كشفت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، يوم الثلاثاء، بأن "81% من الأطفال الفلسطينيين الأسرى المعتقلين لدى الاحتلال الإسرائيلي حتى منتصف العام الجاري، تعرضوا للتفتيش العاري، و11% تعرضوا للشبح".
وأظهرت البيانات التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران من العام الجاري، أن قوات الاحتلال عرّضت ثُلثي الأطفال الذين اعتقلتهم إلى الإساءة اللفظية والإهانة والتخويف.
وأكدت الحركة في تقرير صادر عنها، وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد"، أن هذه ممارسة يضطر فيها الطفل إلى البقاء في وضع ضاغط على منطقة معينة من جسده، كما أن ثُلثيهم لم يتمكنوا من الحصول على المشورة القانونية قبل التحقيق، كما لم يحضر الوالدان التحقيق إلا في ثلاث حالات فقط.
وقالت الحركة إن "ارتفاع عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي أدى إلى تصاعد الانتهاكات لحقوقهم، أثناء عملية الاعتقال في النصف الأول من عام 2017، مما كان عليه في السنوات الأخيرة".
ووفقا للبيانات الصادرة عن مصلحة السجون الإسرائيلية، فقد بلغ عدد الأطفال المعتقلين في نهاية مايو/أيار من العام الجاري 331 طفلا، أي بزيادة نسبتها 62% عن معدل الأطفال الذين كانوا يحتجزون في السجون الإسرائيلية في نهاية كل شهر، والذي بلغ 204 أطفال، وفقا لبيانات مصلحة السجون الإسرائيلية بين الأعوام 2012 و2015.
وأظهرت الوثائق، التي حصلت عليها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استمرت في تجاهل حقوق الأطفال الفلسطينيين أثناء اعتقالهم، من خلال ممارسات مثل استخدام العنف الجسدي، والشبح، وأشكال أخرى من التعذيب وسوء المعاملة، وكذلك حرمانهم من استشارة محام.
وقال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، عايد أبو قطيش، "إن التعذيب وسوء معاملة الأطفال الفلسطينيين، في نظام الاحتجاز العسكري الإسرائيلي، ما زال منتشرا ومنتظما منذ أكثر من عقد".
وأشار إلى أنه "في ظل غياب معايير المحاكمة العادلة وانتشار سوء المعاملة والتعذيب على نطاق واسع ضد الأطفال الفلسطينيين، يظهر نظام تحكم بعيدا عن العدالة".
ومن بين 69 طفلا قدموا إفادات مشفوعة بالقسم للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، شرحوا فيها تفاصيل تجاربهم خلال الاعتقال، قال 49 طفلا إنهم تعرضوا للعنف الجسدي على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ومن بين أصغر الأطفال الفلسطينيين الذين تعتقلهم قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العام، "صهيب س" البالغ من العمر 12 عاماً من مخيم الجلزون بمحافظة رام الله والبيرة، الذي اعتقل بتهمة رشق الحجارة صوب قوات الاحتلال، وخلال اعتقاله طرحه الجنود أرضاً وضربوه وجرى تكبيل يديه خلف ظهره وتعصيب عينيه، كما تعرض للشتم أثناء نقله إلى مركز الشرطة في المنطقة الصناعية الاستيطانية الإسرائيلية "شعار بنيامين"، جنوب شرق رام الله، وهناك خضع للتحقيق وبقي دون طعام لمدة 24 ساعة على الأقل.
وفي حالة أخرى من التعذيب وسوء المعاملة، اعتقل الطفل "دريد. ب" البالغ من العمر 16 عاما، من منزله في قرية بيتا جنوب نابلس بمنتصف الليل.
وقال الطفل دريد، إن ضابطاً إسرائيلياً هدده بسكب مادة ساخنة على رأسه، كما وجه له عدة لكمات على معدته خلال فترة نقله إلى مركز الاعتقال التي استمرت 30 دقيقة.
وفي إحدى الحالات التي قد تصل إلى حد التعذيب، قام محقق إسرائيلي بإمساك الطفل "أنس. م" البالغ من العمر 13 عاما من عنقه وحاول خنقه.
ومنذ نهاية عام 2015، ارتفع عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير، وفي نهاية آذار من عام 2016، كان هناك 444 طفلا فلسطينيا في سجون الاحتلال، وهو أعلى عدد معروف منذ يناير/كانون الثاني 2008 عندما بدأت إدارة سجون الاحتلال بالإفصاح عن بيانات الأطفال المعتقلين.
وأكدت الحركة العالمية أن دولة الاحتلال تعتبر البلد الوحيد في العالم الذي يحاكم بشكل منهجي ما بين 500 و700 طفل سنويا، بعضهم لا يتجاوز 12 عاما، أمام المحاكم العسكرية التي تفتقر إلى الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة.
ويُتهم معظم الأطفال الفلسطينيين المحتجزين برشق الحجارة، وبالإضافة إلى الإيذاء الجسدي والنفسي الذي يتعرضون له أثناء الاعتقال والاحتجاز، فإن الاعترافات التي يتم الحصول عليها بالإكراه والتعذيب تستخدم من قبل المدعين العامين العسكريين الإسرائيليين بشكل روتيني لإدانتهم، وفقا لوثائق الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
وقالت الحركة العالمية إن "المعايير الدولية لقضاء الأحداث، التي التزمت إسرائيل بتنفيذها من خلال التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عام 1991، تطالب بعدم حرمان الأطفال من حريتهم إلا كملاذ أخير، وأن مصلحة الطفل الفضلى يجب أخذها بعين الاعتبار".
كما رأت أن الحظر الشامل والمطلق ضد التعذيب المكرس في القانون الدولي، يعني أنه لا يجوز إخضاع أي طفل أو بالغ للتعذيب أو لغيره، من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية، أو اللا إنسانية، أو المهينة.
وأثارت هيئات معاهدات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بانتظام، موضوع إساءة معاملة وتعذيب الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقد أعربت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عن قلقها في مايو/أيار عام 2016 عقب ادعاءات حول إساءة معاملة وتعذيب الأطفال الفلسطينيين المعتقلين.
وفي يونيو/حزيران 2013، استعرضت لجنة حقوق الطفل امتثال إسرائيل لاتفاقية حقوق الطفل، ووجدت أن الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي "يتعرضون بشكل منهجي لمعاملة مهينة، وأحيانا ما يتعرضون للتعذيب"، وأن إسرائيل "تجاهلت تماما" التوصيات السابقة للامتثال للقانون الدولي.
وقد كان للتعديلات التي أدخلت مؤخرا على القانون العسكري الإسرائيلي، في ما يتعلق بالأطفال المعتقلين، أثر بسيط لا يكاد يذكر على معاملتهم خلال الـ 24 أو الـ 48 ساعة الأولى بعد الاعتقال، حيث يحدث معظم التعذيب وسوء المعاملة على أيدي الجنود والشرطة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية.