اللاجئين منذ بداية تدفقهم إلى ألمانيا: "أساعدهم لأنّني أريد أن أريهم الطريق الأفضل لينجحوا في ألمانيا وليعرفوا تفاصيل الحياة كي يندمجوا بشكل أسرع. لن أتخلّى عن المساعدة لأنّهم في حاجة إلينا، وكل ما أسمعه عن اعتداءات تطاولهم يحزنني، لكنّني متأكدة أنّ الألمان يرفضون هذه العنصرية بغالبيتهم".

في المقابل، يشعر اللاجئون بتهديد حقيقي. يعبّر مالك (28 عاماً) وهو طالب لجوء سوري يعيش في مركز إيواء في مدينة كولن الألمانية منذ سنة، عن قلقه من أن تطاول الاعتداءات المركز الذي يقيم فيه: "لا أستطيع أن أغمض عينيّ ليلاً خوفاً من إشعال أحدهم النار بنا ونحن نائمون. لذلك، أسهر طوال الليل وأراقب الخارج من نافذتي وأنام في النهار".

محاولات دمج مستمرة (شون غالوب/ Getty)


أما صفاء التي هربت إلى ألمانيا مع زوجها وابنتها خوفاً من الاعتداء عليها في مدينة الرقة السورية، فتقول: "عندما أخرج إلى السوق أتلفّت خلفي طوال الوقت خوفاً من ضرب أحدهم لي، خصوصاً أنّني محجبة، وقد اعتدي بالفعل على فتاة تقيم معنا في المركز، عندما شدّها شاب من حجابها في الشارع".

من جهته، يقول المتحدث باسم مؤسسة أماديو أنطونيو التي تنشط ضد العنصرية وكراهية الأجانب والتطرف اليميني في ألمانيا، روبرت لودكه، أنّ الخوف الدائم لدى اللاجئين سيولّد لديهم ردود فعل سلبية في المستقبل، خصوصاً أنّ لديهم تراكمات من بلدانهم. يتابع: "لذلك، يجب على الدولة العمل على الحد من هذه الهجمات ضد اللاجئين، فمساعدتهم في تخطي هذه المخاوف ليست سهلة".

يعتبر لودكه أنّ الحلّ لهذه الأزمة هو في يد السلطات المحلية التي يجب عليها أن تشرك المواطنين في القرارات وأن تشرح لهم سبب قدوم اللاجئين وأن تعلمهم بالمخاطر والصعوبات التي جعلت هؤلاء يلجؤون إلى ألمانيا. ويشير إلى أنّ هذه الطريقة في حاجة إلى موظفين ينشطون في رعاية الحوار بين المواطنين واللاجئين من أجل التقليل من موجة الكراهية والمخاوف غير العقلانية لدى بعض المواطنين.

المساهمون