واقع بنسختين

08 اغسطس 2015
لقطة من "عرق البلح"
+ الخط -

قدّمت السينما المصرية نسختين من "الواقعية"؛ الأولى تُوظفها الأنظمة المتعاقبة، وتحظى بدعاية ورعاية رسميتين لأصحابها حتى لو بشّروا بالخراب، في أعمالهم، إذ بإمكانهم الانقلاب سريعاً وتسويق الأنظمة ذاتها بمجرد تبديل الوجوه، والثانية تُتهم بالنخبوية من أجل حجبها عن الناس، لكنها تخلد في الذاكرة لتستعيدها لحظة وجع.

تحتشد أفلام خالد يوسف بأيقونات تومئ إلى ميوله الناصرية القومية، وتكرار قوله إن الأوضاع ساءت مذ تغيّر نهج الحكْم وفرْض سياسات الانفتاح الاقتصادي، فيسهب في نقده الظلم والفساد السياسي وأثرهما في انحدار المنظومة الأخلاقية التي تسيّر المجتمع.

الجموع الغاضبة تنزل إلى الشوارع، وتمارس أعمال التخريب، في فيلميه "دكان شحاته" و"هي فوضى" (اشترك في إخراجه مع يوسف شاهين)، ويصرّ النقاد والإعلام والمخرج نفسه على أنها نبوءة بالثورة، رغم الفارق الشاسع بين الاحتجاج المنظم، والفوضى، الذي غيبه الفيلمان، والأخطر أن تقوده "واقعيته" إلى الترويج لسلطة تحافظ على نهجها القديم.

بعيداً عن الضجيج والشعارات، تحضر مصر ممثلة بصعيدها في فيلم "عرَق البلح" للراحل رضوان الكاشف، خالية من شبابها المغترب بحثاً عن لقمة العيش في الخليج، بينما يحفر التخلف عميقاً في مجتمع لا يحتمل حب أحمد وسلمى، فيُنصح العاشق بالصعود إلى نخلة عالية ثم يقومون بقطعها ليموت.

نسختان للواقعية تمتدان إلى المجتمع، الأولى جذابة بأوهامها، والثانية جارحة بحقيقتها!

المساهمون