ماريو بنيديتي.. لقاء في مقبرة مونتيفيديو

ماريو بنيديتي.. لقاء في مقبرة مونتيفيديو

04 يونيو 2014
بنيديتي مع زوجته لوس
+ الخط -
ستَّون عاماً قضاها الشاعر والكاتب الأوروغوياني ماريو بنيديتي (1920 - 2009) مع زوجته لوس لوبيس أليغري (1921 - 2006) كانت كفيلة بتعلقه بها حتى في مماته. ورغم السنوات الخمس التي قضاها رفاتهما منفصليْن إلا أنَّهما عادا فاجتمعا منذ أيام في الفسقية 148، في مقبرة مونتيفيديو المركزية.

لقد قرَّر بنيديتي أن يقضي مماته مع زوجته تماماً كما قضى معها حياته. بيد أن الكاتب المتوفّى لن يضطر إلى الابتعاد عن زوجته مجدّداً كما فعل إبان الحكم العسكري الفاشي الذي مرَّ على الأوروغواي.

ربّما كانت وصيّة الكاتب بالبقاء إلى جانبها نوعٌ من تعويضها عن سنوات قضاها بعيداً عنها في المنفى. ولم يكن للحكومة الأوروغويانية إلا أن تستجيب لرغبة كاتبها الأبرز، بعد أن احتفظت برفاته خمس سنوات في المدفن القومي المخصّص للشخصيات الأهم في البلاد.

ولا يبدو هذا الوفاء غريباً على الشاعر الذي لم يستسلم أمام ذاكرة زوجته المصابة بألزهايمر. تلك الزوجة التي عرفها الكثيرون بشخصية مستقلَّة واضحة، لم تعش أبداً في ظلِّ زوجها الكاتب الأشهر، ولا في انعكاسات الأضواء عليه.

صديق بنيديتي الأقرب دانييل فيجليتي، قال إن نقل رفات كلّ منهما إلى فسقية واحدة هو شكل من أشكال "تلافي الموت ومواجهته بإيماءة لانهائية، واستمرارية رمزيَّة للمشاعر العميقة التي وحّدت لوس وماريو على مدى ستَّة عقود".

منذ العام 1946 لم يفترق الزوجان إلا حين اضطر الشاعر إلى مغادرة الأوروغواي بسبب رزوحها تحت الحكم العسكري الفاشي (1973 - 1985). لقد كان هذا المنفى بالتَّحديد، إضافة إلى أسفار الزوجيْن وأوقات لقائهما موضوعاً رئيسيّاً لكثير من قصائده وقصصه.

بنيديتي كان كاتبا شاملاً، إذ كتب 80 مؤلّفاً في الشعر والرواية والقصة القصيرة والمقالة، وتُرجم إلى أكثر من 25 لغة. وتحت اسم مستعار هو "داموكليس"، نشر عدداً من الأخبار والقصص السّاخرة في الجريدة الأسبوعية "مارشا" ومجلة "بيلودورو"، كما كتب كلمات العديد من الأغاني.

بانتقال رفاته إلى فسقية لوبيس، يكون بنيديتي قد كتب قصَّته الأخيرة، لكن هذه المرَّة برماده. قصائد كثيرة استوحاها الشاعر من غربته عن لوس، الأرجح أن قصيدة "حبٌّ مسائي" واحدةً منها.


حبٌّ مسائيّ

محزنٌ أنَّكِ لستِ معي
حين أنظر للساعة وتكون الرابعة
أوقف جدولي وأفكر لعشر دقائق
أمدِّد رجليّ كما أفعل كل مساء
وأُرخي أكتافي لأريح ظهري
أضم أصابعي ثم أُخرِج منها الأكاذيب.

محزنٌ أنك لست معي
حينما أنظر إلى السَّاعة وتكون الخامسة
وأنا المقبض الذي يحسب الفوائد
أو اليدان اللتان تقفزان على أربعين مفتاحاً
أو أُذنٌ تسمع عواءَ الهاتف
أو رجلٌ يصنع الأرقام ويخرج منها حقائق.

محزنٌ أنك لست معي
حينما أنظر إلى الساعة وتكون السادسة
كان يمكنك الاقتراب مني ومفاجأتي
بسؤال "كيف حالك؟"
وكنا لنبقى
أنا باللطخة الحمراء من فمك
وأنتِ بالقضيب الأزرق المتفحِّم.

المساهمون