غزيون في ثلاجة البيوت المؤقتة

غزيون في ثلاجة البيوت المؤقتة

09 ديسمبر 2015
يتوقون إلى الدفء (محمد الحجار)
+ الخط -

قيل إنها بيوت مؤقّتة تُعرف بـ "الكرفانات"، وقد منحت للذين دُمّرت منازلهم بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. قيل لهم أيضاً إن إقامتهم فيها لن تتجاوز العام، إلى حين إعادة بناء منازلهم التي دمرت. هذا الوعد البسيط لم يتحقق. وفي ظل موجة الصقيع التي تضرب قطاع غزة هذا الأسبوع، تزداد معاناة القاطنين في الكرفانات، ويقول البعض إنهم عاجزون عن تحمّل المزيد.
باتت مناطق الكرفانات، الموزعة بين شرق خانيونس ورفح والشجاعية وبيت حانون أشبه بساحة موت. يخشى كثيرون أن يقتلهم البرد. لا جدوى من استخدام الأغطية أو إشعال النار. هؤلاء يعيشون في ثلاجات، ولا مبالغة في هذا الوصف. ماذا يكون حال المرضى الذين يعيشون في هذه الكرفانات؟

رانيا أبو موسى (45 عاماً) هي إحدى هؤلاء وتعاني من مرض في القلب. تعيش وأسرتها في الكرفان في شرق بلدة بيت حانون منذ أكثر من عام. قبل فترة، قصدت الطبيب بعدما اشتكت من مضاعفات في ظل موجة الصقيع التي ضربت البلاد أخيراً.
تقول لـ "العربي الجديد" إن "حالتي النفسية الصعبة تزيد من معاناتي. أخاف من البرد. كما أن الصقيع ينهش أجسادنا"، لافتة إلى أن "الجو داخل الكرفان أكثر برودة من الخارج". وعلى الرغم من محاولة رانيا البحث عن شقة للإيجار لتمضية فصل الشتاء فيها، إلا أنها عجزت عن ذلك بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، ما اضطرها وعائلتها إلى البقاء فيه. وأكثر ما يقلقها هو عدم توفر جميع الأدوية التي تحتاجها، علماً أن صحتها قد تتدهور في أي لحظة بسبب البرد.

في كلّ ليلة، يشعلُ سكّان الكرفانات الحطب للتدفئة. إلا أن بعض الأطباء نصحوهم بعدم إشعالها، لأنّهم سيشعرون بالبرد مجدداً بمجرّد العودة إلى الكرفان، ما سيؤدي إلى إصابتهم بالأمراض، وبالتالي ضعف مناعتهم.

في كرفان آخر في أقصى بلدة خزاعة في خانيونس، يعاني أبو إياد حرز من مرض الربو، ويشكل الطقس البارد خطراً على صحته. من جهة أخرى، يبدو خائفاً على ابنته التي تبلغ من العمر أسبوعين فقط، علماً أن تدفئة الكرفان في ظل موجة الصقيع يعد أمراً شبه مستحيل. يقول لـ "العربي الجديد" إن "المرضى في حاجة إلى هواء نقي. لكن في منطقتنا، ليس هناك إلا روائح كريهة. كما أن الطقس المتقلّب يؤدي إلى الإصابة بالأمراض"، لافتاً إلى أن طفلته قد تكون أكثر تأثراً.
ويلفت حرز إلى أنه خلال عاصفة هدى التي ضربت البلاد العام الماضي، توفيت ابنة أخته التي كانت تبلغ من العمر ستة أشهر، بالإضافة إلى عجوز تبلغ من العمر 67 عاماً. كذلك، أصيب آخرون بالأمراض نتيجة البرد.
أما أبو محمد رضوان (53 عاماً)، الذي يقطن مع أسرته المكوّنة من سبعة أشخاص في أحد الكرفانات التي حصل عليها نهاية العام الماضي، فيبدو حريصاً على متابعة حالة الطقس في وسائل الإعلام بشكل يومي، خوفاً من شتاء وصفته هيئة الأرصاد الجوية الفلسطينية بأنه سيكون قاسياً في قطاع غزة، بسبب قربه من البحر.

كانَ رضوان قد عمل على تحصين كرفانه استعداداً لأي موجة صقيع قد تضرب خانيونس حيث يعيش. وضع طبقات من النايلون وقد ثبتها بأكياس الرمل، لافتاً إلى أنه الحل الوحيد لمواجهة الأمطار والعواصف. لكنه لم يتوقع موجة الصقيع هذه. يقول لـ "العربي الجديد" إن "الحياة في الكرفان صعبة جداً صيفاً وشتاء". يضيف: "أكثر ما ضايقني رؤية أطفال يرتجفون من البرد. أبحث عن أي وسيلة للتدفئة لكن من دون جدوى".
ويحمّل رضوان حكومة التوافق مسؤولية استمرار معاناة مئات العائلات في الكرفانات، مشيراً إلى أنهم يتواصلون بشكل دائم مع عدد من الجهات المحلية والدولية لتسريع عملية إعادة الإعمار.

اقرأ أيضاً: "هدى" لم ترحم الغزاويّين